درنة الليبية
مهدت لإندلاع الثورة لكنها
حرمت من التصويت بالانتخابات
26/6/2014
القدس العربي:
لم تستطع مدينة درنة- شرق ليبيا – أن تجني ثمار الثورة التي شاركت فيها،
بل مهدت لاندلاعها وقدمت مئات الضحايا عبر عشرات السنين. مدينة الياسمين
والشلال والورود والسفوح التي تتجلى كلوحات تشكيلية نادرة، والجبال التي
تكاد تعانق أقراط السماء، لم تعد مدينة للفن والبهجة، بل صارت معقلاً
للجماعات المتشددة، وغابت عنها مظاهر الدولة، وانتشرت عمليات القتل اليومي
والاختطاف وتهديد الناس وترهيبهم، وتدمير مزارات دينية تاريخية وهدم أضرحة
لصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم.
انتخابات على وقع قصف الطائرات.
انطلقت العملية الانتخابية لاختيار أعضاء البرلمان الليبي الجديد
الذي يتكون من 200 عضو بينهم 32 امرأة يتنافس عليها 1600 مترشح. في ظل ظروف
أمنية معقدة، وانفلات أمني في معظم المناطق الليبية، وصراعات سياسية على
حساب الاستحقاقات الوطنية. انطلقت العملية الانتخابية وتزامنت مع أخبار عن
العثور عن جثث اغتيل أصحابها بعد اختطافهم واختفائهم، وعمليات استهداف
لمترشحين أحدهم مات في سبها والآخر أدخل العناية في طرابلس، ودك لجامعة
بنغازي بالقذائف، وطيران حربي بشكل مكثف فوق رؤوس الناخبين تواصلاً لما عرف
بعملية «الكرامة» على الرغم من الإعلان عن وقف العمليات الحربية يوم
الانتخابات.والإعلان عن مقتل ثلاثة من عناصر الجيش حصيلة القتلى في بنغازي
عشية الانتخابات حتى تحرير هذا التقرير إضافة إلى عدد من الجرحى.
مدينة استثناء.
«القدس العربي» التقت مواطنين من درنة تحدثوا عن حرمانهم من
التصويت: الكاتب والصحافي ناصر الدعيسي يقول انه بعيدا عن اﻻنتخابات،
وبعيداً عن التشنج السياسي السائد الآن في ليبيا، درنة كمدينة لها خصوصيتها
سياسياً وثقافيا، منذ 100 سنة.محطات كانت فيها دائماً عصية مشاكسة مناكفة
للقائم. هذا جعلها استثناء في الحقب الليبية.لكن أكثر المحطات تأثيراً كان
نظام القيصر حاربها بكل ما يملك حصاراً وتدميراً وتفتيشاً للبيوت.وضرباً
بالطيران حوّل جبالها ووديانها ناراً.ولهذا قاتله شبابها بكل قوة وحينما
اندلعت الثورة كانوا بصدورهم العارية على جسر «طابلينوا» في بنغازي. هذه
المنعطفات كلها تداعت على درنة في غياب كامل للدولة الجديدة، واحتضانها
لجرح غائر خلقه القيصر وسممه في أول الثورة، بتهم صاغتها أجهزته لشق درنة
عن مدن أخرى في الثورة. وأضاف: غياب درنة عن انتخابات لجنة «60» ومجلس
النواب.لأن المؤتمر والحكومة معا، أرادا لدرنة بيت الطاعة والترهل
المجاني. لم يأت رجل دولة ﻻ من اﻻنتقالي وﻻ مؤتمر ريكسوس، وﻻ حكومات جبريل
والكيب وزيدان والثنى لحلحلة وضعية المدينة ولو على مراحل استمر (الستتيك)
السياسي واللامبالاة والشطح والتشويه المبالغ فيه حتى تورطت درنة فى واقع
أصبح كأنه قدرها. وكأنها تغرد خارج سربها الليبي المرهق. وختم الدعيسي
بالقول «القضية ليست ضيقة الأفق ليست انتخابات، بل قضية مدينة ملفها من
أصعب الملفات أمام أي حكومة قادمة، وأمام أي دولة تسعى للبناء. هناك غياب
شامل عن منطقه ستظل سهما في خاصرة الوطن، لأن النخب السياسية الفاشلة، لم
تكن في حجم المسؤولية الوطنية».
تغييب 185 ألف ليبي عن ممارسة حقوقهم.
الناشط الحقوقي عبد القادر الباح يقول إن «درنة المدينة الوحيدة
التي لا تنتخب أو لنقل درنة استبعدت أصلاً من الانتخابات، على الرغم من أنه
تم تقديم اقتراح من مؤسسات المجتمع المدني بالمدينة للمفوضية العليا
للانتخابات، حتى يتم استبدال الانتخاب بالصندوق في درنة بالتصويت عبر وسائل
الاتصالات كي لا يضيع هذا الاستحقاق على مواطني المدينة وتصبح سابقة
ديمقراطية خطيرة… خصوصاً أنه تم اعتماد التسجيل بتقنية الاتصالات بعد منح
الناخبين متوالية رقمية خاصة لكل ناخب، توضع إلى جانب الرقم المراد انتخابه
في رسالة لا تسجل إلا مرة واحدة، ليكون صوتا واحدا». ويقول الباح ان
«الظرف في درنة خاص واستثنائي، بتطلب حلاً خاصاً استثنائياً، فحل استخدام
تقنية الاتصالات هو الأفضل ديمقراطياً كحل استثنائي بدلا من تغييب 185 ألف
مواطن ليبي عن ممارسة حقوقهم التي تمنحها لهم المواطنة»… واضاف: يبدو أن
وراء الأكمة ما وراءها فتم استبعاد درنة من الانتخابات بقرار رسمي بدلا من
إيجاد حل. وقال الباح ان المواطن في درنة يشعر بأن هناك من يستغل ظروف درنة
الاستثنائية.لإنزال عقوبة جماعية وتغييبهم المتعمد عن استحقاقين حتى الآن،
واقتراح استخدام تقنية الاتصالات الموبايل أو النت عن طريق متوالية رقمية،
كان الأجدى، فالصندوق ليس قرآناً منزلا.
درنة بين مخالب القاعدة.
يرى المعلم حسن العبيدي انه «يبدو أن قدر مدينة درنة أن تظلم عبر
العهود المختلفة، ظلمت في عهد الملك وظلمت في عهد القذافي، وها هي تظلم
بأشد أنواع الظلم والبطش في عهد ثورة، كان لأبنائها نصيب وافر في المشاركة
في جميع مراحلها، وتقديم التضحيات، لكن للأسف تركت درنة وحيدة تسقط بين
مخالب التنظيم الإرهابي الدولي، الذي يقتل أبناءها وتهدم أضرحتها ومعالمها
الحضارية». وتساءل: عن أي انتخابات تتحدثون؟ ولا من يحرك ساكنا، وقال ان
الناس ينشدون الأمن والأمان أكثر من أي شيء آخر. فتحية الشاعري الموظفة في
احدى مؤسسات الدولة تقول: درنة لا تنتخب، وكأن درنة خارج ليبيا وخارج السرب
وخارج آي شيء ولا نعلم عنها شيئا ولا فتوى تخصها، ولا بيان لم نسمع عنها
شيئا. وتساءلت في استهجان «درنة مدينة المثقفين والمتحضرين لا تنتخب؟ عاصمة
الفن والجمال لا تنتخب؟ مسؤولية من؟ بل وخطيئة من؟ كيف تترك مدينه كاملة
يقطنها مئات الآلاف من الليبيين فريسة سهله لقوى الظلام تختطفها؟
تحذير الأحباب من خوض الانتخاب.
وكان تنظيم أنصار الشريعة الذي يسيطر عناصره المسلحون على مدينة
درنة اصدر بياناً سماه «تحذير الأحباب من خوض الانتخاب» حذر فيه المواطنين
من خوض الانتخابات معتبراً دين الديمقراطية تكون فيه الانتخابات مشاركة في
ترشيح أشخاص يضعون دستوراً وضعياً به قوانين البشر أو وضع الشريعة عرضة
للاستخفاف بالاستفتاء عليها. وأن الانتخابات تجيز ترشيح النصراني واليهودي
والمرتد الذي ارتكب ناقضاً من نواقض الإسلام كالعلماني وساب الدين وترك
الصلاة. ويضيف البيان في موضع آخر: في دين الديمقراطية تعد الانتخابات
وسيلة لترشيح مجلس النواب الذي يقر قانون مكافحة الإرهاب وهذا فيه نصرة
للصليبيين على المجاهدين. وأن الانتخابات تساوي بين المسلم الموحد والمجرم
المرتد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق