الحوار الوطني الهادف
طريقنا للمستقبل
بقلم / د . إبراهيم إقويدر
منذ عام تقريبًا في العديد من اللقاءات الإعلامية والمقالات تناولت أهمية وجود حوار وطني هادف في ليبيا ليخرجها من مأزقها الراهن، وهذا الحوار الذي نحتاج إليه له فنونه وأسلوبه وآليات تنفيذه.
ولضمان جدية هذا الحوار الوطني الليبي يجب أن له هدف وشعار محددين، ليس من أجل "الشو الإعلامي" ولكن للتوافق عليه والوصول إلى الصياغات التنفيذية اللازمة، ولعل من الأهمية بمكان تحديد هذا الهدف بالآتي: "ليبيا للجميع.. وبالجميع نحقق دولتها".
وهنا يجب أن يكون هذا الهدف واضحًا جليًّا بكل شفافية، ليس به أي مجاملات أو استخدام لأساليب دأبنا عليها خلال السنوات الماضية، هذه الأساليب يجب أن تنتهي بمجرد بدء الحوار، على أن يكون التأكيد على أننا نتحاور من أجل تنفيذ هذا الهدف، واضعين في اعتبارنا جميعًا إبعاد كل من قتل الليبيين أو ساهم في قتلهم، وكل من عذب الليبيين أو أمر بتعذيبهم، وكل من اغتصب الليبيات أو ساهم في اغتصابهن، وكل من سرق الأموال الخاصة والعامة لليبيين والليبيات أو تواطأ على ذلك.
كل هؤلاء لن يشاركوا معنا في ليبيا للجميع إلا بعد تقديمهم لمحاكمات ومساءلات وأخذ الحق منهم، وإلى أن يتم ذلك فلهم أن يعيشوا معنا في سلم اجتماعي يشبه الهدنة إلى أن يتم أخذ الحقوق منهم بحكم القانون أو بالتراضي والصلح من قبل أصحاب الحق.
إن الصدق والمصداقية يجب أن يكون بداية جدية للحوار الوطني وعلينا أن نغلق باب التآمر والفتن ونعدم إلى الأبد "أسطوانات" استخدمت كثيرًا واستعملت استعمالات رديئة في التفرقة بين الليبيين، مثل الأزلام والجرذان والأعوان والثوار وغيرها من الألفاظ التي تفرق ولا تجمع، ولا نبقي إلا على الشهداء والمصابين تكريمًا لهم؛ لأننا نريد أن نبدأ صفحة جديدة حقيقية في "ليبيا لكل الليبيين".
وفي تصوري يجب أن يحضر الحوار كل أعضاء المؤتمر الوطني العام وتقود جلساته رئاسة المؤتمر، كما يحضره ممثلون عن مشايخ القبائل الليبية وبعض الحكماء، وممثلون عن النازحين والمتضررين مثل تاورغا وبني وليد وغيرهما، وكذلك يحضره ممثلون عن أسر الشهداء وممثلون عن الثوار والليبيون النازحون إلى الخارج... وأقول هنا للجميع: إن شرط المشاركة في هذا الحوار هو ألا يكون بينهم من قام بالأفعال المشار إليها في بداية هذا المقال.
إن الحوار الوطني يجب أن يتناول الأمور الأساسية التي ستوضع في الدستور، مثل مناقشة الشكل العام لنظام الحكم والسلطات ولغة الدولة الرسمية ودين الدولة وغير ذلك من الأمور ذات الخطوط العريضة لتقديمها كمقترحات للجنة الدستور ولا تفرض عليها؛ باعتبارها منتخبة من الشعب.
ويجب عندما نقر الحوار الوطني وندخل قاعته أن تكون لدى الجميع قناعات مسبقة بأن تحقيق الهدف هو الأساس وأن الجميع جاء لبناء ليبيا الجديدة، فلا يمكن أبدًا لليبيا بعد ثورة فبراير أن ترجع إلى نظام ما كان يسمى بـ"الجماهيرية"، وهذه حقيقة يجب أن يستوعبها جيدًا إخواننا من أعوان النظام السابق في الداخل والخارج، وعلى هذا الأساس وحده يتم الدخول في الحوار الوطني.
والمعروف أن الحوار الوطني له أصول مهمة يجب التطرق إليها هنا وهي كالتالي:
أولاً: الاعتراف بأن هناك رأيًا يخالف رأيك كمشارك في الحوار، وعليك احترامه والتحاور معه في التفاصيل لتصل مرة واثنين وثلاثة إلى نقطة تلاقٍ، بما يعني أن الحوار يجب أن يبنى على أساس الاعتراف بالرأي الآخر.
ثانيًا: أن نستمع من يتحدث ولا نقاطعه مهما كانت الأسباب ونصبر حتى تكتمل رؤيته- أقول ذلك للأسف، وأنا أعلم أن هذا بالنسبة لليبيين والعرب قد يكون صعبًا إلى حد ما- ولكن المهم أن نستمع لكل الآراء ونعطي المتحدث حقه ووقته الكافي في الحديث ونسجل ملاحظاتنا ونرد ونفند آراءه بالحجة والمنطق. ثالثًا: يجب البعد عن التشنج وتحويل الأفكار المطروحة أو المواضيع التي يتم مناقشتها إلي أمور شخصية وشخصنة الحديث أو تحويله إلى حديث جهوي ما دام المتحدث من هذه الجهة أو تلك.
رابعًا: يجب على من يدير الحوار أن يتحلي بالصبر وإطالة النقاش وإعطاء الفرصة للجميع، ولا داعي للوصول إلى قرارات سريعة، وفي نهاية كل حلسة يتم التلخيص ويقرأ على المجتمعين، على أن تتولي إدارة مؤتمر الحوار الاجتماع بعد كل جلسة مع أصحاب الآراء المتعارضة للتقريب بينهم للوصول إلى قاعدة يتلاقى فيها الجميع كحد أدني للموضوع المختلف عليه.
وأخيرًا، يجب أن يصدر من هذا الملتقى الحواري الوطني ميثاق شرف وطني يعتمده الموتمر الوطني العام وتستعين به لجنة الدستور في وضع الصياغات الهامة للدستور.
د. إبراهيم قويدرi_guider@yahoo.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق