المجالس البلدية المنتخبة خطوة مفصلية في مسار بناء الدولة
المجالس البلدية
المنتخبة خطوة مفصلية في
مسار بناء الدولة
18/4/2014
د . يونس فنوش
نعيش
هذه الأيام استعدادات حثيثة لإنجاز انتخابات المجالس البلدية في عدد من
المدن والبلدات الليبية. ولا شك أن المجالس البلدية التي انتخبت وسوف تنتخب
وفق القانون الصادر بالخصوص، مرشحة لأن تقوم بدور حيوي ومهم في إعادة
ترتيب الأمور في البلاد، من منظور الانطلاق العمودي من أسفل إلى أعلى. فحتى
نصل على صعيد ترتيب الأمور في قمة السلطة في البلاد إلى صيغة مناسبة، تكون
مهيأة أو قادرة على معالجة مختلف مظاهر التخبط والفشل والعجز التي عانت
منها البلاد طوال السنوات الثلاث التي أعقبت إعلان التحرير، سيكون رهاننا
على أن تتمكن المجالس البلدية المنتخبة، كل في مجال اختصاصه، أي في نطاق
الحدود الإدارية للبلدية، من إنجاز ولو بعض الخطوات الأولية في اتجاه حلحلة
العديد من المشاكل وإزالة العديد من العقبات التي ظلت تحول دون الدولة
وفرض هيبتها من خلال سيادة القانون والقدرة على تنفيذه، وظلت تعوق أي مسيرة
نحو تحسين مستوى الخدمات، وإيصالها إلى مستحقيها وطالبيها حيثما يوجدون،
دون تحميلهم مشاق وتكاليف السفر إلى أماكن أخرى لإنجازها، ناهيك عن إيجاد
آليات مناسبة وفعالة لإنعاش الحياة الاقتصادية، من خلال توفير البيئة
المناسبة لإحياء وإطلاق مشاريع اقتصادية، تعيد الحيوية إلى جسم الاقتصاد
وتوفر المزيد من فرص العمل للشباب ورجال الأعمال.
وإني
أرى أن القانون رقم (59) الصادر بشأن الإدارة المحلية قد أعطى البلدية
اختصاصات واسعة، سوف يتوقف الأمر كله على قدرة المجلس المنتخب في كل بلدية
على ممارسة هذه الاختصاصات وتحويلها إلى منجزات حقيقية فعلية، يلمس
المواطنون آثارها على أرض الواقع.
وإذا
أضفنا إلى الاختصاصات ما نص عليه القانون من تخصيص ميزانيات ممتازة
للبلدية، وما منحها من صلاحيات استثمار نسب كبيرة من عوائدها المحلية، من
رسوم وضرائب، فإننا سوف لن نقبل من أي مجلس بلدي أن يتحجج بضعف الإمكانات
أو نقص الموارد، لتبرير عجزه عن الفعل والإنجاز.
ومن
هنا فإننا يمكن –على الأقل نظرياً- أن نراهن على أن تمكن كل مجلس بلدي من
ممارسة صلاحياته بفعالية وكفاءة في نطاق الحدود الإدارية للبلدية، سوف يؤدي
بالضرورة وحتماً إلى تحسن الأوضاع في نطاق البلديات التي آلت صلاحيات
الإدارة فيها إلى مجالس منتخبة، ومن ثم تحسن الأوضاع في البلاد كلها.
بيد
أن مجلساً بلدياً مكوناً من تسعة أعضاء، مهما كانوا جيدين ومؤهلين وذوي
كفاءة، لن يكون وحده قادراً على تحمل المسؤولية، فالمهام المطلوبة في منتهى
الصعوبة والتشابك، لا سيما أن هذه المجالس سوف تجد نفسها مضطرة للبدء
أحياناً من تحت الصفر، وسوف تجد نفسها أمام معطيات واقعية: مادية وبشرية
وثقافية، بالغة السوء. ومن هنا فإني أرى أن هذه المجالس لن تستطيع أن تقوم
بواجباتها ما لم تجد عونا وسنداً ودعماً لها من أبناء الوطن في المجتمع
المدني، من المختصين وذوي الخبرة في مختلف المجالات التي سوف يحتاج المجلس
البلدي للعمل فيها، فيقدم هؤلاء المختصون لها ما يلزم من دراسات علمية
وأبحاث وأفكار تساعدها على إيجاد الحلول والمعالجات للمعضلات والمشاكل
والمشروعات التي تحتاج إلى مواجهتها ومعالجتها.
وإني
واثق من أن أبناء الوطن المخلصين، من المختصين وذوي الخبرة، موجودون،
ومستعدون للمشاركة والمساهمة، بما يملكون من أفكار وخبرات، وأثق في أن
كثيرين منهم، مستعدون لفعل ذلك تطوعاً، ودون البحث عن أي مكسب مادي أو جزاء
أو شكور.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق