الصالح والطالح وتقاطع المصالح
9/12/2015
د. فرج أحمد قرمان
عندما تتقاطع المصالح يتحول كل شئ إلى صالح وعندما تتعارض المصالح
يتحول الصالح إلى طالح، هكذا هو الحال دائما. الأزمة الليبية وصلت إلى
ذُروتها والجميع أيقنوا أنهم يدفعون بالبلاد نحو هاوية يرونها رأي العين.
الليبيون قُبيل بداية الأزمة، صنفوا أنفسهم؛ ليبراليون (علمانيون)، إخوان
(إسلام سياسي)، عسكر (كرامة)، ثوار، أنصار شريعة، دولة أسلامة... الخ.
الجميع شاركوا في الوصول بليبيا إلى هذا المُنزلق، وكل طرف من
هؤلاء وجد دولة تتقاطع مصالحها مع مصالحه الضيقة، فاستعان بتلك الدولة
للقضاء على خُصومه أو على الأقل لتحجيمهم. لقد بات من الواضح أن الإمارات
أصبحت سندا للعلمانيين كما أن قطر وتركيا لم تُخفيا مساندتهما للإسلام
السياسي ولم تُخفي مصر مُساندتها لعملية الكرامة. أما بالنسبة لأنصار
الشريعة وتنظيم الدولة فأنصارهما مُستترون ويسبقوا مُستترين إلى يوم الدين.
لقد فشل، أو لنقل لم ينجح الحوار الذي رعته الأمم المتحدة بسبب
تدخل كل هذه الدول ودفعها لعملية الحوار في اتجاه تحقيق مصالحها التي كان
من الواضح أنها تتقاطع مع مصالح الطرف الذي تُسانده في الحوار. وهكذا،
توالت جولات الحوار على مدى أكثر من عام ونصف دون الوصول إلى اتفاق لحل
الأزمة رغم كل ما صدر عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي من وعود ووعيد أو
استخدامهم لما يعرف بالعصا والجزرة في حق المتفاوضين ومن ورائهم.
الملاحظ، أن اجتماع تونس بين وفدين من المؤتمر والبرلمان خلال
الأسبوع الماضي، قد نجح في يومين من الوصول إلى اتفاق قد يقبله الغالبية
العظمى من الشعب الليبي، بما فيهم أعضاء كل من المؤتمر والبرلمان وحتى
مُمتشقو السلاح من كل الإطراف. السؤال الذي يطرح نفسه هو، ما هو السر وراء
هذا النجاح؟
السر في اعتقادي، يكمن في أن تونس تُدار بحكومة ديمقراطية تجمع
تحت مظلتها كل مُكونات الشعب التونسي ولهذا فإن مصالحها في ليبيا لن تتقاطع
مع أي طرف من إطراف النزاع في ليبيا، فلا هي دولة عسكرية لتُساند العسكر
فقط ولا هي علمانية لتُساند العلمانيين فقط ولا هي دوله ثيوقراطية لتُساند
وتنحاز للإسلام السياسي. هذا السر يجعل من تونس الدولة المناسبة إن لم اقل
المثالية، للاحتضان الحوار الليبي ورعايته.
حفظ الله ليبيا
د. فرج احمد قرمانfargarmn@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق