الوضع في مصر، على المستوى
المؤسساتي على الاقل، افضل من الوضع في ليبيا ، الا ان الشعب المصري ادرك
مبكرا ان السلطات تضيع الوقت ، وان الوضع يتدهور والمشاكل تتعاظم ، ولا
يوجد في الافق ما يمكن ان يعكس هذا الوضع في اتجاه ايجابي ، ومن ثم انطلقت
مبادرة الشعب للتمرد على السلطة العبثية التي اساءت الى مكانة مصر وبدأت
تقودها نحو الهاوية ، وتدخل الجيش في الوقت المناسب ليمنع وقوع الكارثه ،
وتصحيح مسار ثورة 25 يناير.
الوضع في ليبيا اسوا بكثير من
الوضع في مصر، غير ان الاموال الطائلة التي تصرف دون رقيب او حسيب تحجب
الرؤية، وتعطي الانطباع بان الامور جيدة ، رغم اننا نبتعد كل يوم اكثر
فأكثر عن بناء الدوله واقامة المؤسسات، مرغمين منصاعين لرعبة اولئك الذين
تمتلي ايديهم وبيوتهم بالسلاح، وتخلو عقولهم من الحكمة و الخبرة وحتى
الاخلاق و المرؤه في بعض الاحيان، ويتراكضون لتولي المناصب العليا، مصرين
على تنفيذ بدعة الجمهرة التي نادى بها الطاغيه، غير مدركين ان الحضارة قامت
على التخصص وتقسيم العمل، ولسوء الحظ امتلأت حسابات قادتهم بالملايين،
وليس من المستبعد ان تشكل خطرا على البلاد في السنوات القادمة، لا يقل عن
خطر الاموال التي هربها الطاغيه واعوانه ، ولا تجد من يهتم بها ، وتركت
لينعم بها اعداء الشعب الليبي دون اي اجراء جدي لرصدها و العمل على ارجاعها
. مصر تمتلك جيشا محترفا وقويا، وكان دوره حاسما في
السيطرة على الوضع ومنع الفوضى ، اما في ليبيا فلا توجد قوة شرعية يمكن ان
تقوم بذلك ، وتساعد على تصحيح مسار ثورة 17 فبراير ، ومن ثم تقع المسؤوليه
على المؤتمر الوطني العام للتصرف بطريقة مختلفه، من خلال إتخاد اجراءات
حاسمة قبل تفجر الوضع .
واي اجراءات تتخد يجب ان تاخد
في الاعتبار تجربة السنتين الماضيتين الضائعتين ، وتساعد في الاسراع بانجاز
التحول الديمقراطي، و اقامة مؤسسات ثابتة وقويه في اطار حكم القانون و
الشفافيه والمحاسبه ، وفي نظري ان تلك الاجراءات يجب ان تشمل ما يلي
: 1 – تجميد عمل الاحزاب الى ما بعد اعتماد الدستور و اصدار قانون الاحزاب .
2 – اصدار قانون بصلاحيات رئيس الدوله، و تنظيم انتخابات رئاسية في اقرب
وقت ممكن لايجاد قيادة شرعية تحظى بالاحترام على المستوى الوطني والدولي .
3 – تشكيل هيئة دستوريه من الخبراء الوطنيين والسياسيين تدعمها بعثة الامم
المتحدة في ليبيا لادخال التعديلات الضروريه على الدستور المعمول به قبل
عام 1969 ، والاتفاق على العمل به بصورة مؤقته الى حين اعداد و اعتماد
الدستور الجديد . 4 – منح الحكومة السلطات التنفيذية الكامله وحصر دور المؤتمر الوطني في الجانب التشريعي الى حين انتخاب الرئيس .
الغالبية الصامته اقتربت من اليأس وتريد عملاً عاجلاً و حاسماً لفرض الامن
وتجنب اراقة المزيد من الدماء والخروج من حالة الجمود التي تجاوزت كل
التوقعات ، فلا يعقل بعد ما يقرب من السنتين مازالت البلاد تدار بطريقة
بدائية دون نظام حكم محلي ، و دون مؤسسات راسخة ، و لم يتم تنشيط الاقتصاد
او خلق اي فرص عمل ، و بقى خريجو الجامعات دون تعيين، بينما يحصل الكثير من
الحذاق عديمي الدين والاخلاق على اكثر من مرتب ، و تدفع للمسلحين مرتبات
اعلى بكثير من مرتبات الجيش و الشرطه، ( ربما لتشجيعهم على محاربة انشاء
الجيش واعاقة تفعيل الشرطه )، وهذا قليل من كثير .
القرارات الحاسمه تحتاج الى
شخصيه تحظى بالشرعيه والشجاعه ، تخاف على الوطن ولا تخاف من البشر ، تخشى
الله و تتقيه في شعبها ، و تسعى الى الخير وتعمل من اجل تحقيقه للجميع ،
وهذا لا يتحقق الا في رئيس منتخب يقف وراءه الشعب ، يستشير اولو الالباب و
الراسخون في العلم، ولكنه يتخذ القرارات و يتحمل مسؤوليتها . فهل سيتجاوز
المؤتمر الوطني الخلافات والمناكفات ويعمل على الاسراع باتخاذ الاجراءات
اللازمة لتحقيق طموحات الشعب ؟
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق