الخميس، 3 مارس 2016

ليبيا بين الوحدة والتقسيم!!!:: حسام عبد السلام باش إمام



ليبيا بين الوحدة والتقسيم!!!


بقلم / حسام عبد السلام باش إمام 

3/3/2016  


لاشك ان الوضع في ليبيا هذه الدولة التي لا يزيد عدد سكانها عن 6 ملايين نسمة ولكنهم يقطنون في مدن وبلدات وتجمعات متباعدة تفصل بينها صحاري وجبال، وصفها قديما ومنذ الفين سنة المؤرخ الروماني سترابو ((أن هذه البلاد كجلد النمر يعيش سكانها في بقع متناثرة بينها صحراء))، هذا العامل الطبيعي الجغرافي مع قلة عدد السكان أوجد مجتمعات محلية تتباين في ثقافتها وحتى نظرتها للحياة وعقليتها فشرق وغرب ليبيا تفصل بينهم مفازة سرت الكبيرة وهي قطعة من الصحراء تمتد حتى البحر شكلت فاصلا طبيعا على اتصال السكان بين الشرق والغرب او حدت منه، وعلى طول التاريخ تشكلت في الغرب الليبي ثقافة مختلفة في تفاصيلها عن الشرق الليبي، كان غرب ليبيا أو كما عرفه الرومان تربوليتانيا Tripolitania منجدب دائما الى الثقافة المغاربية.


اما الشرق فكان دائما يميل الى شرق العالم العربي وبالأخص للجارة مصر وبما تمثله من ثقل سكاني وتأثير، كان هذا حال ليبيا خلال القرون الخالية ومند ان احتل الاغريق اقليم سيرانيكا او برقة Cyrenaica واحتل الفينيقيين اقليم طرابلس والذي كان تابع لقرطاجة وفي الوقت الذي كانت فيه المدن الخمس البنتابوليس تابعة لحكم البطالمة في الاسكندرية، ورغم ان الفتح الاسلامي والحكم العثماني حاول ان يجمع شرق وغرب ليبيا في وحدة سياسية واحدة ولكن لم يستطيع ان يمحي النزعة الانفصالية التي حافظ عليها بعض سكان الشرق وتتوضح بقوة في قبائل الجبل الاخضر هذه القبائل التي تحمل موروتاث عربية بدوية واضحة رغم ان البعض يقول ان الاغريق الذين سكنوا المنطقة كانو جزء من تركيبتها، يحمل الكثير من افرادها نزعة انفصالية واضحة وتشعر شعورا اكيد انه لا يربطها أو يجمعها بسكان غرب ليبيا ومنطقة طرابلس أي جامع او رابط.


أذكر ذات يوم وفي مناقشة لزعيم قبلي من احد هذه القبائل انه قال نحن شعبا نختلف عليكم!!!... قد يصدم البعض بهذا الكلام كما صدمت انا لاول وهلة ولكن عند تحليل الامر بعقلانية فإن الرجل قد عبر تماما عن مايشعر به، بعد العثمانيين جاءت إيطالية وحكمت الجميع بقوة الاحتلال فكان ليس هناك مجال للتعبير، وفي العهد الملكي ورغم الجهود الوطنية الصادقة لبناء دولة واحدة والتي بدلها رجال الاستقلال وعلى رأسهم الملك ادريس رحمه الله، إنتهت كل هذه الجهود بالإنقلاب العسكري في سنة 1969م هذا الانقلاب الذي استطاع ان يجند العديد من ابناء القبائل التي اشرنا اليها وكانوا اعضاء فيما يعرف بمجلس قيادة الثورة.

 هذه القبائل المفترض انها كانت تحمي النظام الملكي إنقلبت عليه فجأة ووضعت يدها مع الانقلابيين الذين اعلنوا بيانهم الاول من بنغازي، في عهد الانقلاب عاود كرة الايطاليين وحكم الجميع شرقا وغربا بقوة الحديد والنار، فكانت وحدة تحت السلاح وليس خيار طبيعي بين ابناء الوطن، الان وبعد الثورة اسفر الكل عن وجههم الحقيقي وجائت المطالبات من نفس المنطقة وعبر عن هذا التيار التكتل الفيدرالي!!!


قصدنا بسردنا الطويل هذا أن الموضوع ليس وليد اليوم بل هناك دوافع تاريخية واجتماعية بل نفسية لازالت تحرك فكرة التقسيم في هذا الجزء من ليبيا.... والان ماهو الحل ؟ أعتقد أنه بدون فتح حوار مجتمعي جاد بين الشرق والغرب لوضع النقاط على الحروف، ستستمر قوى انتهازية عسكرية او حزبية او حتى اقليمية ودولية للعب على هذه الاوتار، ولن تستقر ليبيا الا بعد حل مشكلتها الاجتماعية هذه، ظاهر المشكلة سياسية اليوم بين من يؤيد المؤتمر ومن يؤيد البرلمان بين الثورة والثورة المضادة بين الاسلاميين والعسكريين!!!! لانه لاتوجد قوى ليبرالية ذات تأثير فعال حتى الان، كل هذه الصراعات تأتي على خلفيات اجتماعية اساسا، إذا لماذا لانفتح باب النقاش على مصرعيه ونقرر مصير ليبيا بالشكل الذي نتفق عليه ويرتضيه الكل في النهاية وحدة او فيدرالية او تقسيم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق