المهندس / فتح الله سرقيوه
بسم الله الرحمن الرحيم
(وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)
صدق الله العظيم .
ربما
لا يزال البعض لا يفهم أن ذلك الرتل المُدجج بالأسلحة والذخائر الذى
تمركّز على مشارف بنغازى وكأنه ترسانة حربية مُجهزة بأعتى أنواع الأسلحة
الثقيلة والخفيفة ،، قد جاء لمجرد القبض على مجموعة مُتمرده تتواجد أمام
محكمة بنغازى أو إخماد ثورة شعبيه أو إنتفاضة عابرة أو مسيرة غضب عاديه
إنطلقت شراراتها فى مدن وقرى ونواجع المنطقة الشرقيه .
ولكن الأمر هو أكبر من ذلك حيث تم تجهيز خيوط المؤامرة بدقة وإحكام شارك
فيها خبراء من دول مساندة لنظام القذافى ، غير أنهم نسوا أن فى الوطن رجال
إستشعروا أن هناك أمر (دُبّر بليل) وأن هناك أمراً سيُنفذ كما أمر به
الطاغية وإبنه حيث أفاد قبل ساعات من يوم 19 مارس 2011 بأنه قد وفّرّ ممراً
آمناً لمن يريد (الهروب) كما صرّح فى القنوات الفضائية علناً وهنا تكشّفت
المؤامرة وهى أكبر من إخماد ثورة أو إنتفاضة بل هو تغيير الديموغرافيه
السكانية بالكامل فى المنطقة الشرقيه (برقه) ، وذلك بطرد وتهجير قبائل
وعشائر وعائلات جميع مدن وقرى ونواجع المنطقة خارج الحدود ويعنى هنا ما بعد
منطقة السلّوم بالصحراء الغربية المصرية .
ولكن الله تعالى كان فى عون أبناء المنطقة الشرقيه (برقه) الذين تفهّموا
المؤامرة فقد كانت الإستعدادات والتجهيزات التى قام بها نسور الجو فى مطار
بنينه وطبرق دوراً كبيراً فى تأخير تنفيذ تلك المؤامرة بالرغم من قلة
الإمكانيات ونقص قطع الغيار للطائرات التى أكل عليها الدهر وشرب وهى فلسفة
النظام السابق بنقل كافة الأسلحة المتنوعة وتخزينها فى غرب ليبيا والمنطقة
الوسطى (سرت) تحديداً وكأنه يعلم علم اليقين من أن المنطقة الشرقيه
(تكرهُه) وهذا أمر يعلمه الكل حيث كان الطاغيه يحقد على أهل المدن والقرى
فى المنطقة الشرقيه ويتوقع منها التمرد والإنتفاضة فى أى وقت ولهذا جرّدها
من الأسلحة القتالية .
قبل أن أواصل كتابة مقالتى هذه …. أقول أنه فى تاريخ 17/3/2011م كنت فى
مهمة من قبل جمعية عمر المختار وهى الرحلة الثالثة فى تلك الفترة الصعبة
وذلك لزيارة الجرحى والإستفسار عن أحوالهم وأوضاعهم وإجراء بعض الإتصالات
مع قبائل أولاد على وغيرهم بمطروح ، ولزاماً عليا وللتاريخ الذى يسجل كل
كبيرة وصغيرة ورداً على كل من يصف الشعب الليبى بعدم الوفاء وتجريدهم من
هذه الصفة السامية والقول عنهم ( لو أنهم كانوا حراساً للجنة فسيقولون لسيد
الخلق لا تدخل لأن عمك .. كذا) لا حول ولا قوة إلا بالله .. فكيف نستخدم
إسم سيد الخلق والدين الإسلامى بهذا الشكل وسأعتبر ذلك زلة لسان كغيرها
بالرغم من أننا تعبنا من زلات اللسان المتعددة من قبل الساسة الجدد .
لقد غادرت درنه فى يوم 17/3/2011م إلى القاهرة حيث قابلت هناك المسئولين
على علاج الجرحى الليبيين وهم عبارة عن جمعيات إنسانية وبعض من المتطوعين
وأهل الخير ولا وجود للجهات الرسميه الحكومية فى تلك الفترة ،، واذكر منهم
(جمعية شهداء 17 فبراير من مدينة بنغازى والتى تُدار بواسطة الأستاذة /
أمال الزوى ـــــ و جمعية ليبيا الحرة التى يُمولها رجل الأعمال الحاج
حسونه طاطاناكى ويتابع أعمالها السيد / أحمد وطنى ومعه الدكتور / عبدالحميد
الزواوى الذى كان مُكلفاً بتقييم الإصابات وتحديد العلاج المطلوب ـــــ
وكذلك البعض من أهل الخير ليبيين وعرب من جميع الدول العربية .
وكان علاج الجرحى يسير بصورة ناجحة فى جميع المستشفيات المصرية ومنهم من
تم إرساله إلى عواصم عالمية لإجراء عمليات جراحيه متقدمه وقد كانت تلك
الجهات الإنسانية التى ذكرتها تتابع الحالات المصابة بكل مصداقية وإنسانية
ولن أنسى يوم وجودنا فى مستشفى (القاهرة التخصصى بمنطقة روكسى ) عندما
وجدنا المرافقين للجرحى وهم خارج المستشفى فى وضع إستننفار حيث افادوا بأن
هناك بعض من أتباع الطاغية المتواجدون بمصر يحاولون الإعتداء على الجرحى
ولعل الجرحى فى تلك الفترة يتذكرون ذلك جيداً … وهنا أناشد النائب العام
لفتح ملف حول هذا الموضوع والتحقيق فيه لمعرفة من قام بتلك الإعتداءات
بمجرد إستلام المجموعة الهاربة من أتباع النظام فى مصر والتحقيق معهم .
وفى يوم 18/3/2011م تواجدت بمستشفى (المركز الطبى بالإسكندريه) بمنطقة
إسموحه وكانت إصابات الجرحى تُدمى القلب وهناك عمليات بتر أجريت للعديد من
الثوار الأبطال فى عمر الزهور ولكن الليبيين أوفياء لوطنهم وأهلهم فماذا
تعنى أطراف الجسد بالنسبة لحرية الوطن وسلامته ؟؟ وأحب أن أنوّه أننى قمت
بتسجيل قوائم الجرحى والمصابين وحالاتهم بكل تفصيل فى ذلك اليوم ليكون
مرجعية للتاريخ إضافة إلى أن جمعية عمر المختار قد أرسلت تلك القوائم إلى
المجلس الإنتقالى الوطنى فى حينها .
هؤلاء
هم الجرحى الأبطال ، ولا ننسى أولئك الشرفاء الذين تدافعوا إلى المستشفيات
فى مصر لتقديم العون والمساعدة ولا يمكن أن نسمح لآى كان أن يصف الليبيين
بأنهم ليسوا أوفياء مهما كانت المبررات ، ولولا وفائهم لما إلتفوا حول هذا
وذاك فى أصعب الظروف دون مراعاة للتاريخ والسيرة الذاتيه فقد كان همهم
الوحيد هو خلاص ليبيا حتى ولو كان على أيدى من كانوا يعملون مع النظام ما
دام عندهم حسن النوايا لأخذ زمام المبادرة والتواجد فى الصدارة مما إعتبره
الليبيون نوعاً من الشجاعة ولعلها تكون تكفيراً لتواجدهم فى حكومة الظلم
والنهب وهم أهل القانون والعدل أو أنهم كانوا يأتمرون بأمر ذلك النظام
وأبنائه ولا أحدد شخصاً بعينه بل كل من ينطبق عليه هذا الوصف وتوارده نفسه
بالإساءة إلى الشعب الليبى بقصد أو غير قصد بعدما أعطى هذا الشعب الليبى
العظيم لكل من قدّم نفسه للصدارة فى الأيام الأولى للثورة المكانة
الإعتبارية والزخم السياسى ومنحوه الفرصة إلى أن يتعرف عليه العالم بأسره
حتى ولو كان ليس أهلاً لذلك .
فى ظهر 19/3/2011م ونحن فى مستشفى الإسكندريه بدأت بعض المعلومات تتوارد
بين الجرحى والمصابين بأن هناك (رتل عسكرى) بدأ فى مهاجمة بنغازى وأن هناك
غارات جويه يقوم بها الطيارون على ذلك الرتل كما أن هناك معلومات تقول أن
هناك رتلاً يريد تطويق المنطقة الشرقيه من خلال بوابة المئا تين (أجدابيا /
طبرق) .. وهنا إتصل بى السائق وقال لى أن هناك معلومات خطيره قلت له
سمعتها (وجهز نفسك للعوده) ، وما أن خرجت من الإسكندريه حتى لاحظت إزدياد
فى أعداد السيارات الليبية بطريقة ملفتة للنظر وهو ما أزعجنى ولا شك أنه
ناتج عن أن هناك خطراً يداهم المنطقة الشرقيه .
وهنا توقفت فى مدينة مطروح لإجراء بعض الإتصالات ونتج عن ذلك تحريك بعض
الجمعيات الإنسانية لتجهيز المعونات والإغاثة وتم إخطارها بأن هناك أمور
ربما تصل إلى درجة النزوح من المنطقة الشرقيه ، وهنا كان لوقفة أهلنا فى
مطروح دوراً سنظل نذكره ما حيينا وخصوصاً أولئك الشباب الوطنى بمسجد
(الفتح) بوسط مطروح ودروهم فى تجميع المعونات الإنسانية لنقلها إلى ليبيا
وعلى عجل … وما أن وصلت إلى منطقة (سيدى برانى) حتى شعرت بأن هناك حركة غير
عاديه فى إستقبال المواطنيين الليبيين وتقديم المساعدة المجانية لهم
وإرشادهم إلى الأماكن التى يرغبون الوصول إليها .
فألف
شكر لأهالى سيدى برانى من القبائل العربية الأصيلة ، وفى فجر يوم
20/3/2011م وبالقرب من هضبة السلوم لاحظت الخيام التى نُصبت على الحدود
الدولية بين مصر وليبيا إستعداداً لأى طارئ بعدما وصلتهم المعلومات من قبل
أهالى مطروح الذين كانوا يتحركون بكل إيجابية من أجل سلامة أهلهم واقاربهم
فى ليبيا وللأسف ما لفت نظرى أن هناك شخصية كانت تصول وتجول فى الإعلام فى
داخل الوطن وقد كانت هذه الشخصية مع الأسرة فى سيارة فخمة تجرى لقاءً
صحفياً مع إحدى القنوات الفضائية ، فقال لى السائق يبدو أن هذا (أمليخ) أى
شد الكياس كما يقول أهلنا فى طرابلس (هرب) وأضاف السائق يا سبحان الله
اليوم ليس يوماً من أيام الخروج من ليبيا بل العودة إليها وخصوصاً لرجل
مسؤول كهذا ….
وأود الإضافة بأننى أطلعت بعض وجهاء مطروح من الذين نثقوا فيهم وتربطنا
معهم علاقات دم بأن هناك مجموعة إرهابية كانت قد سافرت من تونس إلى القاهرة
وبجوازات سفر جديدة وبرقم مسلسل وربما هذه المجموعة الإرهابية لديها
الأوامر بتنفيذ أعمال إرهابية ضد شعبنا فى المنطقة الشرقية ، وهو الأمر
الذين لاحظناه عندما وصلنا إدارة الجوازات بالسلوم ، أنها قد فتحت مكتباً
جديداً مُستحدثاً ليستلم الجوازات الليبية والتدقيق فيها قبل منحهم الخروج
من مصر بالرغم من أن الخروج لايكاد يذكر ولكن الدخول لمصر بأعداد مأهولة
جداً ، وهنا تأكدت أن هناك إجراءات قد أتخذت لمنع أى مشتبه فيه من دخول
ليبيا .
وفى الختام أود أن أحمد الله تعالى على نجاة أهلنا فى المنطقة الشرقيه
ونجاة قبائلها وعائلاتها من تلك المؤامرة التى لو نجحت ما كان أحد من الذين
شاركوا فى الثورة منذ إنطلاقتها فى 17 فبراير 2011م على قيد الحياة وبأى
دور كان ولو كان هُتافاً فى ساحة من الساحات ولا شك أن السيد رئيس المجلس
الإنتقالى ومن معه سيكونون فى مقدمتهم ، وبداية أحييى جمعية عمر المختار
وأعضائها من أصحاب المواقف المشرفة ، وأناشد السيد المستشار أن لا يستهين
بأى عمل تم تقديمه لثورة فبراير وأن لا يستخف بوفاء الشعب الليبى العظيم .
فالكل قدّم ما يمكنه حتى ولو دعوة بعد صلاة الفجر يسأل الله فيها حماية
هذا الشعب الطيب الذى طالما أهين وظلم وسُحق من قبل ذلك الطاغية وأتباعه ،
فالشكر كل الشكر لكل من أعطى لليبيا من الداخل والخارج وأخص الوقفة
الإنسانية لجامعة الدول العربية ودولة قطر الشقيقة والإمارات ومجلس الأمن
والدول التى سارعت بإنقاذ وحماية الشعب الليبى وتوجيه الضربة القاسمة لذلك
الرتل وأقصد بها فرنسا الصديقة وذلك على مشارف بنغازى ولا يسعنى إلا أن
أشيد بأهلنا فى مطروح الذين أثبتوا أنهم فى مستوى المسئولية ولم يستطع أحد
التأثير عليهم بحجج تاريخية أكل الدهر عليها وشرب.
ولن أنسى رجال ليببا الوطنيين المخلصين الذين حاربوا الظلم على مدى عقود
من الزمن فى المهجر ومن خلال مواقعهم الإلكترونيه وندواتهم ولقاءاتهم
الإعلامية التى يخصصونها لفضح جرائم النظام وإتصالاتهم بالدول المعنية
،،وللأسف اليوم لم نشاهدهم فى الصدارة بل أخذوا خطوة إلى الخلف لأنهم لم
يجدوا مكاناً لوضع أيديهم يليق بما قدموه من أعمال وطنية !!!! وهذا هو
الجحود والنكران من قبل المجلس والحكومة فهل من منصف ينصفهم فى زمن
اللاوفاء . . فنحن أهل الوفاء فى جمعية عمر المختار عندما جمعنا مشائخ
وأعيان وعواقل ووجهاء ومثقفين وكتاب وصحفيين المناطق المحررة وغيرها فى
أكبر تجمع بمدينة البيضاء يوم 19/5/2011م لمساندة الثورة ودعوناالسيد
المستشار ليلقى كلمة فى ذلك الملتقى ،، أليس هذا وفاءً للثورة ودعمها …
نقول لكل الجاحدين من لا يشكر الناس لا يشكر الله …. فعلاً هذه حقيقة بدأنا
نلمسها يومياً على الواقع فى حق الوطنيين والمخلصين لإبعادهم عن الواجهة
خوفاً من تميزهم . والله من وراء القصد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق