المجاهد الشيخ نصر العمى المغربي
المجاهد الشيخ نصر العمى المغربي
شهيد معركة بئر بـــــلال (( الكراهب ))
المادة التاريخية الكاتب / موسى لمباركي
“
مّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللّهَ عَلَيْهِ
فَمِنْهُمْ مّن قَضَىَ نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدّلُواْ
تَبْدِيلاً ”
الحمد
لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا
محمد الصادق الامين وعلى أله واصحابه اجمعين . اود من خلال هذا البحث
الموجز ان اعرف بحياة هذا المجاهد الذي لم يختلف عليه اثنان *الشهيد نصر
العمى علامة فارقة ومميزة فلن اتحدث عليه لاقول انه اصيب او اصيب جواده
كما جرت العادة او ان رصاصة طائشة اخطئته وكاد ان يلقى حتفه . نصر
, ليس ثمة علامة استفهام حول حياته وجهاده فتاريخه ناصع .وهب نفسه وماله
وقبيلته التي ولي امرها وسخرهم لخدمة دور الجهاد فلم يساوم ولم يهادن
.عرف الله سبحانه وتعالى منذ صباه حق المعرفة حيث تأثر بالزوايا
القرأنية وبالتالي انعكس ذلك على طريقته وجهاده والذي صنف على انه اقوى
من جهاد كثير من الزعامات التي لم تشترك في معركة واحدة مع العدو . ولم
تخدش في اشتباك او مناورة واحدة .نصر كان مميز وترك بصمة فأثر في
الكثيرين من رفاقه والذين شهدو له بالشجاعة فذكره الشعراء وتغنو ببسالته
وشجاعته ويوم بئر بلال كان استشهاده .كان مقبلا غير مدبرا مكر غير
مفر .نصر العمى لم يكن جندي اعتيادي لقد كان ركيزة اساسية في دور الجهاد ((
دور قبيلة المغاربة )) حيث كان من المؤسسين لهذا الدور ورفيق دربه الذي
لايقل شجاعة عنه امهدي الحرنة والمجاهد الكبير الفظيل المهشهش رحمه الله
* لم يكن جندي عادي في الدور وانما كان من الزعامات التي يؤخذ برأيها
.كان الممول و المحارب والقائد الميداني الحقيقي لعدة معارك وكان
الختام مسك . يوم بئر بلال ذائعة الصيت والتي سميت ب(( الكراهب)
) نسبة الى كثر الاليات المجنزرة التي اشتركت في المعركة .انني فخور
بشجاعة وبطولة هذا الرجل الذي قدم الغالي والنفيس. حيث دفع بأبنه وفلذة
كبده ((فرج )) الى دور الجهاد فاستشهد يوم (( الرمسة )) وكان لايزال
لم يبلغ الحلم بعد ((14)) سنة وقدم نفسه يوم الكراهب ((بـــئر بلال )) الشهيرة فداء لتراب هذا الوطن وعجبا كيف تناسو نصر العمى
خلال الاحتفال الذي اقيم مؤخرا بذكرى المعركتين ((بــلال والبريقـة )).*
ولكن حين حضرت قصائد الجهاد والتي وثقت تلك المعارك وقالها بعض رفاق
الشهيد نصر حينها .حضر نصر بقوة خلال تلك القصائد . نصر كان يبذخ من جيبه
وينفق مايتيسر من المال لخدمة دور الجهاد * فمن هو نصر العمى
هذا *باختصـــار هو نصر فرج العمى من عائلة الحاج امباركة بيت
نصر من اولاد شامخ قبيلة المغاربة من سلالة السعادي واسم امه سالمة بنت
قادوم * .عاش نصر العمى طفولته وشبابه كغيره من ابناء البادية .ففي صباه
رعى الاغنام في اودية الوادي الفارغ وبين كنفاته وفي روابيه فخبر
الارض وعرفها وفي تلك الحقبة كانت الحياة صعبة وظروفها قاسية فمرت
السنين العجاف وكانت عشيرته *رحــل يرتادون الوادي الفارغ جنوب البريقة
واعتادو ان ينزلو جنوبا بين بئر بالطفل وبئر سالمة وشمالا الى مناطق
عرقوب النخيلة والاطراف الغربية للقطفية * باحثون عن الكـلاء والعشب
من ناحية وموارد المياه من ناحية اخرى ويرجح انه من مواليد 1882 * تزوج
الشيخ نصر من رجعة الصبحية وانجب منها عبدالحفيظ وفرج وتزوج من عصرانه
بنت الشيخ موسى الميجنة وانجب منها صالح * وقدبينها لنا الشاعر
بوجـلاوي الفاخري في مشهد استشهاد الشيخ نصر وكيف كان وقعه على مسامعها
حيث قــال موجها كلامه الشاعر يونس اشلبي المغربي *
يايونس عبد القـــــادر بلا اسباب جاء سيله علينا حادر
صغير سن نفطنله انصيم وفاطر نهار فيه عصرانه شلت عالغايب
كذلك قالت عنه عصرانة يوم استشهاده :
يانـا يامرفوع الشوف يامونسنا يوم الخوف .
كان نصر العمى
قد اشبع دينيا ونهل من القرأن ما تيسر حيث انخرط في زوايا تحفيظ
القران الكريم وقد صقلته الصحراء وعلمته الجلد والصبر على البـــــلاء
والمحن وعند سماعه نزول اولى التشكيلات الايطالية المجحفلة بميناء بنغازي
كان قد التحق بمعسكر المجاهدين هناك .المرابط على تخوم بنغازي وقد خاض
اول معركة ضد العدو حينما اشترك مع احد ادوار قبيلة العواقير المجاهدة
*ويذكرا ن هناك كانت مفارقة عجيبة. حيث بينما كانو المجاهدين على وشك
الاشتباك مع فرقة ايطالية * طلب من راكبي الخيول البيضاء ان يبادرو
فترزز احدهم قائلا (( بيضو يااهل البيض )) اي ياراكبي الخيول البيضاء
تفاؤلا باللون الابيض ,فتردد المعنيين .فما كان من نصر العمى الا ان بادر
وهاجم العدو وكان عاري الرأس و يركب فرس سوداء فتشاؤم البعض وقال
احدهم: (( رايتك سودة, فرسك سودة ولابس اسود )) وقال اخر كلمة سجلها التاريخ فيما بعد وتداولها الناس عقب ذلك حيث قال بعد المعركة وانتصار العواقير بتلك الموقعة (( كنت نحسابه عمى عين ثاريته عمى قلب
)) .وذكره الباحث الكبير الطيب الاشهب في كتابه برقة العربية وقد
اشاد ببسالته وشجاعته ودوره الرئيسي ومساهمته في جمع وحشد دور الجهاد
((دور المغاربة )) وقد قال في هذا الكتاب :ان ثلاثة من المجاهدين الشيوخ
كان لهم الفظل في تجميع دور (( المغاربة )) حيث قدمو النفس والمال وهم
نصر العمى و امهدي الحرنة والفظيل مهشهش ((1)) حيث
تحمل هؤلاء اعباء تجميع الدور والتحشيد والحث على الجهاد و اكد هذا ايضا
الاستاذ عطية السعيطي في كتابه مدينة من مدن الشمس (الجزء الثاني ) حيث
كرر نفس الكلام تقريبا *كانت ميوله دينية وكان يجاهد من وازع ديني ووطني *
حيث عرف بأنه كثير الصلاة وملتحي ولم يكن يهدف الى سمعه او منصب وانما
جهاده كان نزيه وخالصا لوجه الله *حسب ما روي عنه كان نموذجا للمجاهد
الحقيقي .شارك نصر العمى في معركة بوهادي سنة 1914 وكذلك حضر الى
القرضابية حيث كان مقاتلا وقياديا فى صفوف الدور وشارك في معركة غريد ة
الحداد 1913 وحيشان جبيل ولم يشارك في الرمسة وقد جز بابنه ((فـــرج))
في موقعة الرمسة *وقد روى المرحوم عبد الهادي المدهم المغربي والذي
كان صغيرا انذاك.رحمة الله عليه * وهو معروف بالفراسة والرجاحة وعاش ردحا
من الزمن(( قرابة المئة وبضع سنوات )) حيث تحدث الى بعض الاشخاص وكان
من بينهم حفيد المجاهد نصر العمى (( سليم صالح نصر )) وذكر الحاج
عبدالهادي في كلام ما معناه :انه في يوم من الايام قــال : ذات يوم
اخبرني احدهم فقـــال :بينما كان الشيخ نصر العمى عائدا الى النجع
للاطمئنان على العائلة في زيارة خاطفة قادما من معسكر المجاهدين
المرابط بنواحي بريش والقطفية (( جنوب البريقة )) وقد وصل على فرسه الى
بئر ماء(( سانية )) وسأل عن حال الاهل والعائلة ! فاخبره احد الرعاه
باستشهاد ابنه ((فرج )) في موقعة الرمسة والتي دارت رحاها في الزويتينة
.فما كان من الشهيد نصر الا ان نزلت دموعه وغطت لحيته وبللتها ولم يسمع
صوته او نياحه ! واكتفى بالقول لا اله الا الله محمد رسول الله
وانطلق في مسيره .. ايضا ماميز اسد قبيلة المغاربة عرف بأنه عقب كل
معركة يغنم فيه المجاهدون كان نصر العمى رحمة الله عليه يترك الغنائم ويعود
ادراجه الى المعسكر غير مكترث بالغنائم * لقد كان من الركائز
الرئيسية في دور الجهاد وكان من بين اولئك الزعماء الذين وقعو الصلح
والاتفاق المعروف او بالاحرى الاتحاد بين ماكان يعرف بولايات برقة وطرابلس
حيث يخبرنا الشيخ الجليل والعلامة الطاهر الزاوي عن هذا الاتفاق المعروف
بأسم :مؤتمر سرت 1922 فيقول : ونظراً لشعور المجاهدين بخطر
القوات الإيطالية التي تعافت بعد خروجها منتصرة من الحرب قرروا العمل على
توحيد الصفوف بين شطري ليبيا وتضييع . الفرصة على الإيطاليين بالإنفراد بقوات المجاهدين ،ونظراً لمواقف المجاهد صالح لا طيوش الوطنية والشجاعة ورفضه المصالحة مع العدو الإيطالي تم اختياره رئيساً ل وفد المنطقة الشرقية وعضوية كل من :
الشيخ نصر العمــى والشيخ خالد القيصة والشيخ صالح السنوسي و عبد الهادي
البراني . أما وفد المنطقة الغربية فقد مثله كلاً من : عمر بو دبوس ، محمد
نوري السعداوي ، الشتيوي ابن سالم ، الصويعي الخيتوني ، والحاج صالح بن
سلطان ، و أحمد السويحلي . وكان أهم ما جاء في هذا المؤتمر ما يلي : توحيد
كلمة المجاهدين ضد الإيطاليين ، ووضع البلاد تحت قيادة أمير مسلم تكون له
السلطة الدينية والمدنية داخل دستور ترضاه الأمة * ((2))
لقدكانا شيخا اجمع عليه كثير من ابناء عمومته وكان مؤثر في قبيلته
وعشيرته والتي انخرط كثير من ابنائها في دور الجهاد انذاك *فجز بهم نصر
وبرز كثير منهم اما كمجاهدا شرسا او ظابطا وكومندار في الدور ولعل ابرزهم
هو المجاهد دخيل عبد السلام والذي كان المسؤول الاول لشرطة (( دور
المغاربة )) ((3)) وورد ذكره عند الطيب الاشهب في كتاب
برقة العربية وذكره الاستاذ مصطفى السعيطي في مدينة من مدن الشمس ص77
والشيخ محمد يونس قادوم والذي هو الاخر كان محاربا ذكره الطيب الاشهب
ومصطفى السعيطي وكذلك ذكره الدكتور علي الصلابي في كتابه (( الشيخ الجليل
عمر المختار )) ص26 وقد اقيمت له محكمة وعرفت حينها بالمحكمة الطائرة
واعدم بالرصاص ((4)) فيما بعد كمابرز المجاهد عبد الرحمن
الميجنة وورد ذكره في مدينة من مدن الشمس للاستاذ مصطفى السعيطي الجزء
الاول * حيث كان شجاعا ومقداما وقد ترقى في الدور حتى كلف من قبل قيادة
الدور بأدارة منطقة مرادة . قدمت هذه العائلة كثير من الشهداء في معارك
الجهاد هنا وهم :بوقعيرة سعيد العرج وامحمد بواوريث ((موقعة نفازة )) وفرج نصر العمى ومنصورالماوي الميجنة (( معركة الرمسة )) وحسن بومريومة (( معركة البريقة )) وكريم عيسى الميج نة ويوسف عيسى الميجنة وجبريل ابراهيم اوريث وامراجع يونس المدهم واسويكر العمى وبوقادوم
((سبط القطيعة )) وبوبكر السنوسي الحرش العمى والذي استشهد في قتال مع
مرتزقة ” بندة وبعض الاحباش” غرب اجدابيا ومحمد العوري طريف الميجنة اصيب في نفازة وأسر واعدم بعد ذلك
وقد تطرق له غراتسياني في برقة الهادئة حين تحدث عن موقعة نفازة قرب
غيزل وتحدث عن تأسير هذا المجاهد واصابته وقد اشار اليها في كلام ما معناه
انه جنوب الغرد ((غيزل)) يوم 21 اكتوير 1930التحمت فرقة من جيشنا مع
متمردين ((المجاهدين )) وبعد قتال عنيف رفضت فيه هذه القلة الاستسلام
قمنا بأبادتهم ((5)) حيث سميت هذه الواقعة بموقعة نفازة عند غيزل جنوب البريقة بحوالي 40 ك م وتقول الرواية , ان سبعة من المجاهدون قدمو الى ((عين غيزل ))
وما هي الا لحظات حتى رصدتهم قوة ايطالية والتحمت معهم جنوب الغرد
هناك وقد استماتت هذه المجموعة القليلة ورفضو الاستسسلام وربطو ارجلهم
((عقلو ارجلهم )) واجهزت عليهم الفرقة الايطالية حيث اسشهدو ستة
وهم:بوقعيرة سعيد العرج وامحمد بووريث ويونس مذكور واشلبي جلغاف وبو ام
الهنــا هيبة وسعد اشلبي هيبة ووقع في الاسر المجاهد محمد العوري طريف
ومن ثم نفذ فيه الاعدام وقد قيل عنهم الكثير وذكروهم في الاشعار والقصائد
ومنها :انهالي عالسبعة ياعين سلاك الدين ******* بعد ما ذلو مرحـــوميــن *
وقد برز من ابناء هذه العائلة مجاهدون اخرون منهم :بـلاش الحوصاتي
وعبدالله السنوسي اوريث وفرج بورايقة اوريث وسعيد بوسليمة الميجنة
والمجاهد مهيوس عبدالسلام والمجاهد حمد العوري والذي اصيب يوم سبط القطيعة
اصابه اوجعته طيلة حياته* وبوزريق الميجنة وسعيد ياسين وفرج محمد قادوم
وكوبار موسى الميجنة وسليمان سعيد العرج واخـــرون . لم تحدث معارك
كبيرة عقب اغريدة الحداد والرمسة وحيشان اجبيل وبوهادي والقرضابية
1915*حيث كانت هناك هجمات كر وفر واغارات على ما كان يسمى ((كيروانه )) * وذات يوم تجمعت قوات المجاهدين بمعسكرهم في القطفية وقد توجه نصر العمى ومن معه من ابناء عشيرته الى هناك
و يتحدث الطاهر الزاوي فيقول: وقداجتمع المغاربة ومن انظم اليهم
حوالي القطفية وهي الى جنوبي اجدابيا بنحو مرحلة ,وصارو يناوشون الطليان
في اجدابيا ويقلقون راحتهم .فلم ير الطليان بدا من محاربتهم فخرجو
عليهم في يوليو 1923 في جيش لايقل عن خمسة الاف مجهز بجميع المعدات
والالات الحديثة .ومعه نحومائة سيارة من المدرعات وغيرها ((6))
والتقى الفريقان عند بئر بلال وبينما كانت الفرقة الايطالية تقتفي اثر
المجاهدون. وقد كان المجاهدون يرصدونها وعندما توقفت الفرقة قرب بئر
بلال بأحد المنحدرات ((قور)) .نزل عدد كبير من افراد
الفرقة الايطالية حيث وجدو رعاه فأخذو يضربونهم ويطلبون منهم ان يدلوهم
الى المجاهدين *عندها هاجمهم المجاهدون وباغتوهم ويستذكر الشيخ الطاهر
الزاوي فيقول :وكانت الدبابات اول ضحية في هذه المعركة لان طبيعة الارض
لم تساعدها على القيام بمهمتها وامطرها المجاهدون وابلا من الرصاص
ففسدت عجلاتها فانقضو عليها وقتلو من فيها .واستحر القتال بين
الفريقين وصمد المجاهدون لهذا الجيش العرمرم .فماهي الا ساعة حتى ذهب
الله بريحه وولى الادبار.فركبو اقفيته فلم ينجى الا نفر قليل
تمكنو من الهرب وكان الفظل فيه للمغاربة وقد ابلو بلاء حسنا واظهرو
فيها من الشجاعة والاستبسال ما يسجله لهم التاريخ بمدادالفخر . وقد
استشهد في هذه المعركة من فرسانهم المبرزين كلا من الشيخ نصر العمى
والشيخ امهدي الحرنة وكانت المعركة بقيادة الشيخ صالح لاطيوش ومعاونيه
كلا من الشيخ الفظيل المهشهش وقجة القرعاني ((7)) وتروى
كثير من التفاصيل عن المعركة وكثير من المفارقات التي يستذكرها الاجداد عقب
المعركة فبدت تستخدم في الحكايات التي ماانفك الاجداد يسردونها
ويستذكرونها بشيء من المزحة والطرفة حيث يستذكرون فيقول احــدهم : ان
الشخص الذي ارشد سيارات الطليان الى مكامن المجاهدين قد دعى عليه والده
قائـــلا : لا تفعل واذا فعلت ” انعنك فطورهن ساعة بكورهن “
ويذكر ايضا ان احدهم بينما كان المجاهدون يهمون بركوب خيولهم ليهجمو على
مدارع العدو ..سقط احدهم من على ظهر جواده مدعيا ان عقربا لدغــه
…فقال احدهم …..(( ايجيرنا الله من العقارب اللي يلسعن علي اظهور الخيل …))
ويذكر ايضا حول المعركة حسب الرواية المشهورة ان المجاهدون حسمو المعركة
خلال ساعات قليلة بفظل الله سبحانه وتعالى ثم بفظل الجلد والصبر والشجاعة
التي كان يتحلى بها هؤلاء الافذاذ وعندما اوشكت المعركة على الانتهاء فرت
سيارات ايطالية .كانت احداهما تحمل قائد المعركة الميجور ((تلغـــــــر ))
.وحينما لاذت االسيارات بالفرار من ساحة المعركة كانت هناك كوكبة من
الفرسان الشجعان يقودها نصر العمى والذي انبرى لها ليوقفها وكما كان ذلك
واضح في القصائد * وكان هناك تبادل لاطلاق النار بين الطرفين سقط على
اثره الشيخ امهدي الحرنة فكان نصر يلحق باحداها ويقال انها السيارة التي
خرجت منها الرصاصة التي قتلت مهدي وقد كان نصر مرددا ((عدت بمهدي قعدت اوحدي )) واجبرالسيارة على التوقف بعد ان حوصرت .كان تلغجر
ومن معه متحصننا داخل السيارة والتي امطرها المجاهدون بالرصاص وعندما
توقفت تماما اراد المجاهد نصر العمى ان يخرج تلغر بيده فماكان من الاخير
الا ان اجهز على الشيخ نصر العمى واصاب الشيخ عبد النبي مذكور وبوزريق
الميجنة واصاب عدة مجاهدين وعندما اخرج من السيارة قال بعضهم (( هذا فيه
فايدة .لا تقتلوش )) وكانما ارادوه ان يقود السيارة ليحملو عليها جثث
الشهداء بغية دفنهم * فما كان من احدهم الا قال :(( والله مافيـه
فاية بعد قتلتــه لنصر ومهــدي )) فطعنوه بالحراب فــاردوه قتـــيلا .ثم
خرج شخص عربي وقــال :(( نا في فايـــدة )) ويرجح انــه مترجم
متعاون من نواحي طرابلس .. وعقب انتها المعركة رجـــع المجاهدون
ادبارهم ولم تكن هناك مظاهر للاحتفال لخسارتهم قادة وشيوخ كبار امثال نصر
ومهدي وشهداء اخرون مثل البي عبدالسلام البرعصي . قال عنه كثير من
الشعراء وجسدو لنا شجاعة هذا البطل في قصائد ظلت الاجيال ترددها الى يومنا
هذا وربما الشيء الوحيد الذي يذكرنا بنصر ومهدي الحرنة والبي عبدالسلام
وابراهيم الفيل و ورابح القبائلي وحمد بن شعيب وغيرهم هي تلك الاشعار
العفوية والتي خرجت من افواه فحول الشعراء وكبار المجاهدين الذين شاركو
بالفعل في معارك ونقلو لنا احداث المعارك و قامو بسردها مما اعطانا خلفية
على كثير من التفاصيل حول كثير منها ..وسوف اختم ببعض الاشعار والقصائد .
ارخت لتلك الحقبة و هي حصيلة ما نملكه من دلائل على جهاد اجدادنا ونضالهم وطريقة حياتهم وكانت خير شاهد على شجاعة وبسالة هؤلاء الفرسان .يوم الكراهب ذاك اليوم المشهود والذي ذكره كبار قادة الحرب الايطالية ووصفه غراتسياني بالمفجع .. يوم الكراهب
..برز نصر وكثيرون الا انه امتاز وتجلى هو ورفيق دربه الحرنة وبدا ذلك
واضحا .في القصائد ..والاشعار وبالتالي هذا ما اكد بأن نصر بالذات كان رجل
غير عادي وكان صحبة الحرنة هم القادة الفعليين للمعركة واقصد قادة ميدانيين
*مع احترامي وتقديري لجميع المجاهدين وكل الاسماء ولعل ابرز ما قيل ما
قاله عبد القادربومصاخ
صار يوم فى الكراهب يوم عاب عجلهن اصابن بلا راده وقطعوا هلهن*
مشـــن جـــــــرادي من عند البحر لعند تل الوادى
أصقوره جواعه مرهمات عوادى جا صدافن دوار وأن عشيه
خذينا زويهم والصلاة عل المولى حتى إن كان ودرنا أكباش ضحية
اصابن ديما واعدمن لا عجل لا قاز لا بريمة
قاعدات في جلهة (( بــــلال )) هشيمة ما عاد يطبب اعياب عجلهن
هتكو لمــــــدرع وتما ادماهم م الثقيل ايترع
كما ذيب عادي في معيز ايصرع تيوسه علي جرفة خلاء عقلهن
صار يوم في الطليانـي علثر لولي زيد النهار التالي
ضبابيح واحتاطن علي جدياني لا اخلصن لا ردن علي امعزلهن
صار يوم في السبيوسي نهارا ايطري الشيب بالناموسي
وفيه نصر يحدرهن على الكردوسي ساعة بعد ساعة يزم اولهــــــن*
صار يوم في بلال غرب السويرة وهشم بوقصيرة وعاد في المداريع توقد ذخيرة
اكفا فيك يانصر راعي الطريرة خذينا اميارباشا وميتين كومندار(*)-
وشـــاعر اخر يقــــــــول :
نـــا نواوي فى الحديث نساوي ونحكى على اللي زين ياما دار
الأطيوش مقاوى ما عليه هزاوى الله ينصره على الروم والكفار
وحسين الظريف ف المحاس يكيف صقر النداوى يعجب البازار
وإبراهيم بيده ما عليه نقيده ركاب بو عتاتى بوقيون قصار
نصر وين ماجاهن لاورا هداهن كراهب الكفر تمن وراه صطار
نص ر وين ماهابن لاورا وتنابن تهندب وقال الموت يا حضار
تريس الحرابى فيه مانى غابى يوم الملاطم يكسبوا الأفخار
والسودان زاما وين جوا يداموا وريت خيل عيت جبيل جن غيار*
اللى حى جانا زغرتوا جيـــــرانه واللى مات فى جنة هنأ وأثمار
مشايخ كلاهات فيهن الفيل ولد مو ذليل ايهد المراعى ليوم الجفيل
مشايخ كلاهات فيهن مهدى راعى التليل وما يصعبن على وصوله وما يجنه
مشايخ كلاهات فيهن نداوى رأسه مقاوى هناك هو نصر بو العمى فارس اتقاوى
طردهن عالساق عدن شماوى لو ما خذنه ما مل كلاويب تمشى البنــــــــــة
المصــــــــــادر *
( 1 ) العلامة الطيب الاشهب , من كتاب برقة العربية *
(2)
الشيخ الطاهر الزاوي , كتاب عمر المختار ص58 * ( 3 )مصطفى السعيطي ,
كتاب مدينة من مدن الشمس ص (4) د.على الصلابي كتاب الشيخ الجليل عمر
المختار ص26((5) رودولفو غراتسياني ,كتاب برقة الهادئة ص169 *
(6),(7) الطاهر الزاوي ,نفس المصدر
(*)باشا:يقصد به رتبة عسكرية كبيرة والمقصود مقتل الميجور تلغر قائد المعركة ومئتين كومندار اي 200جندي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق