الأربعاء، 12 فبراير 2014

عشية ذكرى ثورة 17 فبراير: المتصارعون في ليبيا يعلنون الحرب على المكشوف والشارع يهدد بثورة جديدة

عشية ذكرى

ثورة 17 فبراير: المتصارعون

في ليبيا يعلنون الحرب على

المكشوف والشارع

يهدد بثورة جديدة


جابر نور سلطان


February 11, 2014


11qpt958[1]
بنغازي ـ ‘القدس العربي’:

التناقضات والتقلبات والصورة التي يعكسها الشارع والمسؤول والثوري في ليبيا منذ بداية الثورة وحتى اليوم غريبة واحيانا مفزعة او احيانا اخرى مضحكة.
ومن هذه المشاهد التي يتأملها المراقبون عشية احياء ذكرى الثورة:

الدكتور محمود جبريل مدير المكتب التنفيذي رئيس الحكومة بعد ثورة فبراير المحسوب عند فئة ليست بالقليلة على تيار سيف الإسلام القذافي الإصلاحي، يشن حرباً على خصومه الإسلاميين ويجاهر بتوجيه أصابع الاتهام إلى دولة قطر كونها داعمةً لهذا التيار ليس سياسياً فقط بل بجميع أنواع الأسلحة، علماً بأنه في بداية أحداث الثورة كان يدير شؤون الحكومة في ليبيا من الدوحة، الأمر الذي كان مدعاةً لانتقاد الكثيرين له.

جبريل هو رئيس أكبر تكتل داخل المؤتمر لكنه تكتل هش، لم يستطع الصمود أمام كتلة الإسلاميين الأقل عددا والأكثر فاعلية ومقدرة على الاستقطاب. فشل جبريل وتحالفه ‘الليبرالي’ في خوض المعركة السياسية فقرر نقل المضمار إلى الفضاء الإعلامي وتولت منابره الإعلامية تبعات هذه الحرب، بينما كثف هو من لقاءاته الصحافية.

عمر حميدان المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الوطني )البرلمان الليبي) يشن هجوماً ضارياً على رئيس الحكومة ويتهمه بالفساد المالي.

رئيس الحكومة لا يتورع في رد الهجمات ويتهم الإسلاميين بأنهم وراء إفشال حكومته وأنهم مسؤولون عن تردي الأوضاع في ليبيا.

مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة إبراهيم الدباشي صاحب العناق الشهير والدموع في مقر الهيئة بعد أيام من الثورة يتهم واشنطن والدوحة بالعمل على فرض حكم الإسلاميين في ليبيا. مفتي الديار الليبية يعتبر من لا يقر بفضل قطر ويجحد مواقفها من ليبيا إبان الحرب، هو في مرتبة أقل من الكلب.

متظاهرون غاضبون في ميدان الشهداء بطرابلس يطردون فريق قناة الجزيرة من المكان ويمنعونهم من تغطية التظاهرات في المكان نفسه، الذي قبل أشهر ليست بالبعيدة صدح فيه الهتاف ثناءً على الجزيرة وعلى قطر.

يخرج الليبيون في الشوارع في السابع من شباط/ فبراير ملوحين بالمكانس في إشارة لرفضهم لبقاء البرلمان الليبي بعد هذا اليوم.

عضو حزب العدالة والبناء المنتمي لتيار’الإخوان المسلمين’ خالد المشري يصرح عبر الشاشات أن الجموع التي خرجت يوم السابع من شباط/ فبراير ما هم إلا أطفال مغرر بهم تم استغلالهم. يستشيط المتظاهرون ويتذكرون نعوت القذافي لهم إبان الأحداث والأوصاف التي خلعها عليهم، معتبرين تصريحات عضو جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا، ليست ببعيدة عن توصيفات القذافي لهم.

في الساعات الأخيرة سارع أعضاء من البرلمان بتقديم استقالاتهم عبر القنوات التلفزيونية. في ظل احتدام هذه الأحداث يتواجد رئيس البرلمان الليبي في تونس ورئيس الحكومة في زيورخ.


مدن تعلن العصيان المدني ومدن تعلن رفضها للتمديد.


موالون للتمديد يخرجون في تظاهرات متواضعة رداً على تظاهرات الرافضين.
عبد الله ناكر رئيس حزب القمة وأحد ثوار منطقة الزنتان يحتكم على كتيبة مسلحة، يتوعد أعضاء المؤتمر الوطني ‘البرلمان الليبي’ إذا تجرأوا وحضروا الجلسات بأنه سيقبض عليهم. ويتحداه عضو البرلمان عبد الرحمن الشاطر ويقول سنحضر إلى البرلمان ولتأت بسلاحك وتقبض علينا.

الثوار المسيطرون على المنافذ كافةً يعلنون عدم سماحهم لأي عضو لم يقدم استقالته بأن يغادر البلاد.

لقد باتت الحرب على المكشوف بعد أن كانت تدور في الكواليس وفي الردهات المخفية وأجنحة الفنادق والمزارع القصية.

وربما بعض العواصم العربية والغربية. وظهرت الأنياب بعد أن كانت الابتسامات الصفراء يشهرها كل فريق في وجه الآخر.

شهر العسل الذي كان يفطر عليه المتصارعون من الكتل السياسية ‘الغضة ‘في مطاعم فندق ‘ريكسوس′ يبدو أن مفعوله قد زال وحل محله الحنظل والعلقم.

الكتلة الإسلامية في ليبيا شعرت بالخطر بعد أن سقط حكم الإخوان في مصر ولم يتردد منتسبوها في رفضهم لما سموه بالانقلاب على الشرعية وعلى حكم الرئيس محمد مرسي، وتمرد أعضاء البرلمان الليبي ‘من الإخوان’ على التقاليد البرلمانية وخرجوا ببيان شجب لما جرى في مصر ضد حزب الحرية والعدالة.

على العكس من ذلك سارع رئيس الحكومة الليبية علي زيدان مرشح كتلة التحالف الوطني الذي يحسبه البعض على العلمانيين والليبراليين إلى السفر إلى مصر ولقاء المستشار عبد الفتاح السيسي. كان ذلك كافياً لاحتدام الحرب بين رئيس الحكومة من جهة والكتلة الإسلامية من جهة أخرى.

في ظل هذه الصراعات السياسية اندلعت معارك في الجنوب وظهر على الساحة الليبية بقوة غير مسبوقة أعوان النظام السابق واستطاعوا أن يحققوا نجاحات صدمت الكثيرين.
رئيس الحكومة الذي يعلم أكثر من غيره أنه لا يوجد جيش لديه لأنه – وبحسب مراقبين لم يعمل على تأسيسه بشكل جاد- ركض باتجاه ‘الميليشيات المسلحة’ كما وصفها هو بعد أحداث السبت الأسود في بنغازي التي راح ضحيتها عشرات الشباب أمام إحدى الدروع التي يعتبرها سكان المدينة غير شرعية. وقال إنها غدت جزءا من الماضي، ها هو يستصرخها ويستجديها وتفرض هي شروطها قبل أن تتوجه لمواجهة أعوان النظام السابق. وليس ببعيد المواجهات الدموية التي سقط فيها العشرات من المتظاهرين في منطقة غرغور بالعاصمة طرابلس، أمام إحدى كتائب مدينة مصراتة المتمركزة بها منذ سقوط نظام القذافي، ما أجبرها على مغادرة المدينة.

في خضم هذه الصراعات والتجاذبات، نزيف الدم لم يتوقف، الاغتيالات في كل يوم والتفجيرات وعمليات خطف.

عملية الاغتيال الأبرز في هذا الأسبوع كانت من نصيب النائب العام السابق المستشار عبد العزيز الحصادي في مسقط رأسه مدينة درنة التي لا تجرؤ الدولة الليبية على تسجيل أي حضور رسمي لها أمنياً أو شرطياً أو عسكريا.

الحصادي ليس الأول، فقد اغتيل من قبل المستشار مراد الربوعي والمستشار جمعة الجازوي والمستشار محمد نجيب هويدي والمستشار محمد خليفة النعاس والمستشار يوسف الكريمي. وأيضا استهدفت المحاكم بالعبوات الناسفة. ما أصاب المحاكم ومراكز الشرطة التي دك بعضها دكا واختفت من الوجود ولم يبق منها سوى أكوام تراب.

الشارع الليبي الذي يخرج ضد التمديد للبرلمان يرى أن أعضاءه قد خذلوه، وأنهم عكفوا على تحقيق مصالحهم ومنافعهم ولم ينتبهوا لمصالح الوطن.

ولم يفلحوا في تحقيق أهداف الثورة وتحقيق الأمن والأمان وحماية الناس والقضاء على السجون خارج الشرعية والقضاء على الميليشيات المسلحة وتأسيس جيش وطني وشرطة حقيقية وقضاء عادل ناجز.

رئيس الحكومة يتبارى في تفادي عمليات إسقاطه المستمرة التي يتزعمها التيار الإسلامي. ويرى البعض أن الحكومة لها يد طولى في تحريك الناس ضد البرلمان، كي تنفذ بجلدها من الإسقاط.

بينما يرى أصحاب التيار الإسلامي أن حكومة زيدان حكومة فاشلة لم تستطع إنجاز شيء وأن زيدان شخص دكتاتور ويستقوي بالغرب وينفرد باتخاذ القرارات.
في غبار هذه المماحكات والصراعات والحرب بين الخصوم السياسيين، تشتعل حرب أخرى ضد رجال الجيش والشرطة والقضاء والإعلاميين والحقوقيين.

حرب تتابعها الدولة ‘برلماناً وحكومة’ وكأنها تدور في بلد آخر. فجميع عمليات الاغتيال والاختطاف والتفجير، تسجل ضد مجهول ويخرج المسؤولون ويقولون نحن نعرف ‘المجهول’ لكن أحدا لا يجرؤ على الإفصاح عن هويته.

بين حرب الخصوم وحرب المجهول يدفع الليبيون الثمن من دمائهم وأشلائهم. لكنهم يلوحون من حين لآخر بأنهم قادرون على قلب الطاولة على الجميع، وأن السابع عشر من فبراير، القادم الذكرى الثالثة للثورة قد يشهد أحداثاً جساماً يصفها البعض بالثورة الجديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق