عمائم فوق رؤوس فهايم
(الجزء الثانى)
المهندس / فتح الله سرقيوه
نحن فى أمس الحاجة إلى عواقل ومن يملكون رجاحة العقل
ليعبروا بنا إلى بر الأمان ولسنا فى حاجة إلى شهادات عليا
تخطط للوصول إلى الكراسى عبر أجندات مشبوهة للعبور
بما ينهبونه من وطننا إلى ما وراء البحار هم وعائلاتهم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هذا
التاريخ الطويل الذى لا يخلوا من المعاناة والتصدى لطغيان الإستعمار فى
أشكاله المتعددة أحياناً والصبر عليه أحياناً أخرى ، لم يجعل الليبيين
يتخلون عن وطنهم فكانت حياة الناس مستمرة ولم تتوقف وكان الليبيون يكيّفون
حياتهم بطريقتهم فى شكل إنتهاج العرف القبلى بديلاً للقوانين الوضعية التى
وضعها المستعمر وقد تعارفوا على أحكام دنويه فى ظل الدين الإسلامى وتعاليمه
وهو ما سهّل عليهم الإستمرار فى الحياة العاديه وحتى لا يعطوا المستعمر أو
الحاكم المستبد فرصة فى نشر الفتنة بينهم وتحريض البعض على البعض الآخر
وبالرغم من ذلك لم يسلموا من مؤامرات الحكام الذين توالوا على حكم ليبيا .
أقول
... فى سنه من سنوات الزمن الصعب مّر أحد ببئر للماء فى إحدى مناطقنا
المتأزمة فوجد رجلاً يقوم بإنزال دلوه لجلب الماء من البئر .. فألقى السلام
على الرجل الذى كان ينظر إلى دلوه داخل البئر فبمجرد أن إلتفت لرد السلام
زلت رجله ووقع فى البئر وقضى إثر ذلك ، إنتشر الخبر وجهّز أهل الرجل
المتوفى أنفسهم يتهامسون بأن إلقاء السلام على إبنهم كان سبباً فى مقتله
ووصل الأمر إلى حمل السلاح وكادت الحرب تشتعل ، وهنا وبعد الخوض فى الموضوع
من قبل العواقل والحكماء ، والمشائخ تم الإحتكام للجلوس فى ما يُسمى
(ميعاد عرب) ... وحددوا اليوم لذلك ، وإذا بهم فى الميعاد أن دخل عليهم رجل
تبدو عليه الهيبة والوقار ولباسه يختلف عن الآخرين ويضع عمامة بيضاء ناصعة
البياض فوق رأسه ، دخل فجأة وجلس دون أن يكلم أحد من الحاضرين ولم يلُقى
السلام على أحد ولم يُسلم على أحد .. فإندهش أحد الحاضرين وقال (عمائم فوق
رؤوس بهايم) وهنا وقف ذلك الشيخ الوقور وقال لا يا شيخ إنها (عمايم فوق
رؤوس فهايم) ...
وأضاف
أنا الشيخ فلان ومنكم من يعرفنى وعرفت بميعادكم اليوم وأنا فى الطريق قلت
فى نفسى ربما ألقى السلام على الميعاد فيموت أحد منكم فكيف سيكون الأمر
بعد ذلك ؟؟!! ... فضحك الجميع وقالوا لقد أنهى هذا الشيخ الميعاد برجاحة
عقله . هذا ما نحتاجه اليوم يا سادة إذا أردنا الوصول إلى المصالحة
الوطنية والإستقرار والأمن والأمان .. نريد عقول وليس شهادات.
.....اليوم
أيها السادة الكرام نحتاج إلى عمائم فوق رؤوس فهايم ،لا عمائم فوق رؤوس
بهايم ، ولسنا فى حاجة إلى واجهات هشه تتعامل مع مجتمعنا وكأنه مجتمع غربى ،
فجامعات العالم لا تمنح العقول بل تمنح شهادات على ورق منها الصحيح ومنها
المزوّر مع إحترامى للبعض وهذا ليس سراً فقد إعترف بها يوماً أحد وزراء
النظام السابق حيث أفاد أن الشهادات العليا المتوفرة فى تلك الفترة منها
ما يقرب 70% غير موثوق بها ومشكوك فى مصادرها ، أنا لا أريد الخوض فى هذا
الموضوع وليس موضوعى ، ولكن ما أهدُف إليه أن أوضاعنا الإدارية والإقتصاديه
والمالية والإجتماعيه بدأت تتفاقم يوم بعد يوم ، وحكومتنا وساستنا (أين هم
؟؟!!) فأصبحوا لا يخرجون علينا إلا من وراء حجاب أو كلمة مبتورة مرتعشة
متلعثمة لدقائق والغالب إما تكون كلمة وعود أو إعتذار عام ، نحن نريد من
يتحدث معنا ويطلعنا على كل شئ ، لأن ليبيا لنا جميعاً والمصير واحد وسياسة
التكتيم والإخفاء (الدسدسه والوشوشه) كما يقال سياسة ربما تؤكد لدينا إحساس
بأن ساستنا لا زالوا لم يثبتوا أنهم أهلاً لهذه المسؤولية ونحن لا نقلل
من خبرتهم وعلمهم وشهاداتهم ولا نطعن فى ذلك لا سامح الله ، فأغلبهم صدر
بحقهم قرارات إيفاد رسميه سواءً حسب الشروط المعمول بها دولياً أو وساطة و
محسوبيه وقد صُرف عليهم من أموال ليبيا ومنهم من تواجد بالخارج لأكثر من 20
سنه لكى يتحصل على الماجستير والدكتوراه بينما المدة التى حددتها الجهات
المختصه فى النظام السابق لا تزيد عن (ست سنوات) أى أن هناك البعض من أخذ
فرصته وفرصة غيره لمرات ومنهم بعد هذه المدة الطويله لم يشعر بأنه قادر عن
الإستغناء عن وجوده بالخارج فإزدوجت جنسيته بناءً على طلبه ، إضافة أنه لم
يعطى (حق العيش) والصبر على الشدائد والمصائب داخل الوطن فالأموال التى
صُرفت عليه من أموال الليبيين وليس من أموال النظام السابق ، اليوم ليس
يوم المحاسبة لأحد ولكن لزاماً على حكومتنا ضرورة الإسراع فى إيجاد الحلول
السريعة للتُهدئة من غضب الشارع الليبى والذى بدأ يقترب من حالة الهيجان
وردات فعله ربما تكون بالضربة القاضيه ... وغناوة العلم إتقول ( إللى ما
بلاه إتحمل .. تقديعك على عيبا خطا) ونحن لا نستغنى عن ساستنا الوطنيين
الخبراء فى هذه المرحلة الإنتقاليه ولا نصطاد أخطائهم حتى وإن وُجدت بقدر
ما نحميهم وندعمهم وندفعهم إلى الأمام من أجل ليبيا الغالية عليهم وعلينا
ونقول لهم (هذا حصانك وهذه السدره) وأعتقد أن الكل يعرف معنى هذا المثل
الشعبى إلا إذا كان أحد أنساه التواجد خارج الوطن الموروث الحضارى لشعبنا
العظيم ... نسأل الله التوفيق للجميع ...والله من وراء القصد. ولنا لقاء
آخر .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق