الثلاثاء، 8 ديسمبر 2015

كيري ينعى اوهام السلام… ماذا ينتظر العرب؟


كيري ينعى اوهام السلام… ماذا ينتظر العرب؟

رأي القدس


كان بمثابة «خطاب وداعي» اعلن اكتمال حلقة اليأس، وبلوغ منتهى طريق الفشل. هكذا بدا خطاب وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مساء السبت في معهد بروكنغر الأمريكي في واشنطن بشأن فرص تحقيق السلام بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية، وهو الذي اثار ردود فعل غاضبة في اسرائيل، على الرغم من انه كان «لطيفا للغاية» عندما ابدى «شبه انتقادات» لسياسات تل ابيب.

ففي اشارة واضحة إلى المماطلة الاسرائيلية طالب كيري بأن «يتم التعامل مع حل الدولتين كسياسة، وهو الغرض الأساسي لها، وليس مجرد شعار أو جملة تلقى اعتباطاً».

ولفت إلى «خطورة استمرار بناء المستوطنات على إمكانية تنفيذ حل الدولتين» قائلاً «استمرار نمو المستوطنات يثير تساؤلات معقولة عن نية إسرائيل على المدى البعيد ويجعل عملية الانفصال عن الفلسطينيين أكثر صعوبة».

وسارع مجرم الحرب بنيامين نتنياهو إلى الرد عليه بتصريحات تفوح منها رائحة الاصرار على البلطجة السياسية، قال فيها ان «الحل الممكن للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي، يتمثل بإقامة دولة فلسطينية، منزوعة السلاح، تعترف بإسرائيل كدولة يهودية». و»ان اسرائيل لن تكون ابدا دولة ثنائية القومية».

اما اغلب وسائل الاعلام الاسرائيلية فاستقبلت خطاب كيري بمزيج من السخرية والتوبيخ، خاصة عندما حذر من امكانية انهيار السلطة الفلسطينية واضطرار اسرائيل لنشر الآلاف من جنودها في الضفة، وما سيحمله من «اخطار على اسرائيل»، بالقول «لقد تحدث الرئيس (محمود) عباس، يا أصدقائي، بقنوط لم اسمعه يتحدث به من قبل، عن إحساس اليأس الذي ينتاب الفلسطينيين». 

وتساءل كيري «هل الإسرائيليون مستعدون للعواقب التي سيجلبها هذا على أطفالهم وأحفادهم الذين سيخدمون في قوات الدفاع الإسرائيلية عندما يؤدي الاحتكاك إلى المواجهة والعنف»، في إشارة إلى المسؤولية التي على الحكومة الإسرائيلية تحملها بالضفة الغربية التي سيكون عليها إدارتها كسلطة احتلال عقب حل السلطة الفلسطينية.

وكتبت احدى الصحف الاسرئيلية (سيد كيري، هل أنت قلق على الديمغرافيا الاسرائيلية؟ نحن كذلك. لذلك فان الولادة اليهودية هي الوحيدة في الغرب تقريبا التي هي في ارتفاع. نحن ايضا نتوقع قدوم مليون يهودي جديد في السنوات القادمة. سخرية التاريخ هي أن أعداءنا يساعدون رغم أنفهم على عودة صهيون. يجب النظر إلى ما وراء سياسة اللحظة). انتهى الاقتباس، وانتهى الوهم ايضا الذي بدأ مع القاء الرئيس باراك اوباما خطابه الرومانسي الشهير في جامعة القاهرة حول تحقيق «السلام» في الشرق الأوسط، والذي حصل بعده على جائزة نوبل للسلام (الا يجب عليه ان يتنازل عنها الان بعد ان اسهمت سياساته في تدهور الاوضاع الامنية في الشرق الاوسط بأكمله؟). 

ومن الملفت ان البعض في اسرائيل يعزو حقيقة ان اسرائيل لم تتأثر بعاصفة الحروب والاضطرابات التي ضربت المنطقة منذئذ إلى أن نتنيناهو رفض ان «يستمع لنصائح اوباما». 

نعم انه عصر الاذعان الكامل لليمين المتطرف في اسرائيل. توجد حملة هستيرية شعواء للربط بين هجمات تنظيم «داعش» وما يسمونه «عمليات الطعن الارهابية» ضد «الشعب الاسرائيلي». اصبح الحديث علنيا عن ان البلطجة والاستيطان والغاء الفلسطينيين من الوجود هو الحل.

اما «من يجرؤ على الكلام» فسوف يجد الرد المناسب في انتظاره، سواء كان وزير خارجية الولايات المتحدة، او وزيرة خارجية السويد مارغوت فولستروم التي اتهمتها الحكومة الاسرائيلية رسميا بـ «تشجيع الارهاب» بعد ان صرحت بأن ما يقوم به الجيش الاسرائيلية ضد الفلسطينيين هو «اعدامات ميدانية».

ولعل الصحافي الاسرائيلي المنصف جدعون ليفي وجد التوصيف الانسب لهذا السلوك الاجرامي الشاذ عندما تحدث في محاضرة له في واشنطن مؤخرا عن ان «اسرائيل، حكومة ومجتمعا، في اصرارها على الاستيطان، وانتهاك حقوق الانسان والقانون الدولي تشبه شخصا مصابا بالادمان على المخدرات، سيثني عليك ان ساعدته في الحصول على الجرعات، لكنه سيتصرف كمجنون ضدك ان اخبرته انه بحاجة للدخول إلى مصحة للتعافي».

بالفعل ان خطاب كيري الذي يسدل الستار على حقبة من «الاوهام» ينبغي ان يكون نقطة تحول جذرية عربيا ودوليا، بعد ان اصبح واضحا ان «المريض بالادمان لا يجد أي سبب او محفز على التعافي، بل على العكس فان المعطيات تغريه بأن يزيد من عدد الجرعات، ليزيد معها امعانه في الجنون والاجرام».

 اما السؤال البديهي، بعد انكشاف اوراق اللعبة، ماذا يجب ان يحصل اكثر، وماذا ينتظر العرب لتكون لهم وقفة حقيقية لمراجعة خياراتهم في فلسطين، ولو على سبيل «رفع العتب»، (على ان يستأنفوا طبعا صراعاتهم واقتتالهم لاحقا ودون تأخير)؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق