الجزائر: هدوء حذر
في غرداية ونقاط ظل تلغم الوضع
بعد مرور أسبوع على الصدامات التي شهدتها المدينة
الجزائر – «القدس العربي»:
أسبوع مر على الأحداث الأليمة التي شهدتها
مدينة غرداية ( 600 كيلومتر جنوب العاصمة) والتي سقط فيها 22 قتيلا وأكثر
من مئة جريح، بالإضافة إلى خسائر مادية ضخمة، بحرق منازل ومحلات وقطع
للطرق، الأمر الذي أدخل المدينة في حالة شلل، ورغم مسارعة السلطات للإعلان
عن سلسلة إجراءات صارمة لوضع حد لهذا النزيف الذي تتعرض له غرداية منذ
ديسمبر/كانون الأول 2013، فحتى وإن عاد الهدوء إلى المدينة، إلا أن التخوف
من تكرار سيناريو الصدامات المذهبية بين عرب مالكيين وأمازيغ إباضيين يبقى
قائما.
وقال وزير الداخلية نور الدين بدوي في تصريح لصحيفة «الشروق» (خاصة) إن السلطات عازمة على قطع رؤوس الفتنة في مدينة غرداية، موضحا أن التحقيقات متواصلة، لوضع حد لكل المحرضين على العنف، مشيرا بدوره إلى وجود أطراف خارجية تعمل على إثارة الفتنة وتأجيج نارها بين سكان مدينة غرداية.
وأضاف أن التحقيقات مستمرة من أجل الوصول إلى كل الجهات التي تقف وراء العنف في هذه المدينة، موضحا أنه تم العثور على ورشات سلاح، في انتظار الكشف عن مصادر الأسلحة التي أدخلت إلى مدينة غرداية بهدف الدفع إلى الاقتتال بين أبنائها.
واعتبر أن السلطات كانت قد أبدت نوعا من الليونة والتفهم في معالجة المشكل، وأنها حاولت لعب دور الوسيط بين طرفي النزاع، لكن لما وصل الأمر إلى حد تهديد الأرواح والممتلكات فإن الدولة ستتعامل بحزم وبدون أي تسامح.
في المقابل مثل الناشط كمال الدين فخار أمام قاضي التحقيق بمحكمة غرداية، من أجل الرد على التهم المتعلقة بالتحريض على العنف بين المذهبين في غرداية، علما أنه تم إيقافه رفقة 26 آخرين بتهمة التحريض على العنف وتهديد السلامة الترابية للبلاد، في انتظار محاكمتهم.
وتبقى القضية رهينة نقاط استفهام كثيرة، فعدد كبير من المسؤولين يتحدثون عن تورط يد أجنبية يشيرون إلى تواجدها على حدود الجزائر، وهي اتهامات خطيرة، على اعتبار أن الأمر وصل حد إثارة فتنة مذهبية سقطت بسببها العشرات من الأرواح، لكن المسؤولين يتحدثون بالإشارة والتلميح دون التصريح مباشرة، باسم الدولة المعنية بالاتهام، ودون الكشف عن الأدلة التي تدين هذا الطرف أو ذاك، ودون اتخاذ الإجراءات الواجبة في مثل هذه الحالات للرد على تصرف مثل هذا لا يمكن إلا أن يصنف في خانة العدوان.
كما أن أزمة غرداية تعود إلى ستينات القرن الماضي، وتكررت في الثمانينات والتسعينات وفي الالفية الثانية عدة مرات، والأزمة الحالية مشتعلة منذ 2013، فهل استغرقت السلطات كل هذا الوقت لتدرك أن هناك أطراف خارجية تعبث بمدينة غرداية، في حين أن الأزمة عميقة ومتجذرة بين طرفي النزاع، وبالتالي الحديث عن الأيادي الخارجية لن يحل الأزمة وسيجعلها في أحسن الحالات تراوح مكانها، في حين أنه بات من الضروي أكثر مما مضى إيجاد حل نهائي وحقيقي لهذه الأزمة، بعيدا عن الحلول الترقيعية التي أثبتت فشلها خلال العامين الماضيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق