المحامي الإيطالي
روبرتو لوتنانو المنتدب للدفاع
عن عمر المختار
بقلم:عمر بوشويشينه
وسط الصحائف السوداء لتاريخ الاحتلال الايطالي لليبيا هناك ومضات قام بها بعض الايطاليين والأوربيين كانت الإنسانية والحقيقة هي الدافع لهم في التحول ألي صفوف المقاومة الليبية أو الوقوف ألي جانب الحق والعدل ، بعد أن تبين لهم ظلم ووحشية هذا الاحتلال ، والاعتداء علي شعب آمن من حقه الدفاع عن نفسه .
برز من هولاء العديد في تلك الحقبة منهم المجاهد يوسف المسلماني ( كرميني يوريو جوسيبي ) ، الذي غادر الحامية الايطالية بدرنه بلا عودة مفضلاً الالتحاق بصفوف المقاومة الليبية مقاتلاً ، أشهر أسلامه بمنطقة عكرمة ، قبض عليه عام 1928 م واعدم بواحة أوجلة ، ولا ننسى الضابط الانجليزي ستوارت سمول وود Stuart Smallwood الذي اعتنق الدين الإسلامي والتحق مقاتلاً بمعسكر عين بومنصور بدرنه عام 1912 م وأستشهد في عملية فدائية ضد قوات الاحتلال الايطالي .
وان كان الدور الإنساني والمميز في الوقوف الي جانب الحق والعدل للمحامي الإيطالي روبرتو لوتنانو المنتدب للدفاع عن عمر المختار من قبل هيئة المحكمة الايطالية ، هذا المحامي الشاب النقيب بسلاح المدفعية بالجيش الايطالي حافظ علي شرف مهنة المحاماة وبرهن علي أن هذه المهنة رسالة إنسانية تقف ألي جانب الحق والحقيقة في كل زمان ومكان وتنير طريق العدالة .
حيث قال في مرافعة الدفاع ” أن هذا المتهم الذي إنتدبت للدفاع عنه وكنت متردداً في أول الأمر ولكن ضميري حدثني بأنها إنسانية مني لابد من قبول الدفاع وها أنا أقف أمامكم لأقول لو أني التقيت بهذا الرجل في الشارع لم أتردد لحظة في سحب مسدسي هذا وإطلاق النار عليه حتى أرديه قتيلاً لأنه عدوي وعدو دولتي غير أن الذي أريد أن أقوله أن هذا الرجل عمر المختار يدافع عن حقيقة كلنا نعرفها وهي الوطن وكم ضحينا نحن في سبيل تحريره ” .
وبرغم من صيحات الإستهجان للحاضرين المطالبة بإخراج المحامي احتاجاً علي المرافعة لكنه استمر قائلاً ” العدالة الحقة لا تخضع لأي سلطان ولا لأية غوغاء وإنما يجب أن تنبع من ضميرنا وإنسانيتنا ” .
ولكن القاضي رد علي المحامي بأن لا يخرج عن الموضوع ويتكلم بإيجاز آخذاً باحتجاج المدعي العام علي المرافعة رد المحامي وبحده قائلاً ” هنا محل الشرح الكافي إذا كنا رجال العدالة الحقيقية أما إذا كنا غير ذلك فيجب أن نترك الموضوع وأحكموا بمفردكم ولا لزوم لهذه المحكمة وجلستها ، إن عمر المختار الذي أمامكم وليد هذه الأرض قبل وجودكم فيها ويعتبر كل من احتلها عنوة عدواً له ومن حقه أن يقاومه بكل ما يملك من قوة حتى يخرجه منها أو يهلك دونها هذا حق أعطته له الطبيعة والإنسانية ” .
وهنا تعالت الأصوات المحتجة وعمت الفوضى خارج المحكمة وقام المدعي العام محتجاً علي المحامي ولكنه استمر في دفاعه غير مبال بكل هذا بل حذر القاضي علي أن يحكم ضميره قائلاً ” أن هذا المتهم عمر المختار الذي انتدبت من سوء حظي أن أدافع عنه شيخ هرم قد أحنت السنون ظهره وماذا بقي له من العمر بعدما بلغ السبعين ؟ وإني أطلب من عدالة المحكمة أن تكون رحيمة فتخفف العقوبة عنه لأنه صاحب حق ولن يضير العدالة إذا هي أنصفته بحكم أخف وأني آمل أن تحذر عدالة محكمتكم حكم التاريخ فهو لا يرحم .
إن عجلته تدور وتسجل كل ما يحدث في هذا العالم المضطرب ، لقد حذرت المحكمة من مغبة العالم الإنساني والتاريخ وليس لدي ما أضيفه إلا طلب تخفيف الحكم علي هذا الرجل صاحب الحق في الذود عن أرضه ودينه ” .
عندها قام المدعي العام محتاجاً مره أخري علي المحامي قاطعة القاضي برفع الجلسة للمداولة ، لم يحضر المحامي جلسه تلاوة النطق بالحكم احتاجاً علي الحكم ، بعد مرافعة موجزةً وقوية وقف فيها الي جانب الحق مسجلاً ومضه في تاريخ الاحتلال الايطالي و تاريخ العدالة وقد عوقب علي هذه المرافعة بالسجن المشدد لمدة عشرة أيام و هناك الكثير من الايطاليين وغيرهم من الأوربيين الذين وقفوا ألي جانب القضية الليبية ولهم يكن الشعب الليبي الاحترام والتقدير ويقدر وقفتهم الي جانب الحق .
نقلاً عن موقع دنيا الوطن
تم نشر المقالة فى (23/9/2008).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق