الحرب الأهلية تُفكك ليبيا ببطء
14/11/2014
دويتشه فيله:
ثلاث
سنوات مرت على سقوط القذافي وليبيا لازالت تعيش تحت وطأة الاقتتال في ظل
غياب سلطة مركزية قادرة على توحيد الصفوف والسيطرة على الوضع الأمني
المتدهور الذي انزلق بالبلاد إلى حرب أهلية. فيما يتوقع البعض
تفككها.
تفجيرات في طرابلس وانفجارت في طبرق ومعارك ضارية في بنغازي – يكاد
لا يمر يوم لا تصلنا فيه أنباء دامية عن قتلى وصراع وقتال. هذا هو حال
ليبيا اليوم. ولا عجب في ذلك: ففي ليبيا يتصارع برلمانان وحكومتان على
الحكم.
أحدهما تحت سيطرة الإسلاميين والآخر تحت سيطرة معارضيهم. كلاهما
يقاتل من أجل الحصول على النفوذ والمال وثروات ليبيا النفطية والغازية،
معتمدا في ذلك على العديد من الميليشيات المتواجدة في البلاد.
هذه الجماعات
المسلحة كانت تقاتل جنبا إلى جنب ضد الدكتاتور الليبي معمر القذافي.
تنازع على الشرعية .
ولكن ومنذ سقوط نظام القذافي، تحاول هذه الجماعات المسلحة فرض
مصالحها بكل ما أوتيت من قوة بما في ذلك من تداعيات كارثية على البلاد.
"ليبيا تشهد نوعا من الحرب الأهلية التي تطغى عليها الاغتيالات والتفجيرات
والاختطافات والتي تحول دون العيش بشكل عادي"، على ما يقول غونتر ماير،
بروفسور في الجغرافيا الاقتصادية ومدير مركز الأبحاث حول العالم العربي في
جامعة ماينتس الألمانية.
ويعزو ماير أسباب تدهور الوضع الأمني إلى أن
المؤسسات السياسية الليبية في عهد القذافي قد تم إضعافها بشكل كبير أو أنها
غير موجود أصلا.
ذلك أن من كان يطلق على نفسه لقب "قائد الثورة الليبية"
أراد إخماد كل محاولة قد تشكل منافسة له من جذورها. فقد قام على سبيل
المثال بإهمال الجيش وأجهزة الأمن النظامية لصالح ما عرف بكتائب القذافي. وبعد
موت القذافي كان من المقرر إدماج الميليشيات المسلحة في أجهزة الأمن
الجديدة للبلاد.
ولكن هذه المساعي مُنيت بالفشل، بل على العكس، فإن هذه
الميليشيات تتلقى رواتب وأجورا من خزينة الدولة ولكنها تقاتل من أجل مصالح
قبيلتها أو مدينتها على حساب مصالح الشرطة أو الجيش.
وحدة مهددة أكثر من أي وقت مضى.
ويتوقع بعض المراقبين تفكك البلاد التي لم تكن تشكل وحدة لفترة
طويلة، ففي عام 1963 فقط تم توحيد أجزاء ليبيا الثلاثة طرابلس وبرقة وفزان
تحت راية ودولة مركزية واحدة. هذه الوحدة مهددة اليوم أكثر من أي مضى.
ذلك
أن الإسلاميين لم يعترفوا بهزيمتهم في الانتخابات وقاموا في أغسطس/ آب
الماضي وبمساعدة ميليشيات من مصراطة بالسيطرة على العاصمة طرابلس.
كما أنهم
قاموا باستصدار قرار من المحكمة الدستورية العليا يقضي بعدم شرعية
البرلمان الليبي المنتخب في يونيو/حزيران الماضي. وبدلا منه قاموا بوضع
برلمان جديد خاص بهم.
"كل ما يحدث في ليبيا هو حرب بالوكالة في العالم
العربي"، على ما يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط غونتر ماير.
"فمن جهة
لدينا الطرف الإسلامي الذي تدعمه كل من قطر وتركيا، فيما تدعم مصر
والإمارات الحكومة المعترف بها رسميا."
البرلمان المنتخب رسميا لم يعد
قادرا على عقد اجتماعاته في العاصمة طرابلس، وإنما أصبح يجتمع في مدينة
طبرق القريبة من الحدود مع مصر. بيد أن شرق ليبيا أيضا يشهد بدوره نزاعات
بين الإسلاميين ومعارضيهم. الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، الذي كان انشق عن
القذافي في نهاية الثمانينات، يقاتل مع ما يسمى الجيش الوطني الليبي في
بنغازي ضد المليشيات ونفوذها في كل البلاد.
الأمل في عودة الاستقرار.
وفي الواقع، فإن ليبيا أصبحت تعد ملاذا آمنا للجهاديين. ففي شرق
ليبيا، وبالتحديد في مدينة درنة، التي تعد معقل الإسلاميين منذ عهد
القذافي، بايع فيها "مجلس شورى شباب الإسلام" خليفة تنظيم "الدولة
الإسلامية" الإرهابي الذي يسيطر على مناطق واسعة في العراق وشمال سوريا.
وكذلك في درنة ليس للمؤسسات الحكومية من تأثير يذكر. وبالتالي، فإنه "ما من
جدل حول أن الدولة في ليبيا قد فشلت"، على ما يقول ماير. كما أنه لا توجد
أي سلطة حكومية من شأنها أن تسيطر على البلاد التي تدهورت فيها الأوضاع
بشكل دراماتيكي خلال السنوات الثلاث الأخيرة. ويوضح ماير بالقول: "الكثير
من الليبيين يتمنون عودة الاستقرار تحت القذافي على الرغم من أنه كان حاكما
دكتاتوريا ومتسلطا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق