الأحد، 4 سبتمبر 2016

رحيل بكرامه ، ولا طرد بمهانة

رحيل بكرامه ، ولا طرد بمهانة

 

المهندس / فتح الله سرقيوه

هذه المقالة نشرتها فى أكثر من موقع بالداخل والخارج

يوم 8/2/2011 ونبهت فيها  الحكومات العربية أن تأخذ

العبرة من تونس ومصر ولكن لا حياة لمن تنادى .


يُقال أن الرجل لا يطرد من بيته … ولكن عندما يعُرّض آل بيته للخطر والدمار والخراب والتفكك والضياع والقهر والتفريط فى حقوقهم ، وُجب عليهم الوقوف ضده ومنعه من التمادى خوفاً عليه وخوفاً عليهم وخوفاً على من حولهم … الشعب المصرى شعب كريم مضياف شعب زرع الجميل الطيب والمساندة فى ظهر كل من لجأ إليه فى فترات حالكة السواد ولعل لجوء أهلنا فى ليبيا بعد أن ضاق بهم الحال وتعرضوا للظلم والعدوان والجوع والفقر إلا دليل على مدى شهامة هذا الشعب ولا زال الملايين من أهلنا يعيشون فى مصر فى أمن وأمان منذ قرون خلت عندما ضاق عليهم الحال وطردوا من وطنهم بسب الإستعمار التركى وتآمر البعض عليهم من أهلهم ، وها هم اليوم يعيشون فى مصر مواطنيين محترمين لهم ما لأهل مصر وعليهم ما عليهم ، مصر الحبيبة لا يشعر فيها المواطن العربى والمسلم أنه غريباً أبداً ما دام يحترم نفسه ويحترم أهلها.
اليوم من حق شباب مصر الذين قهروا وظلموا لأكثر من عقود من تطبيق زمن قانون الطوارئ الذى بسببه إمتلآت السجون فى مصر وأهدرت الكرامة لمجرد المطالبة بالعدل و المساواة ، بينما ينهب مراكز القوة خيرات أرض الكنانة على مرأى ومسمع من أولى الأمر دون أن يحركوا ساكناً ، فكيف بالله عليكم تصدر القرارات اليوم بعد أن خرجت الثورة الشعبية إلى الميادين والشوارع وأصبحت واقعاً أمام العالم ، بأن تعترف الحكومة المصرية بأن هناك فساداً لابد من التصدى له ومنع بعض من مراكز القوة المهيمنة من السفر وتجميد أرصدتهم وإعتقال بعض المتنفذين ، لماذا هذا التأخير يا سيادة (الريس) ؟؟ ولماذا تزهق الأرواح لكى نسمع الرأى العام ؟ ولماذا نترك العداوة تستشرى بين أبناء الشعب الواحد أم أن المتنفذين الكبار عبارة عن نمور من ورق تهتز لمجرد سماع أصوات الجماهير الهادرة .

اليوم لم يعد هناك رجعة فى المطالب الشعبية فصوت المطالبة بالرحيل أصبح سائداً ومدوياً فى هتافات جماهير الشباب الغاضب الذى إكتوى بنار الدكتاتورية التى سيطرت على جيل كامل ، فكانوا يظنون أن الترهيب والترويع والتخويف بأجهزة القمع والبوليس السرى وكبار البصاصين الدمويين سيؤدى إلى نتائج تراجعية لكى تظل الأمور كما هى فى السابق وينطلقون مرة أخرى فى البرامج التعسفيه والإعتقالات والزج فى السجون لبقاء النظام لفترة أخرى . 

 نحن كشعوب عربية ليس لدينا حق التدخل أو حتى إبداء الرأى ولكن ذلك نابع من الإنتماء القومى العربى والوطنى وخوفاً على أمة بدأت بوادر تفككها يلوح فى الأفق وكأننا فى زمان ضياع الأندلس التى تسبب فى ضياعها حكام الطوائف الضعفاء الذين إنصرفوا لشهواتهم وملذاتهم وقهر مواطنيهم والنتيجة أن طردوا وإهينوا من بلاد الأندلس التى كان تعداد سكانها فى سنة 1000 للميلاد أكثر من 30 مليون مسلم وعربى.

أقول أن مكة أدرى بشعابها وأن شباب مصر هم أدرى بوضعهم الحالى ومستقبلهم وليس من حق أحد أن يتعقّل ويزايد عليهم ويحاول أن يجد مكاناً له فى هذه الثورة الشعبية ، حقاً أنها ثورة شعبية لا حزبيه ولا طائفية ولا دينية ولا فئوية ولا قبلية ولا عائلية ولا مربوعاتية ولا شللية ،إنها ثورة مصرية وطنية تنادى بالخلاص ومن أجل المستقبل لبناء دولة ديمقراطية حقاً بعيداً عن حكم الفرد والتسلط وشعار الحاكم الأوحد (الحاكم بأمره) ..

وكم تأسفت لتباكى البعض من بعض رؤوس الأنظمة العربية والنظام المصرى على أمن مصر وسلامتها والخوف عليها من الفوضى ، فلماذا هذا التباكى وقد جلستم على الكراسى عقود من الزمن تحت ظل قانون الطوارئ ومراكز الشرطة وأمن الدولة ونسيتم ما يتعرض له المواطن المصرى من مهانة وذل وقهر وهذا ليس من واقع الخيال فقد كنا نسمع الكثير عندما نتواجد فى مصر من أجل العلاج أو السياحة.

هنا لزاماً على الشعوب العربية الحرة والمؤمنة بالعدل والسلام أن تعيد حساباتها فى إحترام هذا الشعب الأبى المناضل وألا يحاول أحد منذ اليوم أن يقلل من شأنه فقد قال كلمته الصادقة بدون مجاملة ولا نقاق ، وكم أسعدنى اليوم وأنا أشاهد وأسمع أحد شاب الثورة الشعبية وهو يقول نحن نحترم الريّس من أجل ما قدمه لمصر ومن أجل كبر سنه ولكن نريد التغيير وهذا من حقنا ، وعليه أقول أن الرحيل بكرامة أفضل بكثير من الطرد بمهانة ولنا كشعوب عربية عبرة فى ما حدث بتونس الشقيقة وكيف هرب الرئيس فى جنح الظلام يجر أذيال الخيبة وآلام المهانة ولو أنه تنحى بسلام وبهدوء دونما أن يتسبب هو وأجهزته فى إراقة الدماء فربما كان الشعب التونسى أكثر كرماً وربما إرتفعت الدعوات بطى الماضى من أجل المستقبل ، ولكن فى مصر لا زال الوضع غير واضح المعالم فربما أهل الحكمة والعقلاء يكون لهم دوراً من أجل مصر وشعب مصر والعرب بصفة عامة لأن الشعوب العربية ترى فى مصر الأم الحنونة أو الأخت الكبيرة التى تحتضن أخواتها العربيات .

 كلام ليس للتسويق ولكنه نابع من قراءات للواقع ، فاليوم يوم العقلاء وليس يوم العناد فإما سلامة الأمة بكاملها وتجنب إهدار الدماء وإما يوم أعداء الأمة الذين سقطوا من حسابات أمتهم كما سقطوا من حسابات أمريكا والعالم الغربى الذين يحسبون للشارع ألف حساب . عاشت مصر وعاش شعبها البطل والحرية لشبابها الشرفاء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق