الإعجاز العسكري في القرآن الكريم ..
بقلم الأستاذ :
عدلي البرقوني البرعصي
( إن خيول الحرب لا تلد إلا عند الحدود ) !!؟ مثل صيني قرأته في كتاب فرنسي فجاءت ترجمته إلى العربية تلك الجملة المعبرة هذه بما فيها من حكمة ورمزية ومفاهيم عسكرية فياليت قومي يدركوا ما فيها ويعملوا بها .
نعم إن الأمة التي تريد الحفاظ على مكتساباتها وحماية رعاياها من أي غزو خارجي تكون على درجة من اليقظة المتواصلة والتنبه لما يحيكه لها الأعداء من مؤامرات ودسائس لإضعافها أو لاحتلالها والاستيلاء على خيراتها ومقدراتها الاقتصادية والبشرية و بالتالي يجب أن تكون هذه الأمة دائمة اليقظة و على أتم استعداد دائم لمواجهة أي محاولة اعتداء في أي لحظة وتحت أي ظرف كان ، فخيول الحرب حتى في أضعف حالاتها ( عند الولادة ) لا تبتعد عن الحدود كي تقوم بالمهمة الموكولة بها.
القرآن الكريم مضى إلى أبعد من ذلك في تنبيه الأمة الإسلامية للحفاظ على عزتها وكرامتها ومنعة أراضيها وحماية رعاياها ويتجلى ذلك في قوله سبحانه وتعالى ” وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم ” ويفهم من هذه الآية أن هناك أعداء ظاهرين نعرفهم وآخرين غيرهم لا نعلمهم وهو ما يسمى في المصطلحات العسكرية الحديثة بالطابور الخامس من المندسين والعملاء وغيرهم وهؤلاء لا ينشطون إلا عندما تضعف الأمة وتصاب بداء الغفلة وتركن إلى الشهوات والملذات وتصاب بداء / الوهن / كما قال عليه الصلاة والسلام ، فسأله أحد الصحابة وما الوهن يارسول الله ؟ قال : حب الدنيا وكراهية الموت .
وأحب التوضيح هنا بأن المقصود في الآية الكريمة ليس هو/ الخيل / فقط ، لكن الخيل كانت هي الوسيلة السائدة في جميع أنحاء الأرض عند نزول الوحي القرآني ، وأن جميع شعوب العالم كانت تستخدمها في الحروب إلى أن تم اختراع العربات المدرعة والمدافع والطائرات .. والدول ( الكبرى ) عندما تقوم بعمل مناورات عسكرية لإخافة الشعوب الضعيفة ،فهي في الواقع تطبق هذه الاستراتيجية العسكرية الهامة التي أوصانا بل أمرنا بها المولى – عز وجل ( وأعدوا ..) – أوصانا باتباعها منذ أكثر من 14 قرناً ..وهذه تعد واحدة من المعجزات العلمية العسكرية التي تضمنها القرآن الكريم الذي أنزل على نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فياليت قومي يعلمون.
وبمناسبة الحديث عن هذه الحكمة الصينية أذكر أنني كنت أتابع برنامجا عن الطائفة البوذية ، ثم جاء الكلام عن رئيس هذه الطائفة الوثنية ومسماه بلغة القوم عند الصينيين / دالايلاما/ وذلك في قناة فضائية فرنسية منذ حوالي 7 سنوات فذكر مقدم البرنامج أن معنى اسمه بالفرنسية ما ترجمته بالعربية ب / محيط الحكمة / … فتذكرت الآية الكريمة في قوله سبحانه ” هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ. [الجمعة:2] وما فيها من معان عظيمة ، كذلك قول الحق قول الحق – تبارك وتعالى” يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الْأَلْبَابِ ” سورة البقرة: 269
ولله – عز وجل – المثل الأعلى وهو القاهر فوق عباده، وهو العزيز الحكيم.
عـدلي الـبرقـوني البرعصي
adlipress@hotmail.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق