حرب الشتائم
تشتعل بين الإخوان والجيش
2/12/2014
صحيفة إرم:
طغت على السطح مؤخراً وتزايدت وتيرتها بشكل
متصاعد، حرب جديدة بين أطراف الصراع في ليبيا، فإلى جانب الحرب السياسية
والعسكرية بين قوات "فجر ليبيا" وبين قوات الجيش الوطني "عملية الكرامة"،
برزت حرب من نوع آخر على الساحة، حرب تستخدم فيها الألقاب، لتعبر وتصف
انحياز كل طرف إلى الجهة التي يقوم بدعمها في الأزمة الليبية. عندما تتجول
داخل المقاهي في العاصمة طرابلس، وتجوب الشوارع والأزقة والأحياء، يتبادر
إلى مسامعك ألقاب وعبارات ملفتة وفكاهية، وتحمل في طياتها الكثير من
الرسائل السياسية، وانتقاد للوضع المتأزم، الذي صارت عليه ليبيا المنقسمة
بين التيار الإسلامي السياسي وبين الليبرالي والمدني المؤيد لشرعية الدولة
وجيشها.
محمد، شاب يبلغ من العمر 18 ربيعاً، يتسامر الحديث مع صديقه حيث
يجلسان في مقهى مشهور على طريق الشط بطرابلس، يقول له "جارك وليد من جماعة
عديمي الكرامة، ما راح ينفعه حفتر، والنصر للثوار.. فجر ليبيا وبس"، يقاطعه
في الحديث صديقه الذي رفض الإفصاح عن اسمه، "أي ثوار وأي فجر ليبيا.. يا
صاحبي خلي كل واحد في حاله، تبي الصراحة، هاذوم فــُجــّار ليبيا
وإرهابيين، دمروا ليبيا وقتلوا الناس وكل واحد يخالف رأيهم".
وعلى هذه الشاكلة تسجل حالة النقاش الاجتماعي بين المواطنين
الليبيين، كما هي صفحات التواصل الاجتماعي على اختلافها، حيث تصاعدت حدة
التخوين والتنابز بالألقاب، والاصطفاف في معسكر المؤيد والمعارض للإخوان
وحفتر، وأنصار ثورة 17 فبراير ومؤيدي القذافي ومحبيه.
عبد
الله الرايس المحلل السياسي الليبي، يرى إن حرب الألقاب التي تصاعدت وبشدة
مؤخراً، تعد أمراً طبيعياً ويحدث في مثل هذه الظروف، لكن لم يخفي خوفه من
حالة الانقسام داخل المجتمع وتفتت اللحمة والترابط بين المدن والقبائل في
ليبيا.
ويتابع الرايس في حديثه مع شبكة "إرم"، "الأمر بكل
أمانة وتجرد، يدعو للقلق خاصة على مستوى الأجيال القادمة، حيث بدأت تنمو
دوافع حقد وكراهية بين الشعب الليبي، بفعل المواقف السياسية وانحياز كل
مواطن اتجاه تيار معين، وهو أمر أحدث شرخاً بين الأسرة الواحدة أصلاً، حيث
نلاحظ انقساماً بين الأخوة في بيت واحد، تجد من يؤيد عملية الكرامة والجيش
والبرلمان المنتخب، ومن يؤيد قادة فجر ليبيا الذين يقوموا بعملية عسكرية ضد
الدولة والشرعية".
وعن فرص التعايش السلمي ومدى نجاحها،
يقول عبد الله الرايس "للأسف المشكلة في ليبيا أن ثقافة الحوار والاختلاف
السياسي مفقودة، فقد تربى الليبيون طيلة أربعة عقود ونيف، على ثقافة السلطة
الواحدة والمتسلطة، ولم يتعودوا على ثقافة التنوع وتقبلها بين الناس".
ويضرب مثالاً على ذلك، "قبل يومين خرج عشرات المدنيين في ميدان
الشهداء بوسط مدينة الزاوية غرب طرابلس، وهي المدينة التي تعد من أكبر
المدن الحاضنة شعبياً لجماعة الإخوان، خرجوا للتظاهر سلمياً ضد قوات فجر
ليبيا، وأعلنوا عن دعمهم للجيش والبرلمان المنتخب وحكومة الثني، لكن الأمر
لم يمضي سريعاً، حتى هاجمتهم قوة مدججة بالسلاح، وفرقتهم بالقوة، ووصفتهم
بـ(عبيد الكرامة)، وأنهم أزلام للقذافي ووصفهم بأقبح العبارات".
ووصفت الصفحة الرسمية لقوات "فجر ليبيا" خروج متظاهرين قبل يومين في مدينة
الزاوية، مناوئين لعملية فجر ليبيا ضد الجيش، بأنهم "خارجين عن القانون"
و"مندسين"، يحاولوا زعزعة الأمن داخل المدينة وبث الفوضى فيها، كما هددت
قوات فجر ليبيا في حال تكرار مثل هذه التظاهرات، بأنهم سيقومون بسحقها دون
تردد، لأن مؤيديها في مرتبة "الخونة" بحسب وصفهم.
وتشهد
ليبيا انقساما سياسيا عميقاً، بوجود حكومتين برئاسة عبد الله الثني وعمر
الحاسي ومجلسين تشريعيين هما مجلس النواب المنتخب، والمؤتمر الوطني العام
الذي قرر في نهاية آب/أغسطس الماضي استئناف نشاطه.
وقد
قضت الدائرة الدستورية بالمحكمة الليبية العليا في الخامس من تشرين
الأول/نوفمبر الجاري، بحل مجلس النواب نتيجة تجاوزات في الإعلان الدستوري،
وهو ما رفضه المجلس واعتبره قراراً سياسياً اتخذ تحت تهديد السلاح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق