الميلشيات الليبية المسلحة
تضع الدولة فى مواجهة مباشرة
مع الولايات المتحدة الأمريكية..
وتمنع تصدير الغاز
وتهدد بالفيدراليات..
وأمريكا تحمى مصالحها الاقتصادية
فى ليبيا بغطاء قانونى تمهيدا
للتدخل المسلح
الخميس، 21 نوفمبر 2013
قتال بين المسلحين بليبيا
كتبت أمل صالح
اليوم السابع
دائما
هما حجرا الزاوية، فى أى صراع طائفى كان أو إرهابى، دائما فتش عن «المال
وصراع السلطة» والبقاء فى النهاية يكون للأقوى، فى هذه الحالة لا مانع
إطلاقا من استحضار الدين تارة، والدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان باسم
العدالة الدولية تارة أخرى، فى ليبيا الآن يحدث تماما الصراع بين القوى
العظمى دفاعا عن المال وحماية المصالح الدولية الكبرى، خاصة أن ليبيا تمثل
أهم مصدر للمحروقات فى الحوض الغربى للمتوسط، وفى حالة استقرار أوضاعها
ستكون مركز الاستقطاب الرئيسى للاستثمارات والإنتاج الصناعى والزراعى فى
غرب المتوسط، ما يجعلها أغنى بلد فى هذه المنطقة، وعليه، فلن تقبل الدول
الغربية التى شاركت فى إسقاط نظام القذافى بأن تتحول ليبيا إلى دولة فاشلة
ومصدرة للإرهاب والمهاجرين غير الشرعيين.
وبدراسة سريعة لوضع ليبيا السياسى والاجتماعى، وتوابع ذلك على وضعها
الاقتصادى، نجد أن هناك علاقة ارتباطية طردية بين غياب شرعية الحاكم،
وارتفاع حدة العنف، وفقا لأحد خبراء الاجتماع حيث ربط بين "العنف وبين
احتكار السلطة الشرعية" صاحبة السيادة له، ومن ثم توظيفه فى فرض الأمن،
مشيرا إلى أنه لا يستند العنف غير المشروع على أسس المشروعية القانونية، أو
الشرعية السياسية، إذ أنه يتحول إلى أداة لتحقيق مصالح ذاتية، سواء التشبث
بالسلطة أو تفكيك بنية المجتمع، وإعادة توزيع عوائد التنمية، ناهيك عن
العصابات الإجرامية الهادِفة للثراء غير المشروع، حتى وإن وصل الأمر
بالاستعانة بقوى دولية للحفاظ على علاقة الدول الاقتصادية، وفى نفس الوقت
حماية صاحب الكرسى نفسه.
ولأن ليبيا الاقتصادية وحدها تصدر مليون ونصف المليون برميل من النفط
يوميا، لامتلاكها أكبر حقول للبترول، والتى تضاهى الحقول العراقية، إلا أن
انتشار الميلشيات المسلحة، واستخدامها لكارت السيطرة على حقول البترول
كسلاح للضغط على الحكومة الليبية، من أجل تغيير الحكومة الليبية الحالية،
لحكومة إصلاحية تتواءم مع طموحات الشعب الليبى، وذلك وفقا لتصريحات تلك
الميلشيات، وظهور الطموح بإنشاء فيدراليات داخل الدولة، لحماية مصالح تلك
المناطق التى لا يصل إليها الدعم الدولى، كما حدث مثلا فى إقليم "برقا" فى
شرق ليبيا وعلى الحدود المصرية، والذى يعتبر أكثر إقليم يملك حصة نفطية،
أيضا غرب ليبيا منطقة مصفاة الزاوية، وهى ثانى أكبر مصفاة فى البلد.
حيث تبلغ طاقته الإنتاجية "120 ألف" برميل يوميا، إلا أن كل تلك الأقاليم
أصبحت تعمل بأقل من طاقتها، بسبب استمرار سيطرة الميليشيات على حقول
بترولها، فتحول حقل الشرارة، وهو أحد حقول النفط الرئيسية لانتكاسة كبيرة
فى التصدير، إذ تبلغ طاقته "330 ألف برميل" فى اليوم، كما أن مصفاة رأس
لانوف وسط ليبيا، يبلغ طاقتها "220 ألف برميل" يوميا، ما زالت معطلة هى
الأخرى منذ أغسطس الماضى ليتحول التصدير الليبى كله إلى تصدير "300 ألف"
برميل فقط، مما يشكل خسارة كبرى يصعب تعويضها فى اقتصاد يعتمِد على عائدات
المحروقات بنسبة "95%.".
وانخفض معدل تصدير النفط لدول أوروبا تحديدا بعد ما بدأت الميلشيات فى
تنفيذ تهديداتها، وقطع تصدير الغاز الطبيعى إلى إيطاليا عبر البحر المتوسط،
من ميناء مليته، الذى تديره شركة "إينى" الإيطالية، والمؤسسة الوطنية
للنفط الليبية "قطاع عام"، خطوة قد تدفع الإيطاليين والغربيين عموما إلى
معاودة النظر فى موقِفهم من الوضع العام فى ليبيا.
وبالرجوع إلى الوراء قليلا، تحديدا لتصريح رئيس الحكومة الليبية على
زيدان، أو بمعنى أدق التحذير المستتر الذى أطلقه بعد ظهور طموح
الفيدراليات، وسيطرة الميلشيات المسلحة على حقول البترول، من تدخل محتمل
لقوات أجنبية فى حال استمرار الفوضى الراهنة، حين أكد أن لمجتمع الدولى لن
يترك ليبيا هكذا كى تصبح منطقة مصدرة للإرهاب والقلاقل والعنف فى وسط البحر
المتوسط، خاصة أن ليبيا ما زالت تحت طائلة القرار 1970 الذى أصدره مجلس
الأمن فى أواخر أيام القذافى، لتبرير التدخل العسكرى فى هذا البلد.
وهو الأمر الذى بدأت فيه بالفعل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدأت
كبداية تمويهية أو كما يطلق عليها السياسيون "بلونة اختبار"، قدمت مساعدات
لليبيا على الصعيد الفنى، من أجل بناء المؤسسات الأمنية والعسكرية
والقضائية وتكوين الأجهزة اللازمة، من أجل ما أسموه محاربة الإرهاب، حتى لا
تصبح الصحراء الشاسعة فى جنوب الدولة العربية "ملاذاً" جديداً لمسلحى
تنظيم القاعدة فى الشمال الأفريقى، تحديدا بعد تجرؤ تلك الميلشيات على
مؤسسات ورموز الدولة الليبية، بعد اقتحام عناصر مسلحة مقر وزارة العدل
وزارة الخارجية بالعاصمة طرابلس، واختطاف رئيس الوزراء ومن بعده رئيس
المخابرات الليبية بعد عودته من رحلته فى تركيا، كما ستقوم الولايات
المتحدة بتقديم شكل جديد من الدعم للحكومة الليبية، التى تصارع من أجل فرض
سيطرتها على البلاد، بمواجهة الجماعات المسلحة، وذلك من خلال تدريب آلاف
الجنود على يد أخصائيين أمريكيين.
صحيح أن البلد لا يحتاج إلى مساعدات من المانحين، إلا أن تطور بل وتجرؤ _
إن صح التعبير _ قبضة الميلشيات المسلحة التى لم تعد تكتم أنفاس المدنيين
الليبيين، أو تستهين بالدولة ومؤسساتها فقط، وإنما اقتربت فوهات رشاشاتها
من حقول النفط، يهدد بقطع شريان الحياة عن الحكومة المركزية، قد يدفع
القوات الدولية للتدخل لحماية مصالحها الاقتصادية.
ولأن الولايات المتحدة الأمريكية وضعها الاقتصادى لا يحتمل الدخول فى حرب
الآن، ولأن حماية المصالح الاقتصادية ومصالح حلفائها يأتى دائما على قائمة
الاهتمامات، فهى ستلجأ لغطاء شرعى يسمح بدخولها الأراضى الليبية، حيث أعلنت
الولايات المتحدة على لسان وزارة الدفاع الأمريكية، حيث أنشأت الولايات
المتحدة قوة التدخل السريع التى ستستخدمها كسلاح أخير، للدفاع عن مصالحها
الاقتصادية داخل الأراضى الليبية، وهو بحد ذاته سيكون حقا قانونيا وشرعيا
لها، وذلك من زاويتين الأول حق قانونى كامل، فليبيا ما زالت تحت طائلة
القرار 1970 الذى أصدره مجلس الأمن فى أواخر أيام الرئيس الليبى معمر
القذافى.
ثانيا ووفقا لتصريح وزارة الدفاع الأمريكية، فإن قرار تشكيل تلك القوى
العسكرية المعروفة بقوة "التدخل السريع فى شمال أفريقيا"، والتى ستكون من
منتسبى البحرية لتشكيل وحدة مكونة من 500 جندى مزودين بخدمات مساندة كالنقل
الجوى، تمكنهم من الوصول إلى أى منطقة فى أفريقيا تشهد أزمة خلال 12 ساعة
فقط، وستكون قاعدتها العسكرية فى الأغلب فى إيطاليا، جاء على خلفية
الانتقادات التى وجهت للجيش الأمريكى، وعدم تمكنه من إرسال أى قوات لموقع
القنصلية الأمريكية ببنغازى عند تعرضها للهجوم فى سبتمبر الماضى، والتى راح
ضحيتها السفير "كريس ستيفنز" إلى جانب ثلاثة من الأمريكيين.
ووفقا لتصريحات ناصر الهوراى رئيس مجلس إدارة المرصد الليبى لحقوق
الإنسان، فإنه يرى أن الولايات المتحدة تحاول الحفاظ على موقفها أمام الشعب
الأمريكى، الذى أطاح بما يكفى من ماء وجه حكومته عندما فشلت فى حماية
أبنائها بالأراضى الدولية، ولأن الولايات المتحدة وفقا للهوارى تريد الوصول
إلى ليبيا بطريقة "مقنعة"، للحفاظ فى المقام الأول على مصالحها الاقتصادية
التى باتت مهددة من قبل المليشيات الليبية المسلحة، لذا فهى تريد فرض
الوصايا على ليبيا دون انتقاد دولى على غرار ماحدث فى سوريا، لذا فهى
ستستغل وضع ليبيا تحت القانون الدولى لفرض وصايتها عليها، وبالتالى تحمى
مصالحها الاقتصادية _ على حد تعبيره_.
وأضاف قائلا "الأكثر خطورة على ليبيا هو أنها أصبحت مغناطيسا لجذب
المتطرفين فى شمال أفريقيا، وبعد فتح مخازن السلاح فى نهاية عهد ولاية
القذافى، لإسقاط ليبيا فى دائرة العنف المسلح، لدرجة دفعت الحكومة الليبية
نفسها بالاعتراف بفشلها فى حماية شخصها، كما فضل عدد من السفراء الأجانب،
من بينهم السفيرة الأمريكية "ديبورا كى جونز"، مغادرة ليبيا، فى خطوة تدل
على أن عواصمهم تتوقع ظهور مزيد من المخاطِر الأمنية فى هذا البلد، أو ربما
وسيلة ضغط أمريكية جديدة لمزيد من الكروت الضاغطة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق