السبت، 21 ديسمبر 2013

النازحون بليبيا.. مأساة لا تنتهي

النازحون بليبيا.. مأساة لا تنتهي




 النازحون بليبيا.. مأساة لا تنتهي

21/12/2013


الجزيرة نت - خالد المهير - بنغازي:


"لم أنم طول الليل من شدة البرد والمطر"، بهذه العبارة يستهل الحاج بشير محمد مفتاح (75 عاما) المُقعد على سرير متهالك في أحد مخيمات نازحي تاورغا، إحدى ضواحي مدينة بنغازي شرقي ليبيا، حديثه عن ظروفه وأوضاعه بعد عامين ونصف العام على انتصار الثورة.


يعاني الحاج بشير من شلل نصفي ويتحرك بصعوبة بالغة، ويشعر بحزن عميق بعد فقدان اثنين من أبنائه أحدهما في حادث سير، والآخر توفي في سجون مدينة مصراتة إبان الثورة عام 2011.


لكنه يتجول يوميا بين بيوت مصنوعة من البلاستيك على أمل الرجوع إلى بيته في قرية تاورغا عند إتمام المصالحة الوطنية.


حياة صعبة.


أما بشير إدريس (50 عاما) فيعيش هو الآخر في مخيمات النازحين ببنغازي، ويعاني من طفح جلدي حاد، وأوضاعه المعيشية والمادية لا تختلف عن الحاج مفتاح، وإن لم يجد العبارات المناسبة للتعبير عن مرضه الخطير وحياته الصعبة في المخيمات مع عائلته المكونة من خمسة أفراد.


يتساءل إدريس حين قابلته الجزيرة نت أثناء جولة في مخيم الحليس، "بأي ذنب أنا هنا، وأنا لم أرتكب جريمة أثناء الحرب؟". ويؤكد أن يد العون الرسمية لم تمتد له حتى الآن، "لا مرتب ولا سكن صحي ولا حياة تليق بالإنسانية"، ويضيف "لقد تحطمت نفسيتي، وندفع ثمن أعمال لم نقم بها".


قصتا الحاج مفتاح وإدريس تتكرر مع نحو سبعين ألف ليبي نازح، أي ما يشكل نحو 17 ألف عائلة، وفق التقديرات الرسمية، تقول عنهم المدن الثائرة إنهم ساندوا قوات نظام العقيد الراحل معمر القذافي في حربه لإسقاط الثورة والثوار.


متورطون وقتلة.


مقابل معاناة أهل تاورغا، ما زال شقيق الطبيب الليبي علي الضراط، الذي كان يسعف الثوار على مشارف مصراتة أثناء الثورة، يبحث عن منتهكي حقوق شقيقه وقاتليه من تاورغا.


وكان الطبيب قد عاد إلى ليبيا من ألمانيا عقب اندلاع الثورة التي أطاحت بالقذافي في أكتوبر/تشرين الأول 2011 وقد وجد نفسه بالخطأ في جارتهم تاورغا التي قامت بتسليمه إلى كتائب القذافي، من بعدها أرسلته إلى طرابلس ونفذت فيه الإعدام بالرصاص الحي.


يقول محمد الضراط، وهو رئيس رابطة أهالي ضحايا تاورغا، للجزيرة نت إن هناك من القتلة والمحرضين على القتل من ينادي بالعودة إلى بلدانهم، مؤكدا أن المشكلة لن تحل بمشكلة أخرى مثل انتقام أهالي الضحايا.


ويضرب مثالا على ذلك بقوله إن وثائقهم تقول إن أهالي تاورغا متورطون في اعتقال شقيقه، وتسليمه إلى نظام القذافي، مضيفا أنهم "لم يرحموه وهو يرتدي بدلته الطبية".


ويذكر أنه شاهد مقاطع مصورة في هواتف أسرى تاورغا تؤكد أن شقيقه تعرض لأبشع أنواع التعذيب قبل إرساله إلى طرابلس وإعدامه، بالإضافة إلى الانتهاكات الخطيرة التي قام بها أهل تاورغا في حق مصراتة ويرفضون الكشف عنها. لكنه يقول إن على الدولة النظر بعين العدل والحق بمحاسبة المتورطين في جرائم الحرب، وإلقاء القبض عليهم والقصاص منهم.


كما أن الدولة التي تتحدث عن رجوع النازحين دون إنصاف للضحايا عليها أيضا البحث عن مخرج عادل وقانوني لإنصافهم، مؤكدا أن مشكلة النازحين ليست مشكلة مصراتة، بل مشكلة الدولة برمتها.


خريطة مصالحة.


وقبل عدة أيام طرحت السلطات التشريعية الليبية خريطة طريق لعودة النازحين إلى مناطقهم، بالإعلان رسميا عن لجان استقبال شكاوى أهالي مصراتة ضد تاورغا، وتتبع هذه اللجان مكتب النائب العام الليبي عبد القادر رضوان.


وبعد استقبال الشكاوى يصدر النائب العام قرار اتهام بحق المتهمين بالقتل والانتهاكات، ومن ثم فإن على المجلس المحلي تسليمهم إلى القضاء، أما غير المتورطين بالقتل فتتحمل الدولة إعادتهم إلى مدنهم وصرف تعويضات مادية ومعنوية لهم.


وفي الوقت الحالي تترقب جميع الأطراف دخول الخريطة حيز التنفيذ ضمن مصالحة وطنية شاملة في ليبيا. أما عن مواجهة البرد والمطر، فقد قال رئيس ملف النازحين في المؤتمر الوطني العام مرعي رحيل للجزيرة نت إن الدولة خصصت 39 مليون دينار (الدولار يساوي 1.28 دينار) لتجهيز البيوت المؤقتة وشراء خمسين ألف بطانية وعشرة آلاف مدفأة كهربائية وخمسين ألف فراش على وجه السرعة لرفع المعاناة عن النازحين.


مأساة تاورغا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق