بنغازي
– أنس بن غزي: كان الشاب الليبي، إدريس عبد الونيس ينتظر، أن تنتهي الحرب
سريعاً ليعود ويلتحق بالجامعة، ويبدأ حياته من جديد، محققاً كل ما تمنى، من
سفر وترحال ونجاح، لكن سيارة يقودها انتحاري انفجرت في تجمع لجنود الجيش
الليبي، أنهت كل مخططاته الشخصية.
الشاب ذو الثمانية عشر عاماً، انضم
لأقرانه الألفين شاب، الذين قضوا نحبهم بسبب الحرب التي تشهدها بنغازي كبرى
مدن الشرق الليبي منذ ثلاث سنوات.
حرب قابلة للتمديد، جرف سيلها طموح
وأحلام الآلاف من شباب المدينة، فما بين نازحٍ ومٌهجر ومُقاتلِ سابق،
وعاطلِ سواء عن الدراسة أو العمل؛ يقضي الشباب في بنغازي يومهم على طاولات
المقاهي وعلى نواصي الطريق. يتابعون الأخبار ويبحثون عن كل ماهو جديد قد
يغير حياتهم وينير لهم الطريق نحو مستقبلهم، من دون أن يستمعوا فيه إلى
أزيز رصاصةٍ واحدةٍ أو دوي انفجارٍ واحدٍ.
ستة آلاف شاب، بعضهم وصل لأعلى درجات العلم، وآخرون يعيشون حياة معيشية جيدة، اندفعوا إلى حمل السلاح والقتال.
بعضهم يقاتل دفاعاً عن أرضه وماله وعرضه ومدينته، وآخرون يقاتلون لأجلِ فكرٍ وعقيدةٍ، كما يقولون.
توقف
مصباح أحمد (24 عاماً)، عن الدراسة بآخر سنة في الجامعة بسبب الحرب. ويبرر
مشاركته في القتال العسكري بالقول: «أحارب الإرهاب هُنا، وفي ذلك أرى
أولوية يجب أن يراها الجميع. فما نفع أن أكون شاباً أتمتع بصحتي وشبابي في
مدينة يسيطر عليها تنظيم الدولة وتحالف الإٍسلاميين وما فائدة الجامعة لو
سيطر عليها الظلاميون وأجبروا الطلبة على دراسة منهجهم الأسود وعقيدتهم
الفاسدة؟».
على الجانب الآخر، فإن الهجرة والغربة أصبحت حلاً ينتهجه
الكثير من الشباب في بنغازي؛ ليمضوا قُدما في حياتهم بعيداً عن مدينتهم
التي تعيش جحيم الحرب.
حسن محمود، (30 عاماً)، وهو معماري، غادر بنغازي
قبل عامين، يقول إن «الحرب قد دمرت كل ذكرى كانت جميلة بالمدينة» مضيفاً :
«أنا كشاب لم يعد لدي ما أفعل هنا فقد مات جُل أصدقائي ورفقاء عمري بسبب
الحرب كمقاتلين أو كمدنيين استهدفتهم القذائف العشوائية التي تطلقها
المجموعات الإرهابية فمن أجل من أبقى هنا؟! ربما أكون متشائماً، لكن لن
يستطيع أي أحد أن يجادلني في أن الحرب أخذت كل ماهو جميل فينا».
بنغازي،
تبدو أنها تواجه حطامين: حطام الحرب التي أكلتها لثلاث سنوات، وحطام
شبابها الذي رأى معظمه أن لا أمل في المدينة إلا بالهرب أو الانضمام إلى
ميليشيا أو جيش. انتحار في البحر أو انتحار بالرصاص. والسؤال الذي يتردد
صداه بين سكانها: هل تعود بنغازي؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق