وإن طال النضال لابد من ليبيا (2)
وإن طال النضال لابد من ليبيا (2)
(حينما
يقاتل المرء لكى يغتصب أو ينهب، قد يتوقف عن القتال إذا متلئت جعبته، أو
أنهكت قواه، ولكنه حين يحارب من أجل وطنه يمضى فى حربه إلى النهاية).
عبارة
استوقفتنى قالها «عمر المختار» المجاهد الليبى الأصيل، وكم يشحنك قارئي
الكريم مغزى تلك (المقولة) بزيادة الإحساس بالوطنية والشعور بالعزة
والإرادة القوية... إذن فلتستمروا يا أحفاد «عمر المختار» فى معركتكم إلى
النهاية، فإنها «معركة الكرامة» ونهايتها لابد وأن تصبح استعادة لوحدة
أراضيكم واستردادا لأمن وآمان واستقرار بلادكم، ولتستدعوا دائما أيها
الليبيون الوطنيون روح جدكم «شيخ المجاهدين» فى الحرب على الأعداء، أنتم فى
طريقكم إلى النصر بإذن الله، ونحن معكم أينما كنتم فأنتم الأشقاء الأعزاء
والجيران وأمنكم جزء لا يتجزأ من أمننا القومى.
وكنا
قد ألقينا نظرة سريعة فى مقالنا السابق على الأوضاع الداخلية الخاصة
بالشأن الليبيى وخاصة بعد اتفاق «الصخيرات»، وخلصنا تقريبا إلى توضيح حجم
الانقسامات الداخلية والصراعات غير المسبوقة والتى تنذر بكل آسف بتفكك
الدولة لا باستعادتها. والآن سنحاول الاقتراب أكثر أو توضيح موقف القوى
الإقليمية والمجتمع الدولى تجاه هذا الوضع المتأزم والمعقد للغاية فى
ليبيا، وذلك فى ظل حالة الاستقطاب التى يشهدها الإقليم، إضافة للتنافس بين
القوى الكبرى بخصوص تصوراتها وموقفها ومصالحها التى تنطلق منها، وكذلك أيضا
وعلى الجانب الداخلى فى ظل غياب سلطة حقيقية قادرة على التعبير عن الدولة
الليبية.
فعلى
الساحة الإقليمية... يمكننا أن نحدد اتجاهين رئيسيين: الأول يدعم مشاركة
التيار الإسلامى كجماعة فجر ليبيا والمؤتمر الوطنى العام فى العملية
السياسية ويضم كلا من تركيا و قطر و الجزائر، وقد نجح هذا الاتجاه فى إقناع
حلفائه بالداخل بقبول التسوية السياسية الجديدة بعد اتفاق «الصخيرات». أما
الاتجاه الثانى فهو اتجاه لدعم مجلس النواب وقوات «حفتر» ضد تيار الإسلام
السياسى، ويضم كلا من مصر و الإمارات ، حيث حاولت كلتا الدولتين الضغط على
جامعة الدول لتبنى قرار يدعو لدعم المجلس وقوات «حفتر»، وقد لاحظنا أيضا أن
مجلس النواب قد بدا أداءه مترددا وغير قادر على مواكبة التطورات السياسية،
حيث أخذ الوضع الدفاعى وليس التفاوضى معتمدا على الدعم الإقليمى له من قبل
مصر والامارات.
أما
على الساحة الدولية... فيمكننا أيضا أن نفرق بين اتجاهين أو محورين
رئيسيين وكلاهما يحاول توجيه دفة الأحداث فى ليبيا لتأمين مصالحه
الإستراتيجية : فالمحور الأول : تتزعمه إيطاليا وتدعمها أمريكا، فإيطاليا
لها مصالح استراتيجية فى غرب ليبيا حيث «مجمع مليته للنفط والغاز» وهو
شراكة نفطية عملاقة ما بين «شركة إينى» الإيطالية و المؤسسة الوطنية للنفط
بطرابلس، وتلك المنطقة أيضا التى يوجد بها منافذ الهجرة غير الشرعية، ويوجد
بها كذلك مدينة «سرت» التى يسيطر عليها «تنظيم داعش الإرهابى». أما المحور
الثانى : فتتزعمه فرنسا وكلنا نعلم الماضى الاستعمارى لها فى ليبيا ،حيث
كانت تدير إقليم «فزان» فى الجنوب الليبيى بعد الحرب العالمية الثانية، وهو
ما تتطلع إليه من جديد حاليا ، وهو ما يفسر كذلك إرسالها لقوات من النخبة
لاستطلاع البيئة فى ليبيا استعدادا للترتيبات الدولية المحتملة خلال الفترة
القادمة، حيث إنها تنظر للتعاون الأمريكى والإيطالى على أنه عودة
للترتيبات التاريخية عندما كانت أمريكا وإيطاليا تديران منطقة الغرب
«طرابلس»، وبريطانيا تدير منطقة الشرق «برقة».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق