السبت، 13 يوليو 2013

حنان نويصري.. محامية ليبية مهددة


حنان نويصري.. محامية ليبية مهددة


13/7/2013
hnn[1]

“لم أعد أعيش حياة طبيعية ولا أشعر بالانتماء لوطني بعدما حدث لي”، هكذا اختزلت المحامية الليبية حنان مصطفى نويصري حالها عقب الذي تعرضت له يوم الرابع من يونيو الماضي، موضحة: “فقدت الشعور بالأمان، انتهكت حريتي في ممارسة المهنة، تجاهلني الإعلام الليبي واكتفى بالتفرج من حضر واقعتي، فأي إحساس بالحماية يتبقى لي حين تصبح القوة بقبضة الظالم؟”.

أم أجنبية وأب ليبي

حنان مصطفى نويصري، تمارس المحاماة منذ 16 سنة ومنضمة تحت لواء منظمات دولية تهتم بحقوق الأطفال خصوصاً وحقوق الانسان بشكل عام. وهي من مؤسسي جمعية “أنصار حقوق الطفل الليبي” في بنغازي التي يترأسها والدها، وللجمعية فرع في طرابلس الآن أيضاً. تترافع نويصري منذ ست سنوات تقريباً في القضايا المتعلقة باختطاف الأطفال المزدوجي الجنسية، وهم أطفال من أب ليبي وأم أجنبية. يعتبر قانون الأحوال الشخصية الليبي من أكثر القوانين إنصافا في العالم العربي، كما تشهد نويصري بذلك. القانون الليبي يمنح الأم الأجنبية حق حضانة ابنها الليبي إن هي بقيت في ليبيا ولم تقم بتحييد الطفل عن دين والده. وهذا النوع من القضايا التي تخصصت فيها نويصري بنجاح، عرّضها لمشاكل كثيرة، بل وللتهديد والاعتداء مرات متكررة، معنوياً ولفظياً وجسدياً. “هناك صدام ثقافي، فالناس لا يقبلون أن تكون للأم الأجنبية حقوق داخل ليبيا، كما أن التعصب العقائدي يلعب دوراً ايضاً، لدرجة أن الأم الأجنبية تظل مرفوضة حتى وإن أسلمت بعد”، توضح نويصري.

أمهات اسكندنافيات وآباء ليبيون

أغلبية أمهات أطفال الليبيين الأجنبيات من المنطقة الإسكندنافية، وتحديداً من السويد والنرويج. فتحت هتان الدولتان في الماضي أبوابهما فترة للشباب الليبي ليعمل بها بتسهيلات كبيرة. في تلك الفترة حدثت زيجات مختلطة متعددة ونتج عنها أطفال. ولكن ما حدث بعد ذلك أنه “وبمجرد ما يحصل الأب الليبي على الجنسية، يعود بأطفاله دون أمهم إلى ليبيا”، تقول نويصري، التي عالجت عدداً هائلاً من هذا النوع من القضايا، ولديها الآن بمكتبها 15 قضية أخرى، غير تلك التي تنتظر النظر فيها. من تلك القضايا التي تنتظر، قضية أم سويدية، حكمت لها المحاكم في السويد وليبيا بالحضانة الكاملة والجزئية ، ولكن هناك امتناع عن التنفيذ لحد الآن. “القضاء الليبي جهاز معطل في ليبيا. إذا كان القاضي يشعر بالخوف والرعب وإذا كان المحضر لا يستطيع إيصال الإعلانات للخصوم، وإذا كان وكيل النيابة يتعرض يوميا للتهديد، وإذا كان المحامي يضرب، فكيف للجهاز أن يشتغل؟

الواقعة، ما والواقعة؟

“الواقعة صارت في منطقة يخاف منها الجميع”، تقول نويصري، “ولذلك ساد التعتيم الإعلامي “كما أنه لم تتخذ أي جهة رسمية أي موقف من أي نوع، بما في ذلك النائب العام ونقابة المحامين التي تقدمت لها نويصري بشكوى في طرابلس وفي بنغازي. بمجرد ما استلمت نويصري القضية – قضية أم أوروبية تطالب بحقها في حضانة ابنها- قامت بتقييد الدعوى وتحديد جلسة، وأبلغت خصمها المقيم بمصراته بتاريخ الجلسة. اتصل الخصم بنويصري بعد أن وصله البلاغ، وهددها قائلا: ” إذا استمررت في الدعوى، فسيكون ذاك اليوم آخر يوم في حياتك. ولا يجوز أن يرفع في ليبيا هذا النوع من القضايا وبالخصوص ضد شخص من مصراته تحديدا”، هذا ما تحكيه نويصري مواصلة: “وهددني بألفاظ نابية واتصل بوالدي وابلغه نفس التهديد”. وضحت نويصري للأب المصراتي أنها لا تريد أن تأخذ منه ابنه وأن أم طفله الأوروبية التي كانت زوجته لسبع سنوات، مستعدة للإقامة في ليبيا مع ابنها ومن حقها الزيارة. وبينت له عبر محاميه أن لا مانع في المصالحة برضا الطرفين. وتسرد نويصري أنه يوم الجلسة، حضرت موكلتها وأحد الشهود ووالدها كمترجم. بعد الجلسة، دخلت نويصري بسيارتها بالقرب باب المحكمة. فتح لها خصمها الباب وطلب منها أن تنزل. حين رأى والدها ذلك، هرع اليهما وطلب من الخصم أن يترك ابنته، فما كان منه إلا أن صفعه مرات. ثم حضر للتو اثنان آخران من رفاقه وصعقا والدها بالكهرباء في عنقه فسقط على الأرض. استغاثت نويصري بالناس وبالشرطة القضائية بالمحكمة. ولكن ولخيبة أملها الكبرى، تقول: “وتجمع الناس حولنا يتفرجون. كان منظرا لا اجد له تفسيرا. لا أعرف ماذا أصاب المجتمع. كنت أحدق في أبي مطروحا على الأرض وهم يرفسونه بأقدامهم ويسيرون فوقه بأحذيتهم والدم يسيل من أنفه وإصابات في وجهه وجسده ينزف .ويعيدون صعقه بالكهرباء كل مرة. اقتربت منه وحاولت أن أسحبه معي، فلكموني وأسقطوني أرضاً. قال واحد من الوقوف المتفرجين وأنا اصرخ وأستغيث: “على الأقل غطي شعرك يا امرأة” قلت له: “ألم يستفزك منظر رجل يضرب ويعذب وينزف دما واستفزك شعري؟ أنت من تحتاج لتغطية رأسك لأنه تنقصك النخوة”. وضعوا والدها بالسيارة وانطلقوا به إلى مكان مجهول. هرولت نويصري إلى المحكمة واشتكت للقاضي فقال لها: “لا أستطيع أن أفعل شيئاً”. تقول نويصري مضيفة: “أمضيت ساعة بالمحكمة منهكة على مقعد. يمر زملائي بي وأعضاء النيابة والناس الموجودين هناك، يحدقون بي ويمضون دون أن يوجهوا لي كلمة واحدة. بعد ساعة جاءني واحد من الشرطة القضائية، وقال لي سيصل بعضهم من المجلس المحلي من مصراته. وجاءوا وطمأنوني وقالوا سيعيدون لي والدي. وبعد مرور ثلاث ساعات أعادوه. وكان في حالة سيئة جدا. أوداجه محروقة وعنقه أيضاَ وعينه متلفة تقريبا . كتفوا يديه ورجليه ووضعوه على بطنه أرضاً وكانوا يدوسون عليه مع رسالة شديدة اللهجة، أن يقفل الجمعية ويتوقف عن ممارسة العمل التطوعي وأن يثني ابنته على تبني هذا النوع من القضايا. وإلا.. فالخطوة المقبلة هي القتل وهم قادرون عليه”. وتؤكد نويصري أنه لم يتم القبض على الأشخاص الأربعة الذين تهجموا عليها وعلى والدها رغم أن الشرطة العسكرية في مصراته عرفت مكانهم واستلمت والدها منهم.

لا وطن لي

“لا يمكن ان تستمر الحياة هكذا”، تقول نويصري، “أهنت على الملأ أمام متفرجين، والناس في مجتمعك لا موقف أو رد لديها أمام الظلم، والجهات المختصة تعجز عن اتخاذ أي اجراء بما فيها النائب العام او نقابة المحامين. بل ان النائب العام في طرابلس رفض مقابلتي بالرغم من ان ملفي كان على مكتبه”. أما الحكم في تلك القضية إياها، فلم يكن منصفاً، تقول نويصري. وكان الحكم يميل للجهوية أكثر منه إلى الإنصاف والعدالة.

المصدر:  كريمة إدريسي- إذاعة هولندا العالمية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق