المبيدات الحشرية في أطباق طعامنا !!؟ بقلم : عدلي البرقوني البرعصي

المبيدات الحشرية في أطباق طعامنا !!؟

بقلم : عدلي البرقوني البرعصي

 

هذا العنوان المُخيف بدأ يظهر في الصحافة الأوروبية لا سيما الفرنسية والسويسرية ثم الصحافة الأمريكية خلال السنوات الثلاث الماضية إلى جانب عناوين مماثلة منها : المبيدات الحشرية  في التربة...المبيدات الحشرية في مياه الشرب  ...المبيدات الحشرية في المواد الغذائية ...!!؟ وبدأت من  حينها أجراس الإنذار من السموم الداخلة في تركيبة المبيدات الحشرية  تقرع عاليا محذرة من السكوت على عمالقة و ( حيتان ) الشركات المصنعة لتلك المبيدات في فرنسا وسويسرا وأمريكا مثل شركة باير الألمانية التي تأسست عام 1863 وشركة سيجنتا السويسرية التي تشكلت عام 2000 في بازل  بسويسرا وغيرهما ، إذ بالرغم من نجاح هذه الشركات في تصنيع العديد من المبيدات الحشرية التي أسهمت بصورة واضحة في حماية العديد من المنتجات الزراعية من الآفات الحشرية لا سيما المنتجات الداخلة في معظم طعامنا اليومي  كالحبوب والخضروات والفواكه كما أظهرت وأثبتت ذلك العديد من التقارير العلمية إلا أن المخاوف بدأت تظهر منذ ثلاث  سنوات بخصوص بعض المواد الكيماوية الضارة الداخلة في صناعة هذه المبيدات لا سيما  المواد المسماة بـ néonicotinoïdes  (نيونكتينويدات) ...

قناة تلفزيون TV5 الفضائية الفرنسية خصصت صباح أمس الأحد 3-05-2015 حلقة نقاش مكثفة  حول هذا الموضوع الحساس (حوالى 45  دقيقة) استعرضت خلاله تقارير وأراء عدد  من علماء الكيمياء الفرنسيين والأمريكيين وتحذيراتهم من  خطورة  هذه المادة ( نيونكتينويدات ) الداخلة في تصنيع المبيدات الحشرية لا سيما ضررها البالغ على حياة النحل بشكل  خاص  وذلك يشمل بالتأكيد جميع الكائنات الحية.. إذا أنها تصنف كمواد ذات سمية عصبية خطيرة أكثر ضرراً من مادة ال  (دي.دي.تي ) بحوالي 5000-10000 مرة !!؟   وقد لاحظ الباحثون المختصون خلال العشرين سنة الماضية أن ما نسبته من20 إلى 30% من النحل بدأ يموت بمعدل  سنوي في سويسرا وغيرها من الدول الأوربية...وتعد هذه الأرقام مثيرة للقلق سيما وأن النحل يلعب دورا أساسياً في عملية تلقيح النباتات ، ومنذ ملاحظة هذا المعدل السنوي  من موت النحل بتلك الطريقة الغامضة نشطت الأبحاث العلمية وتضاعفت في أوروبا لتكتشف خطر مادة الـ (  نيونكتينويدات) الداخلة في صناعة العديد  من المبيدات الحشرية كسبب مباشر لهذه الظاهرة وعلاقتها بهذا الموضوع.

 وتم الحديث خلال هذه الحلقة العلمية المتلفزة عن انتقال تأثيرات هذه المواد السمية العصبية لسلسلة المنتجات الزراعية الداخلة في معظم الأغذية التي نتناولها بطريقة بطيئة ومحذرين في نفس الوقت من تأثيراتها الخطيرة الضارة على صحة الانسان والتي يتوقع ظهورها خلال السنوات القادمة ...وتم الحديث في نفس هذه الحلقة المتلفزة  أمس عن الصراع بين حيتان الشركات المصنعة بمجال الكيميائيات الزراعية التي تملك مليارات الدولارات مثل ( باير وسيجنتا و بي.إس.وبين وسائط الإعلام والعلماء البارزين الذين حاولوا تسليط  الضوء على هذا الموضوع حيث وجهت تلك الشركات تهديدات بالملاحقة القانونية لبعض الصحف  ووسائط الإعلام التي بدأت تتحدث حول هذا الموضوع وهددتها بتكبيدها تعويضات مالية ضخمة من خلال المحاكم التجارية سيما وأن هذه الشركات تمتلك طواقما من المحامين المحنكين والمختصين في متابعة وكسب مثل تلك القضايا وهو الأمر الذي لا يتوفر حتى لدى المؤسسات العلمية والبحثية الأوربية المشهورة !!؟ 

* عدلي البرقوني – إعلامي ومترجم  انجليزي  فرنسي.

adlipress@hotmail.com