السبت، 10 أكتوبر 2015

رسالة إلى من يهمهم امرهم..



رسالة إلى من يهمهم امرهم.. 

إبراهيم قراده .. سياسى



وقفة امازيغية ضرورية الان.. الامازيغ ليسوا ولن يرضوا بأن يكون اقلية منعزلة ومتقوقعة ومهددة..

سيناريو قد يكون بعيد او قريب: المنطقة تعاني من الحروب والتقاتل العرقي والطائفي والمذهبي والقبلي، والتي ينتج عنها معاناة عظيمة من قتل جماعي وتهجير جماعي على الهوية، وشرور لا حد لها سببها تدحرج لهيب الكراهية والانتقام. قد يقول قائل: ان ليبيا محصنة وان روابط الاخوة الليبية اسمى وأوعى من ذلك. لكن التذكير بما يحدث في مشرقنا القريب وجنوبنا المجاور وما حدث شمال المتوسط منذ سنوات فقط، يحذرنا بعدم التهاون وبل الاحتياط. فبعد اشتعال الفتيل، فالحجج والاحصائيات لن تجدي، وإصدارات حقوق الانسان لن يقرأها الانسان صاحب الشأن. اضافة إلى ان منطقتنا ابتليت بموجة تكفر باللسان وتقتل بالسيف، ولا تراعي! 

المتحدثون بالامازيغية ليبيون- واصطلاحاً الليبيون الامازيغ او امازيغ ليبيا، لاننا كلنا ليبيون بجدارة واستحقاق وتكافؤ، بعضنا يتحدث العربية والبعض الاخر يتحدث الامازيغية. فامازيغ ليبيا هم جزء اصيل وعميق من الشعب الليبي، يشتركون منشأً وسيرورةً ومصيراً وتواصلاً في الوطن، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً. 

امازيغ ليبيا- في قناعتي وتقديري- ليسوا اقلية ولا هجين، بل مواطنون كاملوا الوطنية والحقوق والأهلية والواجبات كباقي الليبيين. إلا هناك توجه يحاول ان يستثني ويُخرج امازيغ ليبيا من المعادلة الليبية. كذلك، فعواطف امازيغ ليبية هي ليبية الوجدان والمشاعر. ولعل انسب الأمثلة لتوضيحها، ان استحضر سؤال، أجبت عليه: عندما يلعب فريق صقور طبرق مع فريق تيزي وزو الجزائري، فإنني ساشجع صقور طبرق، لان قلبي وعقلي ليبي.

طبعاً، وبدون جدال، عانى امازيغ ليبيا حقبات طويلة من الاضطهاد، والذي بلغ ذروته خلال الحقبة القذافية المريرة، حيث تم إنكار ومحاربة البعد الامازيغي في الهوية الليبية المشتركة التي تقوم أركانها الاساسية على: الاسلام والعربية والامازيغية، وامتداداتها هي المتوسطية والإفريقية، ضمن الوعاء الانساني الجامع. واشتمل الاضطهاد جهوداً حثيثة لإغتيال ووأد اللغة الامازيغية كلغة ليبية عريقة وحية، من خلال منهج قذافي متمرس لطمس الامازيغية، ومعاقبة نشطاء الحق الامازيغي.

وبعد ثورة فبراير، تنفس الليبيون نسائم الحرية المضرجة بالتضحيات الغالية، وتوفرت المساحة التاريخية لامازيغ ليبيا، بمشاركة اخوة الوطن، لرفع الضيم عن الحق الامازيغي وتحقيق استحقاقاته.

إلا ذلك المسار تعثر لأسباب متعددة، فقاطع جزء كبير من امازيغ ليبيا العملية السياسية وامتنعوا عن المشاركة في انتخابات الهيئة الدستورية، والانتخابات البرلمانية، ومداولات الحوار الوطني.

والان، ومن باب الحرص والمسئولية الوطنية اتجاه الليييين عموما، ومن بينهم المتحدثين بالامازيغية، وباعتبار الظرف التاريخي الحرج والذي سيحدد مسارات مستقبلية مهمة تمس حياة ومصير كل الليبيين، على الصعيد الفردي والجمعي والجماعي، فمن الواجب التعبير والتبليغ.

فوضع ومصير امازيغ ليبيا ينتمي ويتأثر ويتحدد في ليبيا، تماماً مثلما هو لباقي الليبيين. فليبيا الوطن والشعب والدولة هي الإطار التي يحدث فيه التفاعل الليبي. ومع كل الاحترام الفكري، فليبيا يجب ان تحدد مسارها وفق إرادة ومصلحة الشعب الليبي، وليس وفق تصورات مستقبلية بعيدة المنال، من ضمنها مفاهيم: الخلافة الاسلامية، او القومية العربية، او القومية الامازيغية، او الوحدة الافريقية. لان تلك المفاهيم ليست جدلية فقط او غير واقعية لدى البعض، بل لانها مستنزفة للوقت الثمين، وخارج القدرة الواقعية ايضاً.

وبهكذا معطيات واعتبارات، فليس من الواجب، ولا من المعقول، ولا المقبول، ولا المبرر ان تترك هذه الامور لبحثها وتحديدها في جهات او دوائر معينة. بل يجب تناولها في العموم وطرحها، لانها- كما سلف- تمس العموم. فالمستقبل يهم الجميع، وبالتالي فتناول وممارسة تحديد المستقبل والمصير مسئولية الجميع. لان اي موقف او مسار سيرسم المستقبل، وتصدي البعض لتحمل عواقبه ومسئوليته الادبية لا يكفي، لانه يمس ويتأثر به الجميع إيجاباً او سلباً. 

ليس من حق أي كان احتكار حق التعبير في الشأن العام وتكميم الاخر، حتى لو تم تخويل البعض من قبل البعض بالممارسة. لان الملاحظ هو تحاشي وتخوف البعض من التعبير، تجنباً لماكينة احكام التخوين والتحقير والتشهير الجاهزة في افواه البعض، ممن يعتقد في نفسه الحكمة المقدسة المتربعة على منصات محاكم التفتيش الوهمية التي تعكس أوهامهم وخيالهم. ولكن، الواجب يحتم ان التعبير عن الرأي، وان رفضه البعض وفسروه قسراً او غرضاً.

فلقد ترددت كثيرا في كتابة السطور السابقة، تفهماً وحرصاً على الوطن الذي يترنح على شفا هاوية السقوط المريع في مجاهل العنف المنفلت، وتجنباً وترفعاً- لا جبناً- عن ساحة المهاترات التي يتربص بها هواة الصيد الجاف في المستنقعات الراكدة.

كليبي متحدث بالامازيغية لم اشعر يوماً بأنني مختلف، لا بزيادة ولا نقصان، عن اي ليبي اخر. وكليبي وطني اشعر بالانتماء والمسئولية اتجاه كل ليبيا وكافة الشعب الليبي. ودائما كانت بوصلتي هي مصلحة الوطن، فحتى في مصالحي الشخصية- وهي حق ومشروعة- يكون الوطن ومصلحته المعيار الاول والأخير.

اللهم قد حاولت..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق