ليتذكر شعب إسرائيل
صحف عبرية
دولة إسرائيل كان يجب عليها أن تحني رأسها غدا تضامنا ومشاركة في الحزن
مع خُمس سكانها، أن تحني رأسها من خلال تحمل مسؤولية كارثتهم، أن تحني
رأسها تعبيرا عن الاعتذار عما حدث.
غدا هو يوم كارثة الشعب الفلسطيني، يوم ذكرى شهدائه، يوم ذكرى قراه وبلاده المفقودة، يوم النكبة. لا يجب أن تكون فلسطينيا من اجل التماثل مع الألم، يمكن ايضا أن تكون إسرائيليا يهوديا وحتى صهيونيا، واحترام اولئك الذين يعتبر يوم الاستقلال هو يوم نكبتهم.
كما أنه ليس هناك حاجة لتبني الرواية الفلسطينية من اجل الاعتراف
بأن مأساة فظيعة مرت على هذا الشعب إبن هذه البلاد.
يمكن احترام ألم الآخر الذي لا يوجد شك تاريخي في العلاقة به، واذا اردنا أن نكون منصفين وشجعان فيجب أن نسأل: هل كفّرت دولة إسرائيل في يوم ما عما اقترفته عن سبق اصرار أو بالصدفة، بقصد أو بدون أن يكون لديها خيار آخر، في 1948؟ هل توقفت في مرة ما عن السياسات التي أدت إلى النكبة، أليست هذه بالضبط نفس سياسات الاستغلال، الاحتلال، القمع والتدمير والطرد المستمرة منذ ذلك الحين وحتى الآن، 67 عاما بعد 1948 و48 عاما بعد 1967؟.
يوم النكبة كان يجب أن يكون يوم ذكرى رسمي، ايضا حتى لو أنه يتعلق بأقلية. مثل أعياد الـ «ميمونة» (الطائفة المغربية) و»السهرانة» (الطائفة الكردية) التي اعتبرت في القانون كأعياد رسمية، تتعلق بأقليات اخرى، اطلاق صفارات ومراسيم ذكرى في البلدات الفلسطينية في الدولة وبث خاص في التلفاز للجميع.
يُنظر إلى هذه الاقوال، كما هو مفهوم، كهذيان: في جولة للسفراء جرت في الاسبوع الماضي في صوت الجيش سألت دبلوماسية غربية بسذاجة، هل المحطة الشعبية تبث ايضا الموسيقى العربية. المستضيفون ظنوا أنها جاءت من القمر. من القمر سقط ايضا من يخطر بباله أن دولة إسرائيل يجب عليها احياء يوم النكبة، ينظر اليه كخائن.
لكن الحقيقة هي أنه لا توجد بينة أفضل عن انعدام الثقة لدى إسرائيل في عدالة طريقها من الحرب التي شنتها لمنع احياء النكبة. إن الشعب الذي يثق بعدالته كان سيحترم مشاعر الأقلية ولا يحاول سحق تراثه وذكرياته. إن الشعب الذي يعرف أن شيئا فظيعا يشتعل تحت اقدامه يرى في كل ذكر لما حدث تهديد وجودي.
بدأت إسرائيل حربها ضد النكبة في صبيحة حدوثها: ليس فقط لم تسمح للاجئين بالعودة إلى بيوتهم والى اراضيهم وصادرت ممتلكاتهم المتروكة، بل انها وهي تتوقع ما سيحدث في المستقبل قامت ايضا بتدمير كل الـ 418 قرية تقريبا، وغطت عليها باشجار الكيرن كييمت ومنعت أي ذكر لوجودها.
التفكير البدائي كان أنه يمكن أن نمحوا بالاشجار ذكرى شعب، أن نقمع بالقانون ألمه، وبالقوة وعيه. إن دولة شواهد التخليد حظرت كل لوحة تخليد لكارثتهم. دولة ايام الذكرى والتمرغ في الحزن منعت عليهم الحداد. إن كل عربي وبيده مفتاح قديم اعتبر عدوا. كل يافطة تشير إلى قرية ـ اعتبرت شيئا مقيتا.
ليس فقط لا يوجد عدل هنا، ايضا لا يوجد نفع في ذلك. كلما حاولت إسرائيل قمع الذكرى فانها كما هو مفهوم تتعاظم. لقد حاول الاتحاد السوفييتي القيام بذلك لليهود ولاقليات اخرى، وفشل ، أبناء الجيل الثالث والرابع للنكبة يتذكرون ويتجرأون اكثر من سابقيهم. على خرائب عدد من القرى اقيمت مخيمات صيفية ممنوعة. ليس هناك حفيد للاجئين لا يعرف قرية آبائه. إن الجرح المغطى لن يلتئم في يوم من الايام.
كم كان سيكون جميلا لو أن إسرائيل قامت بعدد من الخطوات الرمزية، كما كان سيكون جميلا لو قام ويلي برانت إسرائيلي، وهو يركع على ركبتيه ويأخذ على عاتقه المسؤولية ويطلب المغفرة، ولو أن البلاد امتلأت ايضا بيافطات تذكار لما كان ولم يعد قائما. كما كان سيكون جميلا لو أن إسرائيل سمحت غدا لمواطني الاقلية أن يحييوا كما يجب يوم كارثتهم ـ احدى الكوارث القومية الكبرى والمستمرة في التاريخ ـ على الاقل تحترم ألمهم.
جدعون ليفي
هآرتس 14/5/2015
هآرتس 14/5/2015
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق