أزياؤنا إن حكت..!
بروين حبيب
(جزء من مقالة)
تستوقفني عبارة الرّاحلة كوكوشانيل: «المرأة غير الأنيقة نلاحظ ثيابها،
أما الأنيقة فنلاحظها هي» وهي أن لم تكن قاعدة مهمة في الحياة، فهي ملاحظة
دقيقة جدا وتختصر نظرة الإنسان للآخر بشكل عميق.
ومهما توالت نظريات من يتبنون نظريات أخرى تبقى مقولة شانيل الأقوى على الإطلاق.
لأن الإنسان وإن كان يعطي نظريات أخرى مناقضة تماما لهذه الفكرة إلا أنه سجين لحكمة شانيل. ذلك أن اللباس يعكس جزءًا كبيرا من شخصية الإنسان، ولعلّ أول من أدرك ذلك صنفان من الناس، الشخص الحرّ الذي يرى أن شخصيته لا تكتمل أن لم يلبس ما يريد، والشخص الذي يدرك أن المظهر جواز سفر نحو ما يريد… لقد استعمل اللباس وسيلة لبولوغ غايات مهمة… وقد بدأت موجات الموضة المرتبطة بجنون اللباس قبل أن تهب بعض التيارات الفكرية وتكتسح جوانب مهمة من العالم.
حين نرى قبائل «المورسي» الأفريقية البدائية في برامج تلفزيونية، عارية تماما إلا ما يغطي أعضاءهم الحميمة بخرق بالية، ونعتبر ذلك نوعا من البؤس الذي يعيشون فيه، فيما الناس في تلك القبيلة يشفقون على من يحاورهم ويصورهم لأنهم لا ينعمون بالشمس والهواء وملمس الطبيعة الناعم لهم. يبدو الأمر مثيرا للدهشة تماما حين نرى تلك الجماعة البدائية تتعايش من دون أن تتحرّش بأنثى عارية، وحتى حين يسأل صاحب البرنامج رجلا من هؤلاء عن امرأة أمامه ألا تغريه؟ يجيبه بكل هدوء أنه اختار عروسه.
وكأنّ ما قاله مارك توين على أن «الحشمة» ولدت مع اختراع الثياب يبدو صحيحا، وفي هذا إشارة ذكية أيضا إلى أن مشاعرنا تتغير تجاه الآخر حسبما يرتديه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق