الثلاثاء، 6 أغسطس 2013
الشهيد المجاهد عوض يحيى العقاب الغيثى يجسّد حركة الجهاد من أجل وحدة الوطن
الشهيد عوض يحيى العقاب … عائلة المبروك بوعلى الفرجانى (بيت غيث) من قبيلة العبيدات نشأ وترعرع فى أحضان الأطراف الشمالية من الصحراء الليبية ، فتطبعت حياته بقساوة الصحراء حيث تأقلم مع تلك الحياة الصعبة مما ساعد ذلك فى تكوين شخصيته التى إشتهر بها فى حركة الجهاد.
شارك أيضاً فى معارك بسرت ومصراته ثم توجه إلى الجغبوب حيث شارك إلى جانب عبدالجليل سيف النصر فى عدة معارك ، ومما يروى فى هذا الجانب أنه إستطاع تحرير عبدالجليل سيف النصر الذى وقع أسيراً فى أيدى القوات الإيطالية حيث هاجم ورفاقه السجن وتم تحريره. مما أشاد به أحد شعراء حركة الجهاد الذى قال (( فكاكة إللى محبوس … دوم عزهم دورة عوض )) كما يقال عنه أنه تم القبض عليه وسجن فى مدينة درنه فترة من الزمن حيث إستطاع أن يفك أسره وإلتحق برفاقه المجاهدين .
واصل الجهاد رغم الظروف القاسية وخاصة بعد نقل أهلنا إلى المعتقلات الجماعية وعاش قلة الزاد والعتاد فكان ورفاقه يقاتلون على أرض خالية من مظاهر الحياة والأعوان وموارد العيش ، ومما زاد الأمور سوءً قفل الحدود الشرقية بالأسلاك الشائكة إحكاماً للسيطرة على حركة الجهاد .
كما عُرف عنه الصرامة والإنضباط فى الأوامر لذا كانت تتردد بين أصحابه عبارة (عطك مرض .. وسوط عوض)….. لقد كان دائماً سباقاً للتضحية فى سبيل رفاقه … ويروى عنه رفيقه المجاهد (ونيس الرفادى) بأنه خرج برفقته مع خمسة من المجاهدين فى مهمة جهادية وبينما هم فى الطريق شاهدوا بعض الآليات المدججة بالسلاح تقترب منهم فقال المجاهد عوض العقاب لرفاقه ، لا نستطيع أن نواجههم ولكن سأحاول إبعادهم عنكم فأختفوا عن الأنظار ثم إمتطى صهوة جواده وأخذ فى إطلاق النار عليهم ثم إنحرف جهة غير جهة رفاقه فأخذت القوات الإيطالية تطارده ودخل أحد الوديان فعجزت قوات العدو عن اللحاق به وإلتقى برفاقه فى اليوم التالى .
شارك فى العديد من المعارك منها معركة الصفصاف والمحجة بخولان ومعركة وادى الرملة الذى يقع بين خولان والمخيلى يوم 30/3/1931 والتى أصيب فيها ببعض الجروح وأستشهد فيها أحد رفاقه وهو المجاهد الكبير (إدريس بوبنه) وكذلك معركة بئر عزيز ومعركة قصور المراعى ومعركة المقبرة التى أنقذ فيها إمرأة تدعى عتيقه مسعود الدرسى التى كانت ترافق المجاهدين فى المعارك وقد سقطت فى أرض المعركة وحاول الكثير من المجاهدين إنقاذها ولم يفلحوا من شدة هول المعركة. ولكن بشجاعة عوض العقاب تم إنقاذها حيث حملها خلفه على صهوة جواده بالرغم من الجروح البالغة فى يديه ، ولحق به بعض من جنود العدو فأخذ يطلق النار عليهم تساعده المجاهدة (عتيقه) بحشو البندقية بالرصاص نظراً لإصابته البالغة.
وقد كلّف المجاهد يوسف بورحيل بقيادة المجاهدين بعد إستشهاد المختار… هذه مسيرة حياة المجاهد عوض العقاب الذى إستشهد بمعركة الحواره ونقله المجاهدون سراً من أرض المعركة ودفن بمقبرة (شطيب الناب) وبالتحديد برويس إحميده بمنطقة المسلقون … ودفن وكأنه إنسان عادى وليس عوض العقاب البطل ولم يتعرف المجاهدون عليه نظراً لأن القوات الإيطالية إعتادت عند قتل قيادى بارز قطع رأسه ليعّرض على الأهالى (ترهيباً) لهم ، ثم يغلّف ويرسل إلى روما تنكيلاً وتمثيلاً بهم أمام الإيطاليين وتسبب إخفاء جثته فى عدم تدوين إسمه بالسجلات الحربية ولكنه دخل التاريخ من أوسع أبوابه . أما قطع الرأس عند الإيطاليين ليس غريبا ًوحدث ذلك مع الشهيد الفضيل بوعمر والشهيد يوسف بورحيل والشهيد سليمان بومطارى .
وقد حزن المجاهد عمر المختار على فقدان الفارس والبطل العقاب حزناً عميقاً لأنه كان يعتز بشجاعته وكفاءته القتالية ، ولكن فقدان الأبطال الذين قدموا أنفسهم فداءً للوطن يعد مفخرة لأهلهم وأبنائهم وأحفادهم وستظل ذكراهم ترفرف فى سماء حياتنا وتاريخنا إلى الأبد ذلك لأنهم أحبوا وطنهم فأحبهم الله .
أقول …. إن الشهيد عوض يحيى العقاب شكّل بشجاعته وبطولته أسطورة فى الجهاد وملاحم الشرف ، لقد كان رجلاً وحدوياً آمن بوحدة الوطن زاده كتاب الله الذى آمن به ودرسه فى مدرسة الجهاد بالزوايا الصوفية السنوسية ، لقد كان جندياً مطيعاً لشيخه وقائده عمر المختار ، هكذا هم رجال حركة الجهاد الذين ضحوا بأرواحهم من أجل أن نحيا نحن ونعيش فى أمن وسلام … فتحية للأولئك الأبطال الذى لم يعرفوا الجهوية ولا العنصرية ولا أنت (لمن) أو إمنين جاى ومن قبيلتك ولكننا اليوم نقول وبكل فخر وإحترام هنئياً لأحفاد عوض العقاب الغيثى الذى شرّف بجاهده وإستشهاده أحفاده وبيت (غيث ) تحديداً ومنطقة الجبل الأخضر والوطن بأسره فكان رمزاً من رموز حركة الجهاد ، هذا الرجل الذى قال عنه المرحوم المجاهد / صالح عبدالله الشيخ وهو الذى عالجه بعد أن أصيب فى إحدى معارك الجهاد (إن شجاعة هذا الرجل تفوق الخيال) عندما كان يستخرج له رصاصة من ساقه وكنت قد تطرقت إلى ذلك فى مقالة بالخصوص .
ولكن وللأمانة التاريخية ولما عاهدت نفسى عليه ومن الوثائق التاريخية التى أتيحت لى الفرصة من الإطلاع عليها أن التاريخ له صفحات بيضاء وأخرى حالكة السواد فلم يسبق لى أن ذكرت أى صفحة قد تتسبب فى إثارة الماضى وما تعرضت له حركة الجهاد فى بعض الأحيان من أقرب الأقارب فلم أذكر فى كتاباتى التاريخية سوى الصفحات البيضاء بالرغم من ما تعرض له هذه البطل الشريف والذى دخل صفحات التاريخ غصباً عن أولئك الخونة الذين تآمروا عليه بعد أن رفض إلقاء سلاحه وأقسم أن لايموت إلا فى ساحات الجهاد ، وهو ما دعى القوات الإيطالية وتلك المُدرعة الآثمة التى مثلت بجسده الطاهر بعد قطع رأسه ، وليعلم الجميع أن التاريخ لايرحم . وهذا رداً على الإستفسار الذى جاء فى كتاب(عوض العقاب الشجاعة والبطولة) ودفن عوض العقاب كأى إنسان عادى ….. !!!! أقول أن هناك من لا يريد للشهيد عوض العقاب وتاريخه المشرف أن يخرج للنور حتى تبقى قصة إستشهاد البطل فى ظلام التاريخ فهيهات لمن يريد ذلك فهؤلاء الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون وتاريخهم محفور فى ذاكرة الشرفاء من أحفاد المجاهدين .
روايات شفهية عن الأجداد لما تعرض له الشهيد العقاب
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق