الشعب.. والفيران!
في
أندونيسيا- نشرت الصحف أمس- أن الحكومة قررت دفع دولار ونصف دولار عن كل
فار يسلمه الشخص هناك، حياً أو ميتاً.. وقد بدأت هذه العملية في العاصمة
جاكرتا، بعد أن زادت الشكوي من تزايد عدد الفيران في المدينة.. ولم تجد
الحكومة إلا أن تشجع الناس علي القيام بهذه المهمة القومية لمواجهة انتشار
الأمراض، التي تنقلها الفيران، وغيرها من القوارض.. وإذا عرفنا ان
أندونيسيا ليست غنية، عرفنا ماذا يعني هذا المبلغ.. يعني الفار بدولار
والنصف.. وهو مبلغ شديد الإغراء وسط شعوب فقيرة.
ولجوء
الحكومة إلي هذا الأسلوب يدل علي وعي حكومي.. إذ لو قامت الحكومة بتنظيم
حملة قومية للقضاء علي الفيران، فسوف تتكلف مبالغ طائلة في عدد الموظفين،
وفي توفير السموم ومعدات صيد الفيران.. وأساطيل النقل اللازمة للحملة.. هنا
جاء دور الناس.. فالناس هي المتضررة.. وهي المستفيدة، خصوصاً، وأنها تأكل
كميات كبيرة من طعام الناس.
<<
ويذكرني ذلك بالفكرة التي لجأ إليها الشيخ زايد بن سلطان، حاكم أبوظبي
ورئيس دولة الإمارات، عندما وجد تزايد عدد العقارب والثعابين السامة بما
يهدد حياة الناس، خصوصاً في هذه المناطق الصحراوية.. وأيضاً في الواحات
وبالذات في مدينة العين، ثاني مدن إمارة أبوظبي. وكلف الشيخ زايد بلدية
العين والدوائر المختلفة بدفع عشرة دراهم عن كل عقرب يقدمه الأهالي إلي
مسئولي البلدية.. وأيضاً عن كل ثعبان.. بعد أن أصبحت هذه وتلك تمثل خطراً
علي حياة الناس. ولجأ الشيخ زايد إلي المال ليشجع السكان علي أن يقوموا
أنفسهم بحملة جمع العقارب والثعابين.. وحدد مهلة زمنية.
<<
وانطلق السكان- كل السكان- من مواطنين.. ومن مقيمين حتي ولو كانوا مقيمين
غير شرعيين- انطلق الكل يطاردون العقارب والثعابين.. ويجمعونها في أكياس..
ثم يتزاحمون أمام مكاتب البلدية.. لاستلام مقابل حصيلة صيدهم.. واشترك
الكل: مواطنين، مقيمين عرب، وهنودا وبلوش وإيرانيين.. وعمانيين!! وخلال 10
أيام فقط تم تنظيف «كل مدينة العين» بكل أحيائها وواحاتها ومزارعها من
العقارب والثعابين.. وبسبب الإغراء المالي، انطلق الكل ليدخلوا الأراضي
التابعة لسلطنة عُمان في ولاية البوريمي الملاصقة لمدينة العين وتوابعها..
انطلقوا ليواصلوا مهمتهم داخل ولاية البوريمي العمانية.. رغبة في المقابل
المادي، وهو كبير ومغرٍ وإن احتاج إلي تدريب.
<<
وكسبت أبوظبي.. كما كسبت سلطنة عُمان المجاورة.. وتم تنظيف المنطقة من هذه
العقارب والثعابين وغيرها. ونجحت الحملة الشعبية نجاحاً مذهلاً حتي ولو
تكلفت عدة ملايين من الدراهم.. ولكن الأهم هو النتيجة.. وحماية الناس.
وبالتالي
نجحت هذه الحملة الشعبية ايما نجاح، والحكومة هنا وفرت ثمن الأمصال
اللازمة لعلاج وإنقاذ من يتم إصابتهم، بعد أن انتشرت هذه الآفات هناك.. أي
ان الحكومة هي الرابح في النهاية.. وأيضاً في توفير الأطباء.
<<
هنا نتساءل عن الدور الشعبي عندنا لمواجهة أي مشكلة.. أو لتنفيذ أي حملة
إنقاذ.. علي الأقل لكي يساهم الناس أنفسهم.. ويخففوا الأعباء عن الحكومة.
بل
لماذا لا يقوم الشعب بمواجهة الفيران البشرية عندنا وأقصد بهم التجار
الجشعين، أي لصوص قوت الشعب.. وهم أخطر من العقارب والثعابين.. وتسألونني
كيف.. أقول لذلك مقال آخر!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق