الثلاثاء، 6 أغسطس 2013

الشهيد المجاهد عوض يحيى العقاب الغيثى يجسّد حركة الجهاد من أجل وحدة الوطن


الشهيد المجاهد

عوض يحيى العقاب الغيثى

يجسّد حركة الجهاد من أجل

وحدة الوطن


أحد شهداء الوحدة الوطنية


الشهيد عوض العقاب الغيثى  جاهد فى كل شبر من الوطن فمن سرت إلى مصراته إلى القرضابية إلى الجغبوب والكفرة فإستحق أن يكون شهيد الوحدة الوطنية وإشتهر فى المنطقة الغربية والمعاراك التى شارك فيها بالعبيدى وبذلك شرّف قبيلة بأسرها.

الشهيد عوض يحيى العقاب … عائلة المبروك بوعلى الفرجانى  (بيت غيث) من قبيلة العبيدات نشأ وترعرع فى أحضان الأطراف الشمالية من الصحراء الليبية ، فتطبعت حياته بقساوة الصحراء حيث تأقلم مع تلك الحياة الصعبة مما ساعد ذلك فى تكوين شخصيته التى إشتهر بها فى حركة الجهاد.

ولد سنة 1876م بمنطقة العزيات …. ولم يكن حظه من التعليم وافراً إلا أنه كان لبقاً وفطناً …. كان متوسط الطول … يميل إلى السمنه …. أسمر البشرة …. جاد فى حياته لا يبتسم إلا إذا لزم الأمر ….. ذا أخلاق عالية وشخصية مميزة بين أفراد عائلته …. كان محبوباً من قبل الجميع لما تميز به من رجاحة العقل … عاش يتيم الأب حيث توفى والده وهو فى أحشاء والدته (فاطمه النقطيه) التى أجبرتها الظروف على الزواج بعد وفاة والده فأنجبت أربعة أبناء شاركوا جميعهم فى ملاحم الجهاد وأستشهدوا فى معارك بطولية من أجل الوطن

لم ينجب عوض العقاب سوى بنت تدعى (مبروكه) ….. درس القرآن وحفظ أجزاء منه بالمدارس القرآنية فى زوايا الجغبوب والكفرة.

لم يتأخر لحظة عن تلبية دفع ضريبة الجهاد فقدّم حياته من أجل الوطن وعمره 38 سنة وإلتحق بحركة الجهاد فى سنة 1914م حيث إشتهر بالحكمة والصرامة ، وترقى حتى أصبح معاوناً لرفيق دربه عمر المختار …. لم يؤثر قصوره العلمى فى دوره المتميز فى حركة الجهاد فشارك فى كثير من ملاحم الجهاد بالمنطقة الغربية ولقب هناك بالعبيدى … تفوقه وفطنته وعزيمته الصادقة كل ذلك رشحه من قبل السيد أحمد الشريف السنوسى لضمه لقائمة الدارسين للعلوم العسكرية بتركيا … حيث تخرج فيها برتبة عالية شارك بعدها فى معارك عديدة منها الهانى وسوانى بن يادم والنوفليه والقرضابية .

شارك أيضاً فى معارك بسرت ومصراته ثم توجه إلى الجغبوب حيث شارك إلى جانب عبدالجليل سيف النصر فى عدة معارك ، ومما يروى فى هذا الجانب أنه إستطاع تحرير عبدالجليل سيف النصر الذى وقع أسيراً فى أيدى القوات الإيطالية حيث هاجم ورفاقه السجن وتم تحريره. مما أشاد به أحد شعراء حركة الجهاد الذى قال (( فكاكة إللى محبوس … دوم عزهم دورة عوض )) كما يقال عنه أنه تم القبض عليه وسجن فى مدينة درنه فترة من الزمن حيث إستطاع أن يفك أسره وإلتحق برفاقه المجاهدين .

لقد كانت روحه الإيمانية تزداد على الشدائد والمكاره والعزوف عن مباهج الحياة وقد رفعته شجاعته إلى مصاف الأبطال التى ظهرت فى جهاده بدور الحاسه والعبيدات تحت قيادة الشهيد (الفضيل بوعمر).

وعندما أستشهد المجاهد الفضيل بوعمر حزن عمر المختار كل الحزن وقام بإعداد فرقة كبيرة من المجاهدين بقيادة عوض العقاب للأخذ بثأر الفضيل وكان ذلك بتاريخ 27/1/1931 م حيث لقن العدو درساً قاسياً .

واصل الجهاد رغم الظروف القاسية وخاصة بعد نقل أهلنا إلى المعتقلات الجماعية وعاش قلة الزاد والعتاد فكان ورفاقه يقاتلون على أرض خالية من مظاهر الحياة والأعوان وموارد العيش ، ومما زاد الأمور سوءً قفل الحدود الشرقية بالأسلاك الشائكة إحكاماً للسيطرة على حركة الجهاد .

كما عُرف عنه الصرامة والإنضباط فى الأوامر لذا كانت تتردد بين أصحابه عبارة (عطك مرض .. وسوط عوض)….. لقد كان دائماً سباقاً للتضحية فى سبيل رفاقه … ويروى عنه رفيقه المجاهد (ونيس الرفادى) بأنه خرج برفقته مع خمسة من المجاهدين فى مهمة جهادية وبينما هم فى الطريق شاهدوا بعض الآليات المدججة بالسلاح تقترب منهم فقال المجاهد عوض العقاب لرفاقه ، لا نستطيع أن نواجههم ولكن سأحاول إبعادهم عنكم فأختفوا عن الأنظار ثم إمتطى صهوة جواده وأخذ فى إطلاق النار عليهم ثم إنحرف جهة غير جهة رفاقه فأخذت القوات الإيطالية تطارده ودخل أحد الوديان فعجزت قوات العدو عن اللحاق به وإلتقى برفاقه فى اليوم التالى .

شارك فى العديد من المعارك منها معركة الصفصاف  والمحجة بخولان ومعركة وادى الرملة الذى يقع بين خولان والمخيلى يوم 30/3/1931 والتى أصيب فيها ببعض الجروح وأستشهد فيها أحد رفاقه وهو المجاهد الكبير (إدريس بوبنه) وكذلك معركة بئر عزيز ومعركة قصور المراعى ومعركة المقبرة التى أنقذ فيها إمرأة تدعى عتيقه مسعود الدرسى التى كانت ترافق المجاهدين فى المعارك وقد سقطت فى أرض المعركة وحاول الكثير من المجاهدين إنقاذها ولم يفلحوا من شدة هول المعركة. ولكن بشجاعة عوض العقاب تم إنقاذها حيث حملها خلفه على صهوة جواده بالرغم من الجروح البالغة فى يديه ، ولحق به بعض من جنود العدو فأخذ يطلق النار عليهم تساعده المجاهدة (عتيقه) بحشو البندقية بالرصاص نظراً لإصابته البالغة.

كما شارك بمعركة (الفائدية) يوم 16/6/1930م ومعركة ظهر الحوار عام 1931م والتى كانت آخر معركة خاضها المجاهد عوض العقاب الذى أستشهد فيها وهو يدافع ويقاتل قوى الشر والطغيان فكان رمزاً للشجاعة والتضحية فى سبيل عزة وطنه ودينه بكل حماس فبعدما أحس بنفاذ ذخيرته التى أصبحت إطلاقة واحدة هجم بكل قوة من فوق جواده على المركبة المدرعة ورمى أحد أفراد طاقمها بالإطلاقة الوحيدة المتبقية فأرداه قتيلاً ثم قفز من على المدرعة بكل فخر وإعتزاز المجاهد إلى الأرض وهو يطلق صيحات التكبير فأستدارت المدرعة فى إتجاهه وأطلقت على جسمه عيارات نارية فوقع شهيداً … وكان ذلك أوائل شهر مايو 1931م وقد أكد هذا التاريخ مطابقته للروايات التى أثبتت أن هذه المعركة وقعت قبل تنفيذ حكم الإعدام فى شيخ الشهداء عمر المختار بحوالى أربعة أشهر وخاصة تلك الرواية بحديث المجاهد عمر المختار عن قصة منامه الشهيرة حيث جمع المجاهدين وقال لهم أننى رأيت فى المنام الشهيد عوض العقاب يدرب طابوراً من المجاهدين وعندما إقتربت منه نادانى عوض بأن أتقدم الطابور فدخلت وإستطرد قائلاً … لهذه أجمعكم وأقول لكم إن هايتى وشيكة حسب تفسيرى وإننى فى طريقى إلى الشهادة قريباً.

وقد كلّف المجاهد يوسف بورحيل بقيادة المجاهدين بعد إستشهاد المختار… هذه مسيرة حياة المجاهد عوض العقاب الذى إستشهد بمعركة الحواره ونقله المجاهدون سراً من أرض المعركة ودفن بمقبرة (شطيب الناب) وبالتحديد برويس إحميده بمنطقة المسلقون … ودفن وكأنه إنسان عادى وليس عوض العقاب البطل ولم يتعرف المجاهدون عليه نظراً لأن القوات الإيطالية إعتادت عند قتل قيادى بارز قطع رأسه ليعّرض على الأهالى (ترهيباً) لهم ، ثم يغلّف ويرسل إلى روما تنكيلاً وتمثيلاً بهم أمام الإيطاليين  وتسبب إخفاء جثته فى عدم  تدوين إسمه بالسجلات الحربية ولكنه دخل التاريخ من أوسع أبوابه . أما قطع الرأس عند الإيطاليين ليس غريبا ًوحدث ذلك مع الشهيد الفضيل بوعمر والشهيد يوسف بورحيل والشهيد سليمان بومطارى .

وقد حزن المجاهد عمر المختار على فقدان الفارس والبطل العقاب حزناً عميقاً لأنه كان يعتز بشجاعته وكفاءته القتالية ، ولكن فقدان الأبطال الذين قدموا أنفسهم فداءً للوطن يعد مفخرة لأهلهم وأبنائهم وأحفادهم وستظل ذكراهم ترفرف فى سماء حياتنا وتاريخنا إلى الأبد ذلك لأنهم أحبوا وطنهم فأحبهم الله .

هذه بعض من سيرة بطل من ابطالنا الأشاوس إنه الشهيد (عوض العقاب الغيثى) الزاخرة بالشجاعة والثبات على الحق نختمها بقول الشاعر فيه بقصيدة راس اللبن …

راس اللبن كيف الحـوارة   ***** ومنه أساره ***** أستشهد القائد غايبين أنصاره

عوض العبيدى كم من ملاطم داره ***** فارس جهاد وقوته عواقه

فوق من قصير القيد بو عسكاره  ***** خش المدور قاصد السواقه

ثابت الذخيره وفيه شاطت ناره  ****** دار واجبه وأجره على خلاقه

فعلى روحه الطاهرة وأرواح المجاهدين البررة الفاتحة .

أقول …. إن الشهيد عوض يحيى العقاب شكّل بشجاعته وبطولته أسطورة فى الجهاد وملاحم الشرف ، لقد كان رجلاً وحدوياً آمن بوحدة الوطن زاده كتاب الله  الذى آمن به ودرسه فى مدرسة الجهاد  بالزوايا الصوفية السنوسية ، لقد كان جندياً مطيعاً لشيخه وقائده عمر المختار ، هكذا هم رجال حركة الجهاد الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن نحيا نحن ونعيش فى أمن وسلام  … فتحية للأولئك الأبطال الذى لم يعرفوا الجهوية ولا العنصرية ولا أنت (لمن) أو إمنين جاى ومن قبيلتك ولكننا اليوم نقول وبكل فخر وإحترام هنئياً لأحفاد عوض العقاب الغيثى الذى شرّف بجاهده وإستشهاده أحفاده وبيت (غيث ) تحديداً ومنطقة الجبل الأخضر والوطن بأسره فكان رمزاً من رموز حركة الجهاد ، هذا الرجل الذى قال عنه المرحوم المجاهد / صالح عبدالله الشيخ وهو الذى عالجه بعد أن أصيب فى إحدى معارك الجهاد (إن شجاعة هذا الرجل تفوق الخيال) عندما كان يستخرج له رصاصة من ساقه وكنت قد تطرقت إلى ذلك فى مقالة بالخصوص .

ولكن وللأمانة التاريخية ولما عاهدت نفسى عليه ومن الوثائق التاريخية التى أتيحت لى الفرصة من الإطلاع عليها أن  التاريخ له صفحات بيضاء وأخرى حالكة السواد فلم يسبق لى أن ذكرت أى صفحة قد تتسبب فى إثارة الماضى وما تعرضت له حركة الجهاد فى بعض الأحيان من أقرب الأقارب فلم أذكر  فى كتاباتى  التاريخية سوى الصفحات البيضاء بالرغم من ما تعرض له هذه البطل الشريف والذى دخل صفحات التاريخ غصباً عن أولئك الخونة الذين تآمروا عليه بعد أن رفض إلقاء سلاحه وأقسم أن لايموت إلا فى ساحات الجهاد ، وهو ما دعى القوات الإيطالية وتلك المُدرعة الآثمة التى مثلت بجسده الطاهر بعد قطع رأسه ، وليعلم الجميع أن التاريخ لايرحم . وهذا رداً على الإستفسار الذى جاء فى كتاب(عوض العقاب الشجاعة والبطولة) ودفن عوض العقاب كأى إنسان عادى ….. !!!! أقول أن هناك من لا يريد للشهيد عوض العقاب وتاريخه المشرف أن يخرج للنور حتى تبقى قصة إستشهاد البطل فى ظلام التاريخ فهيهات لمن يريد ذلك فهؤلاء الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون وتاريخهم محفور فى ذاكرة الشرفاء من أحفاد المجاهدين .

لقد كان أحد أجدادنا المرحوم المناضل  / صالح محمد سالم سرقيوه يقول ويردد دائماً مطلع قصيدة يبدو أنها تذكر تاريخ بيت (غيث ) المشرف ….

الجود غيث **** وعيت عبدالله بزايد **** كسابة إكحيله **** فراجة الكرب والشدائد

المراجع / كتاب عوض العقاب (الشجاعة والبطولة) بتصرف

ما كتبه  الدكتور / مصطفى الهاين عن حركة الجهاد

روايات شفهية عن الأجداد لما تعرض له الشهيد العقاب

عوض العبيدى

المجاهد الشهيد عوض العقاب العبيدي وعلي يمينه قائد جبهة درنة أنور باشا ويليه مصطفي كمال أتاتورك مؤسس دولة تركيا الحديثة ومجموعة من الضباط الأتراك وهم في جبهة درنة عام 1911م.


العقاي

المجاهد الشهيد عوض العقاب العبيدي مع أبناء عمومته من قبيلة العبيدات في جبهة درنة عام 1911م


العقاب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق