لعنة الأوديسة الثانية
لعنة الأوديسة الثانية
بقلم / خديجة العمامي
عندما أُعلن بأن
العمليات الحربية التي سوف تستهدف المعسكرات و مخازن الأسلحة للقذافي..
فرحنا جميعا.. ولكن ما أحزنني وأدخل الخوف إلى قلبي. عندما أُعلن أن هذه
العمليات سوف يطلق عليها أسم (فجر الأوديسة) وهي ملحمة شعرية مكملة
(الإلياذة) يعتقد أنها كُتبت مع نهاية القرن الثامن قبل الميلاد.
وتحكي ملحمة الأوديسة قصة عودة أحد أبطال حصار طروادة (يوليسيس) إلى بلاده (إيثاكا) بعد الإنتهاء من حرب طروادة، ونجاحه
في تجاوز الصعاب الجمة التي صادفها في طريقه لمدة عشر سنوات كاملة بسبب
غضب ألهة البحر (بوصيدون) عليه. القصة جميلة ولكن ما أخافني هي لعنة هذه
الحرب التي استمرت بين الأخوة حتي أخر هذه الرواية.. فهل أنتهت الحرب
فعلا.. أم حرب الأخوة لا تنتهي وهي أشد أنواع الحروب وأكثرها حزناً.. لماذا
أقول ذلك لأنني سمعت من يقول بأن علينا أن نفرق في البحث عن المفقودين بين
الثوار والكتائب وكلاهما أبناء دمٍ واحد و دين واحد و وطن واحد… لا بل أن
الأسوء من ذلك انطلقت قوافل الإنتقام.. لتجتاح الجميع.. هل تفعلون ذلك
وأنتم أخوة…؟
هل تفعلون كما فعل
إخوة يوسف بيوسف..؟؟ حين قالو ((اقْتُلُواْ يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ
أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُواْ مِن بَعْدِهِ قَوْمًا
صَالِحِينَ)).
هل تتقاتلون حتي تخلو
لكم مقاعد الحكم في ليبيا حتى تظنوا بأنفسكم الصلاح بعد ما أقترفتم؟؟.. هل
كُتب علي ليبيا أن تصبر كما صبر يعقوب عليه السلام!!..
أخفوا من شئتم تحت
عباءة الشهادة.. وأمنحوا أتباعكم الوعود بجنة الخلد… وتناسوا ما شئتم من
قول الله بأن دم المسلم علي المسلم حرام.. جردونا من التوحيد إن استطعتم و
أنزعوا لسان الذكر من أفواه العباد..
إلى متي يظل الرصاص هو
الحل…؟؟ هل ورثنا عن القذافي الهمجية؟؟ هل أعتنقنا مخلّفات القذافي
البربرية؟ وأنكشفنا علي حقيقة مره.. وهي أننا لا نستحق الحرية ولكن من
الغريب أن من أكثر من يطالب بالتشريع الاسلامي في القانون الليبي الذي هو
أساسا قانون يعتمد علي القران الكريم وما يستمد من فقهاء الإسلام في بنود
العقوبات.. هم أكثر الناس المطلوبين للعدالة بما أرتكبت أيديهم في حق
الأخرين من إعتداء بحجة تطبيق الشريعة دون الرجوع إلى أولي الأمر..((ولكن
الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافره ولا ينصر الدولة الظالمة و لو
كانت مؤمنه)) ابن تيمية..
غير أننا لا نستطيع
بأن نقول أن الثورة نجحت مادام هناك مهجّرين… فُرضت عليهم لغة الظلم..
ومادام هناك فارين.. لم تُطبق عليهم العدالة.. وما دام هناك متسلقين..
يقلبون تضحيات الشهداء.. إلى جياد من خشب.. يمتطونها… تحت مسمى فرسان
الثورة.
نحن جديدو العهد
بالحرية.. والشبه الوحيد لها.. هو عندما يتعلم الشخص العزف علي آلة وترية..
فمن الصعب جداً أن يستطيع ذلك بسهوله.!!! فاذاً نحن في أصعب المراحل وهي
مرحلة النشاز.
أيها السادة بدأت حرب
الأوديسا.. فبعد الثورة وإسقاط النظام لا مبرر للعداوة ولا مبرر للأحقاد..
إذا هي حرب الاخوة انطلقت.. ولا تفسير عندي لغير ذلك..!!! بيد من يُذبح
الوطن؟؟.. لو كان أحد أبناءك في عين المكان، لو كانت زوجتك… أبنتك أختك
أمك..؟ هل تأكدت من عدم وجودهم في مكان جريمتك…؟ يا أصحاب الأيادي
السوداء.. والذمة المقيتة.. ويا أصحاب الشعارات البغيضة.. لا أقول فيكم الا
ما قال الله تعالي ((بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ
كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ)).
هل الإسلام علّمكم بأن لا تقدموا العون إلا لمن يكون تحت تعليماتكم ويرتدي نفس لون عباءتكم..!!؟؟؟
إن من أصعب العقليات
تلك العقليات الحبيسة.. أي التي لا تُطل علي بحور الفكر.. ولا تستقبل
التنوّع.. وتظل تحت سيطرة النمط.. والتقليد.. والتكرار.. والتشبث بالقديم..
تحت عنوان ((الوجه اللي تعرفه خير من الوجه اللي ما تعرفا)) فالثورة هي أن
تثور علي الظلم.. لا أن تظلم.. و لكننا لسنا في عصر المباح.. بل
المستباح.. وصحيح كما قال.. الشاعر الفلسطيني. نعيم بسيسو ((نحن في زمن..
ذبح الوعول.. علي الوحول..)).
فالدولة في أضعف
حالتها، لذا علينا أن نتصافح يا أخي ولا تقطع يدي.. ما أحوجنا إلى
التصافح.. إلى التسامح.. ما أحوجنا أن نسمو على كل الخلافات.. فأنت ليبيا
وأنا كذلك.. ودع عنك خفافيش الظلام… وعشاق الخراب… الذين تلوثوا بدماء
الأبرياء الغافلين…
لن نسمح لكم أن تذبحوا العصافير في وطني.. بحجة أنها تزعجكم في الصباح… فبلدي لن تموت رغماً عنكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق