الأيدولوجيات والأحزاب فى ليبيا
حسب الطلب (تيك أوّى)
أستميحكم عذراً أعزائى
القراء لأسرد هذه القصة لتكون مدخلاً لما أُريد الوصول إليه ... وأقول ... أهلنا فى الزمن الماضى عاشوا على الفطرة والبعض
منهم لا زال على ذلك ، فقد إكتسبوا تجارب
فى الحياة أكثر بكثير من غيرهم وقد جعل منهم الأسلوب المعيشى فى حياتهم غير مُتسرّعين
فى إتخاذ القرارات المصيريه ... فما أجمل حياة الفطرة والبساطة والتماسك الإجتماعى
والقبلى المُتجسد فى التوافق والإتفاق على كل شئ يهم الحياة ، ومثال ذلك كان فى الترحال والتنقل بالرغم من قسوته وصعوبته حيث
يُقال (عز البوادى كل يوم رحيل) ويعتبرون
ذلك من الموروث الحضارى وقيمة حياتيه من أجل الإستمرار ... فمن المعروف عن أهلنا
فى البادية أنهم يتنقلون دائماً من مكان إلى مكان طلباً للماء والعشب والأمن من
الحيوانات البريه المفترسة الغادرة مثل
الذئاب والثعالب والثعابين السامة التى تُشكل خطراً على حياتهم وأرزاقهم ولهذا
كانوا حذرين من كل دخيل أو غريب رغم فطرتهم وبساطتهم .
يُحكى أن هناك أهل أحد (النواجع) أرادوا الرحيل
وقد تجهّز الكل لذلك ولم يبقى سوى بيت واحد به (شايب وعجوز) حيث بدأوا فى وضع ما
يملكونه من حاجيات الدنيا على ظهر الجمل ولم تترك العجوز شيئاً إلا ووضعته فوق ظهر
الجمل بينما ذلك (الشايب) ينظر إليها ويبتسم لما يُشاهده من حمولة تفوق قدرة الجمل
، وفى النهاية جاءت العجوز بثلاثة من الحجر الكبير التى يطلق عليها أهلنا فى
البادية والقرى والبعض من المدن (المناصب) وهى تستخدم لوضع آلة الطبخ عليها، وهنا
ضحك الشايب وقال أتريدين أن تضعى هذه المناصب فوق ظهر الجمل ... قالت نعم .. قال
حطيها ولكن (ما هو نايض ما هو نايض) ويقصد أن الجمل لا يمكن أن يقوم من
محله لما وضعته العجوز من حمولة فوق ظهره ، وهنا لا أقصد المناصب التى جثمت فوق
صدر الوطن وتسببت فى دماره وضيق أنفاسه بالرغم من أن الشئ بالشئ يُذكر.!!!
شعبنا الليبى لا يهتم كثيراً لما يُطلق عليها السياسة ولا
يتدخلون فى شؤونها ودهاليزها ومؤامراتها وأشكالها المتعددة بما يعرف بالأيدولوجيات
أو الأحزاب سريعة التجهيز التى تُعدّ فى مطابخ بالخارج بإشراف عملاء رُبوا فى
أحضان المخابرات العالمية وورّدوها لنا على أنها بضاعة لا مثيل لها فى تطبيق الديمقراطية
العصرية وصناديق الإقتراع وجاءت إلينا مُغلفة فى إطار ما يُسمى (أحزاب تيك أوى) وأيدولوجيات
(معانا وإلا إحذانا ) يستغلون الدين الإسلامى وبساطة الليبيين وللأسف بعد فتحها
إتضح أن طعمها غير مُستساغ ورائحتها نتنة كمن جاء بها من يحملون جوازات سفر يُخفونها فى جيوبهم ولا يشهرونها إلا إذا ضاقت عليهم المخارج لنتفاجأ
بأنهم أمريكيون أو أوروبيون أو خليجيون
بدون دشداشه وعقال من جماعة طويل العمر.
أنا لا أكتب للنخب
السياسية التى تطل علينا من خلال القنوات الفضائية التابعة لهذا أو ذاك ، ولكننى دائماً
أكتب للمواطن العادى البسيط (الحايس) فى هذه الأيام فيما يدور من حوله حتى أصبح
مثل الأطرش فى الزفّه وأدى به الأمر إلى
وقوفه مُتفرجاً وكأنه فى سوق عام يعج بالبضائع المختلفة المستورده من كل حدب وصوب
بأسماء لم يسمع عنها طوال عقود من الزمن مع العلم أن هذه البضائع منها غير الصالح للإستعمال
البشرى ومنتهى الصلاحية إقتصادياً وسياسياً وفكرياً ولا شك أن من إبتدعوها لم يعد
أحد منهم يتذكرها بل تخلّوا عنها إلى غير رجعة ، ومنها التى إنتهت صلاحيتها وتم
تجديدها بورقة (برّانيه) أو الإعلان عنها فى ساحة مظاهرات أو إعتصام بلافته مُطرّزة
بلغات أجنبيه أو إلصاقها على البضاعة لكى (يتدبّز كما يقال) فيها ذلك المواطن الذى
لم تتاح له الفرصة ليتعلم أى لغة أجنبيه لا هو ولا أولاده ولا أحد من أبناء جيرانه
لكى يفزع له ويعينه (لأن الحال من بعضه) فكيف يتعلمها ؟؟!!
أقولها بكل أسف ..
أن تدخل القذافى فى يوم من أيام الغفلة لتطبيق سياسة التجهيل يُعتبر من أكبر جرائم
النظام السابق التى عاشها أبناء الشعب الليبى من التلاميذ والطلبة والدراسين داخل
الوطن ، حيث أطلق العنان لإبن عمه المدعوا أحمد إبراهيم وأتباعهم من جهلة اللغة
العربية وغيرها من اللغات فى رسم سياسة العلم والتعليم فى بلدنا فما بالك باللغات
الأجنبيه والتطور التكنولوجى ، ونحن كمواطنين عاديين بسطاء مغلوب على أمرنا فى تلك
الحقبة لن ننسى أبداً ما تجرأ عليه يوماً إبن عم القذافى وإلغائه تدريس اللغات الأجنبيه من مناهج التعليم الإعدادى والثانوى بإعتبار أنها لغات المستعمر وهى لا شك سياسة تجهيلية المراد بها تجهيل أجيال بكاملها .
تلك القصة التى
أسردتها ... لها دلائل كثيرة فقدرة الحيوان الضخم مثل الجمل تظل محدودة بالرغم من
أنه يتحمل العطش لأيام فما بالكم بقدرة الإنسان وتحمله للمصائب والشدائد وخصوصاً
وهو على مشارف العقد الخامس الذى يعتبر الفاصل بين الشباب والكهولة ، فإذا أردنا
أن نقفز بسرعة إلى الأمام ، لزاماً علينا التخلص من دكاكين الأحزاب ومولا ت الأيدولوجيات
التى لسنا بحاجة إليها وهى من أوصلنا إلى ما نحن فيه من كوارث ، غير أنه علينا مساعدة
من تم تكليفهم مرحلياً بشؤون الخدمات مؤقتاً شريطة أن يكونوا خارج دائرة
الأيدولوجيات والأحزاب ، وذلك لتوفير ما يحتاجه المواطن من خدمات يومية وإدارية فهؤلاء
يمكن أن ينقلونا بإذن الله من مكان إلى مكان ومن زمن إلى زمن آخر بهدوء وحتى تستقر
الأمور ويستتب الأمن لمباشرة الإعمار والتنمية ، ولا ننسى أن شعبنا تحمل الكثير
وفقد أبنائه وخسر ممتلكاته وراحته طوال عقود سابقة وأضفنا إليها أربعة أخرى من العذاب والدمار
والخراب والإقتتال والنهب والتآمر والإغتيالات
بسبب تلك الأيدولوجيات والأحزاب ،، فأرفقوا به وأتقوا الله فيه وعلى كل من تم تكليفه بمهمة ما ، أن يضع مصلحة
هذا الشعب أمامه وأن يُخفف عليه الأحمال والأعباء من أجل ليبيا ورأفة بأجيالنا القادمة ... والله من وراء القصد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق