وطنى العزيز إبتلاك الله
بمؤتمر الصراعات ودكاكين الأحزاب
وحكومة مسلوبة الإرادة
المهندس/ فتح الله سرقيوه
بداية أود القول أنه بعث لى أحد
الأصدقاء الذى أكن له التقدير والإحترام وهو أحد أعضاء المؤتمر الوطنى (ليس من
مدينتى درنه) وقال لى فى رسالة مطولة .. لماذا تتحامل كثيراً على المؤتمر والأحزاب
والحكومة ؟.. ردى كان حاضراً وسريعاً من
خلال بريدى الإلكترونى ... قل لهم إتقوا الله فى الليبيين وفى أموالهم التى يتمرغون
فيها مرتبات ومكافآت وإيفاد وعطايا وهبات وإنتهاز فرص ليست من حقهم ، وعجّلوا بالدستور
الذى كنتم سبباً فى تأخره لمدة ستة أشهر وأنا وغيرى ممن يحبون ليبيا على إستعداد
لحملكم فوق رؤوسنا إحتراماً وتقديراً ... فهل بإستطاعتهم ذلك ؟!
إستميحكم
عذراً أيها السادة القُراء الأعزاء بأن أذكّر الجميع فى وطننا الغالى بالقول المأثور أن ما بُنى على باطل فهو باطل !!
إبتداءاً من المجلس الإنتقالى وما كان به من أعضاء مؤقتين وكيف قفزوا إليه من فوق
رؤوس الثوار وحتى الإعلان الدستورى ومواده المهزوزة غير المدروسة قانوناً بالرغم
من أن هناك العديد من القانونيين الذين يصفونهم بالمستشارين الكبار داخل المجلس الإنتقالى
آن ذاك ، فإن ما نتج من أخطاء جسيمه من المجلس الإنتقالى هى التى أوصلتنا إلى ما
نحن فيه من تخبط ومغالطات قانونية ونهب للمال العام وإختراقات وزهق أرواح فى كافة
أنحاء الوطن .
تلك الأمور إستغلّها ضعاف النفوس وسرقوا من
خلالها ثورة فبراير التى لم يكن لهم دوراً فيها على الإطلاق حتى ولو بكلمة صدق لمحاربة
الفساد الذى كان ينهش فى جسم الشعب الليبى ، هؤلاء لم يقدموا للثورة سوى التملق
والنفاق والهلت كما يُقال ، أو أللهم خطابات من وراء مكبّرات الصوت بالمساجد أو
الميادين العامة أو المرابيع الإعلانية وجعجعة لا أكثر ولا أقل . ومنهم الصم البكم
العمى الذين لا يعقلون من أتباع الدكاكين ... الذين ضحكوا على ذقون الناس وجعلوا
من أنفسهم (مُصلحون وأهل بركة حتى إشعار آخر).
فهذا المؤتمر الذى يُسمى الوطنى العام لم يُبنى
على قواعد سليمة ولا على أساسات متينة ولا إختيارات صحيحة يٌراعى فيها الله تعالى
وتُراعى فيها القيم والمبادئ والبيتية والأوّلية لمن هم أحق من أولئك الذين هرولوا
وراء دكاكين الأحزاب لكى ينالوا بضع كراسى فى مؤتمر الإنتهازيين الكبار ! والدليل
أنه بمجرد أن بدأ فى أعماله حتى إتضحت معالمه بشكل تفاجأ به أبناء الشعب الليبى
حيث تدخّلت هيئة النزاهة والوطنية لكى تُبعد البعض من أعضائه لسيرتهم الذاتية المشوشة
التى إرتبطت بالنظام السابق (قولاً وعملاً) .. ناهيك عن أولئك الذين كذبوا ودلّسوا
على مواطنى مناطقهم بأنهم مُستقلون ووعدوا مواطنيهم بالتنمية والتطور والخدمات وزيادة
المرتبات وإيفاد الأوائل بالجامعات ، غير أن تلك الوعود تحوّلت إلى سراب فالرواتب
كانت لهم بالآلاف والإيفاد لأبنائهم والمهام الرسمية لهم وبمنح تتعدى الآلاف
بالعملة الصعبة ... ألا يصح لنا اليوم أن نقول أن ما بُنى على باطل فهو باطل ولا
نستحى من أى كان أم أن هناك من يقول غير ذلك نفاقاً وتملقاً .
كنا
نشاهد فى الايام الأولى للثورة البعض من الإنتهازيين وهم (يتنططون) خلف مكبرات
الصوت فى الساحات وليس فى الجبهات حيث مدينتى تحررت من حكم الطاغية فى ساعات
معدودة بفضل الله وفضل شبابها وثوارها الحقيقيين ورجالها المُخلصين وليس من بايعوا
الدكتاتور وعاهدوه على الولاء والطاعة بعد أن قضوا بضع شهور فى السجون أو سنوات معدودة
لمجرد إشتباه فقط ولم يكونوا بالمناضلين الحقيقيين الذين تصدوا للطاغية منذ بداية
الإنقلاب فى 1969م مُروراً بالكفاح المسلح فى 1996م لأولئك الأبطال الذين حملوا
السلاح فى وجه الظلم والطغيان بوديان مدينتى درنه والجبل الأخضر وشحات وأجدابيا
وبنغازى ، أولئك هم حقاً من ناضلوا فعلاً وضحوا بأرواحهم من أجل تحرير ليبيا
وليسوا الذين يجلسون اليوم على كراسى المؤتمر الوطنى فى ريكسوس بطرابلس ، فأين أولئك الثوار الأبطال
؟ ولماذا لم يتقدموا الصفوف ؟ ولماذا لم يُختاروا وزراءاً أو سُفراءاً أو أعضاءاً
فى المؤتمر الوطنى . فلوا كانوا هم من بالمؤتمر الوطنى لما كان الحق لأحد أن يتحدث
عن الباطل وأهله بذلك المؤتمر ولما إستطاع أحد أن ينتقد الوضع القائم بالمؤتمر
والحكومة .
سألنى
أحد (رواد دكاكين الأحزاب) فى مدينتى لماذا تطلق على أحزابنا (دكاكين الأحزاب)؟ فأنت لا تعلم ما نقدمه من أجل ليبيا ومن أجل
مستقبلها وما عنيناه فى السجون للوصول إلى المشاركة فى الحكم الديمقراطى الذى
يسوده اليوم .... لقد كان ردى بسيطاً جداً فقلت له .. الرجاء العودة إلى التسجيل
لإحدى مداخلات كبيركم فى إحدى القنوات الفضائية الذى قال بعظمة لسانه (كل حزب يطرح
بضاعته والبضاعة الجيدة هى التى تُعجب المواطن) !! اليست دكاكين أحزاباً بما تعنيه
الكلمة يا صديقى ؟ وهل تُعرض البضاعة فى غير المحلات التجارية والدكاكين .. أنا لم
آتى بجديد بل كان بفضل أحد خبراء أيدولوجيتكم التى تتباهون بها لتصلوا إلى حكم
ليبيا وهو بعيد الإحتمال .
وأضفت
له لعله يفهم الحملة التى تُشن هذه الأيام على دكاكين الأحزاب أى كانت شعاراتها
إسلامية أوعلمانية أو ليبرالية أو حتى من بقايا الشيوعية اليسارية واللا دينية ، ألا
تعلم أن أهلنا فى البادية لديهم مثل من التراث يقول (فلان فرّغ قبل الغناوة) هو ما
ينطبق عليكم فعلاً ... لو أنكم إنتظرتم حتى إصدار الدستور وقانون الأحزاب فلربما
كان وضعكم مقبولاً أكثر ولما أُتهمتم بالإنتهازية حيث إستغليتم الإعلان الدستورى
بدون وجه حق وبدأتم فى تشكيل (دكاكينكم) وعرض بضاعتكم على الناس الذين لا يُفرقون
بين (التستور .. والدستور) ولا بين أخوان السنوسية الطيبين الأشراف ولا إخوانكم اللاهثون
وراء الكراسى .
بوصولكم
أنتم أتباع دكاكين الأحزاب إنقلبت الأمور رأساً على عقب وتغلغلت البرجماتية فى
أركان المؤتمر الوطنى (شعار هات وخذ) وطفحت الإنتهازية المتمثلة فى صياغة اللائحة
المنظمة للمؤتمر والمرتبات التى ما أنزل الله بها من سلطان ، فهل تظنون أن ما
تنهبونه من أموال الشعب الليبى (حلال) حتى ولو كان بإجراءات رسمية بل سُحت ما بعده
سُحت ، وهل تظنون أن التعويضات التى إستلمتموها من النظام السابق (حلال) بل زاقوم
فى بطونكم إلى يوم الدين ، وهل تظنون أن
تكالبكم على المهمات الرسمية كما أفادتنى إحدى النائبات حيث قالت أن البعض من
أعضاء المؤتمر الجشعين يتدافعون على المهمات الرسمية بالخارج كما يتدافع تلاميذ
المدارس الإبتدائية الصغار على وجبة فطور أعلن عنها بالمجان .
واليوم
أيها الإنتهازيون الكبار .. بدأتم تتدخلون فى مهام الحكومة وقمتم بتحويلها إلى حكومة مسلوبة الإرادة بإمتياز (لا تهش ولا
تنش) فما أن تُعلن رئاسة الوزراء أو أى وزارة عن رغبتها فى تعيين وكيل وزارة أو
مدير عام لإحدى إداراتها أو رئيس قسم حتى يمتشق كل منكم ملف لقريب أو أبن عم أو
جاهل مجهول من شلته التى على شاكلته لكى يضغط على الوزارة بملف أحد الجهلة من
أتباعه أو من لديه مصلحة فيه حتى أصبحت حكومتنا مسلوبة الإرادة والصلاحيات معاً والسبب
الرئيسى أنتم ولا أحد غيركم .
أما
آن الأوان لشعبنا العظيم أن ينتبه لهذا الوضع الذى ربما سيودى بمستقبل أجيالنا
للهاوية وأن يقوم بوقف هزكّم للنخلة التى تُضلل على الليبيين جميعاً لعلها تحتفظ
لهم ببضع رُطيبات قبل أن تلتهموا رطبها بالكامل ونحن نتفرج عليكم دونما يكون لنا
موقفاً حازماً وقوياً لحماية ثرواتنا وخيراتنا التى أستبيحت من كل من هب ودب . والله
من وراء القصد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق