في فترة من فترات الضجيج اليومي
التى مرت بها مدينة درنه خلال فترة غفل فيها القانون عن أداء مهامه أو لم
يجد من يطبقه حيث انحرفت القيم والأخلاق فمن كولسة المرابيع إلى بيع
المشاريع العامة على المقاهي إلى التزوير والنصب والاحتيال إلى الاختيارات
التنفيذية التي ما أنزل ألله بها من سلطان إلى انتشار المخدرات وحبوب
الهلوسة إلى كل ما يخالف شريعة الخالق في ذلك الوقت كانت مجموعة من
الوطنيين تحاول بقدر الإمكان إيقاف هذا النزيف المتفاقم. فكانت الفكرة ندوة
حول إيقاف الفساد أو معرض للصور حول مجاهد ليبي ربما يُغير في درنه الكثير
أو مشروع ثقافي قد يكون نقطة انطلاق إلى فضاءات أرحب وأوسع لإبعاد درنه عن
تلك التجاوزات العبثية.
وهنا ارتفعت الأصوات كلها ..
ليكن مجاهد فهو المرجعية الوطنية التي ستكون خط أحمر لكل من انحرف عن
المسار الحقيقي، حيث برز اسم الشهيد (الفضيل بوعمر الأوجلى) ذلك البطل الذي
هب من صحرائنا ومن واحة أوجلة بالذات لكي يدافع عن شمال الوطن زاده
الإيمان بالله وكتابه الكريم يطلب الشهادة في سبيل الله .. لم يخطر بباله
أنه يدافع عن قبيلة أو عشيرة أو عائلة بل كان يدافع ويناضل من أجل حرية
الوطن وكرامته وشرفه. هذا هو الشهيد الفضيل بوعمر الذي ولد بواحة أوجله سنة
1880 وهو من أسرة
مجاهدة ومتدينة حيث أستشهد في معركة الأثرون الشهيرة بالقرب من مدينة درنه.
وبفضل ألله تعالى وتوفيق من عنده
أستطاع الشرفاء من أبناء مدينة درنه بالتعاون مع القيادة الشعبية من إحياء
ذكرى الشهيد في سنة (2003) بعد أكثر من سبعين سنة على استشهاده وكان لهم
الفضل في بروز هذا المجاهد حيث شارك في إحياء الذكرى الاستشهادية قبيلة
المجاهد التي جاءت إلى درنه وأقامت بها حتى انتهاء البرامج الاحتفالية التي
أعدتها مجموعة العمل. ولا شك أن أحياء ذكرى الشهيد بوعمر شجعتنا على إقامة
إحياء لذكرى استشهاد البطل (يوسف بورحيل المسمارى) واتكلنا على الله
وعقدنا العزم على إقامة احتفالية في ذكرى استشهاد البطل (سليمان بومطارى
الزوى) خلال الفترة القادمة بعون ألله تعالى.
وهنا أود القول متسائلاً لماذا
الفضيل بوعمر؟ لماذا هذا المجاهد البطل؟ لماذا عندما نجد أنفسنا في حيرة من
أمرنا بعد أن ننحرف عن الطريق الصحيحة ؟ نرجع نهرول نبحث عن القيم
والمبادئ، نبحث عن رموز الشرف في تاريخ وطننا الغالي.
لقد زادنا ألله سبحانه وتعالى
إيماناً واحتراماً وتقديراُ لهؤلاء الأبطال لما رأيناه من كرامات لهذا
البطل المجاهد .. لقد كنت على المستوى الشخصي ربما لا أؤمن كثيراً
(بالميتافيزيقا) علم ما وراء الطبيعة غير أن ما رأيته ونحن نعد ونجهز
للاحتفال بذكرى الشهيد ما يجعلني أؤكد بأن هذه الأرواح الطاهرة لها شأن عند
ألله سبحانه وتعالى .. لقد تعرضنا للكثير من المضايقات من جهات عدة وقد
تمثلت في الأساس بعدم المشاركة بأي دعم مادي على الإطلاق، وعندما أقترح بعض
الزملاء فتح باب التبرع، فإن الذين تبرعوا لم يتجاوزوا أصابع اليد وبمبالغ
بسيطة لا تذكر وكأن الشهيد رفض قبول المساهمة في إحياء ذكرى استشهاده من
المال الحرام.
أما الكرامة التي شاهدها الجميع
فهي تلك (الغمامة) التي غطت الساحة على جانبي وادي الأثرون حتى انتهاء
مراسم الاحتفال .. علماً بأن درجة الحرارة في ذلك اليوم قد وصلت إلى (40)
درجة ولم يشعر أحد بارتفاع درجة الحرارة حيث شاهد هذه الكرامة أكثر من ألفى
مواطن ممن تواجدوا بالساحة إضافة إلى أنه لم يتأذى أحداً من الفرسان الذين
شاركوا في سباق الخيل بالرغم من وعورة المنطقة الجبلية التي دارت فيها
معركة الأثرون.