رئيس اللجنة الأمنية العليا في طرابلس
لـ «الشرق الأوسط»: العاصمة تعاني فوضى
ممنهجة وفراغا أمنيا
هاشم بشر أوضح أن أحزابا
وتجمعات سياسية تسعى لإفشال
حكومة زيدان
القاهرة «الشرق الأوسط»:
قال
هاشم بشر رئيس اللجنة الأمنية العليا للعاصمة الليبية طرابلس، لـ«الشرق
الأوسط»، إن هناك أحزابا وتجمعات سياسية موجودة في المؤتمر الوطني العام
(البرلمان) تعرقل تفعيل الأمن، عبر تعمد التأخير في تسييل الميزانيات
الخاصة بمديريات الأمن في مختلف المدن الليبية، معتبرا أن هناك أحزابا - لم
يسمها - تسعى لإفشال الحكومة الانتقالية التي يترأسها علي زيدان، لكي تأتي
بمرشحها لتولي المنصب.
واعتبر
بشر أن طرابلس تعاني فراغا أمنيا وفوضى، وصفها بأنها ممنهجة، لافتا إلى أن
الاشتباكات المسلحة التي أسفرت عن مصرع وإصابة المئات من المواطنين، يوم
الجمعة الماضي، قد تتكرر في أي لحظة، طالما استمر السلاح بحوزة الميليشيات
التي تقف خارج شرعية الدولة.
وأعلن
بشر رفضه لفكرة الاستعانة بقوات حفظ سلام أجنبية في المدينة، التي قال
إنها تعيش وضعا أشبه ما يكون بوضعها يوم سقوط نظام حكم العقيد الراحل معمر
القذافي، في الـ20 من شهر أغسطس (آب) عام 2011. وفيما يلي نص الحوار..
* كيف هو الوضع الأمني حاليا في غرغور؟ وهل هناك هدم لمنازلها؟
- وكيل وزارة الدفاع أصدر قرارا وكتابا رسميا بهدم المباني التي كانت سببا للمشكلة، وهناك تحركات فعلية لاستخدام بلدوزرات لهدمها.
* لكن حكومة زيدان أعلنت في بيان رسمي وقف الهدم.
- كما قلت لك، فإن هناك بيانا أصدره السيد خالد الشريف وكيل وزارة الدفاع، ولا أعلم ببيان الحكومة.. لاحقا سأتصل للتأكيد.
* من يتولى حماية غرغور الآن؟
-
الكتيبة 161 هي المسؤولة عن تأمين غرغور، وأعلنت أن المنطقة أصبحت تحت يد
الحارس العام، وهناك قرار من النائب العام والمجلس الوطني الانتقالي بوضع
أشياء تحت الحراسة العامة، والممتلكات الموجودة في غرغور هي الآن تحت
الحراسة بقرار النائب العام ووزارة الدفاع.
* وهل خرجت الميليشيات التي تسببت في القتل من دون حساب؟
-
نعم، خرجت، ولكن ستكون هناك لجنة تحقيق عليا لمعرفة ومراجعة أشرطة الفيديو
الخاصة بالمظاهرة ومن إطلاق النار، لأن وزارة الداخلية لديها تسجيل كامل
للمظاهرة من بدايتها إلى نهايتها.
* ولكن وزارة الداخلية قالت إن المتظاهرين لم يطلقوا النار.
-
هذا مبدئيا، ولكنّ هناك تسجيلا الآن متكاملا سيوضح كل ذلك، والتحقيق لدى
مكتب النائب العام، وهناك لجنة عليا للتحقيق حسب طلب أغلب المجالس المحلية
التي تدخلت للصلح.
* بصفتك رئيس المجالس الأمنية بطرابلس.. من ترى المسؤول أولا عن إطلاق الرصاص؟
-
الآن لا أستطيع أن أجزم بشيء، لأن هناك أخبارا متضاربة، لكن المبدأ الأصلي
أن المظاهرة حصلت على إذن بالبقاء أمام مسجد القدس، فتوجهت إلى غرغور،
وهذا هو الخلل الأصلي، وربما يكون هناك أطراف أخرى حاولت أن تتدخل، وتغتنم
فرصة الاحتكاك الذي حدث بين المسلحين والمتظاهرين، وهو ما سيخضع للتحقيق.
* هل هناك إحصائيات رسمية عن أعداد القتلى والمصابين؟
-
نعم، هناك 47 قتيلا، و508 جرحى، ومنهم 60 أرسلوا إلى الخارج، من بينهم 22
في طريقهم إلى الخارج، ومجموعات أخرى توجد في المصحات الخاصة والعامة،
وهناك نحو 20 حالاتهم حرجة جدا، ولا يمكن نقلهم إلى خارج البلاد، وهو ما
يشير إلى إمكانية تزايد أعداد القتلى.
* ما الوضع الأمني في طرابلس الآن بعد تلك الجمعة غير المسبوقة؟
-
طرابلس الآن مؤمنة من الثوار المحليين، وهي الآن أشبه ما تكون بيوم 20
أغسطس من عام 2011، يوم سقوط القذافي، وتساندهم طبعا الشرطة، لكن في الليل
تختفي قليلا، وهناك توجد حواجز وأكياس الرمل، وبعض الحرائق التي تشتعل من
الحين للآخر لمنع الانتقال المسلح من منطقة إلى أخرى، ومع الإضراب العام
الموجود هذا، فإن هناك من يستغل الفراغ الموجود الآن.
* هل في تقديرك طرابلس تعاني فراغا عسكريا لغياب قوات الجيش؟
-
هذا ما ينقص طرابلس في الحقيقة، الشرطة الآن موجودة، وأنا كرئيس لجنة عليا
سابقا وما زلت مشرفا على برنامج التدريب العام وعضو لجنة فنية في التدريب،
أرى أن الشرطة الآن موجودة وتريد أن تخرج، لكن وجود المسلحين بالأسلحة
المتوسطة، وبعض الأحيان بالأسلحة الثقيلة، يجعل على الشرطة ووجودها في
الشوارع خطرا شديدا، وهي غير مدعومة بالأسلحة، فلو كان هناك وجود عسكري
وكتائب عسكرية تؤمن مداخل ومخارج المدينة أصلا، كانت الشرطة تستطيع أن تؤدي
عملها في المدينة، لكن للأسف البوابات الخاصة بالمدينة غير مفعلة، فيدخل
كل من شاء متى شاء، ولا الكتائب المسلحة في المدينة تحترم التجول بالآليات
المتوسطة، ولا رجال الشرطة عندما يقفون في الإشارات الضوئية والتقاطعات.
* هل معنى ذلك أننا قد نشهد اشتباكات مسلحة في أي وقت مرة أخرى؟
-
طبعا، هذا معروف من يوم التحرير، وحدثت عشرات الاشتباكات المسلحة في
طرابلس، لكن أخطرها ما وقع أمس، لأنه حي متكامل توجد فيه مجموعات كبيرة من
مصراتة، وهو بمثابة صب الزيت على النار.
* وفي تقديرك ما الحل الأمني لتأمين طرابلس؟
-
الحل الأمني هو الصمود والاستمرار في دعم الجيش والشرطة، بمعنى أن تكون
الميزانيات والمبالغ التي تُصرف للتشكيلات العسكرية والأمنية، التي كل مرة
تخرج بنوع وشكل جديد، ولا يكون لها أثر، وأرى أن الدعم الحقيقي يجب أن يكون
للجيش والشرطة في المرتبة الأولى، والمرتبة الثانية، أن يُدعى الثوار
الحقيقيون والذين يؤمنون الآن على أرض الواقع ويدخلون في الجيش والشرطة،
بحيث يثقلون مهنيا وفنيا ويعملون طبقا للوائح والقوانين، هذا هو الحل، ويجب
أن تختفي جميع التشكيلات الأمنية في طرابلس ولا تُستثنى قبيلة دون قبيلة
أو مدينة دون أخرى، فهناك أكثر من 50 تشكيلا مسلحا في وسط طرابلس، يفعلون
ما يشاءون ويقبضون على من يشاءون، وهذا لا يمكن، ونحن لا نبرئ بعض الثوار
في طرابلس عن موقفهم من القوات المسلحة، ويجب أن يكون القرار على الجميع،
لتكون العاصمة آمنة تستقر فيها البعثات الدبلوماسية، وتمارس فيها التنمية
ومعارض الكتب وتكون فيها حركة تجارية، وتختفي تلك المظاهر وتكون نموذجا لكل
المدن الأخرى.
* هل معنى حديثك أن طرابلس تعاني من فوضى أمنية عارمة؟
-
طرابلس تعاني من فراغ أمني وليس فوضى عارمة، والآن لو صارت أي شرارة
فستكون هناك فوضى، وقد لا يحدث شيء لمدة شهر أو شهرين، لكن لو حدثت أي
شرارة فستكون هناك عواقب لا يعلمها إلا الله، وقد تتكرر أحداث غرغور في أي
لحظة.
* وأين الداخلية والحكومة من كل ذلك؟
-
الشرطة موجودة، ولكن هذا الشهر فقط هناك كاميرات المراقبة بمدينة بنغازي
مثلا لم تصرف لها المبالغ إلا يوم الخميس الماضي، قبل أحداث طرابلس بيوم،
مع أن هذا الأمر ملحّ، والمديريات لم تسوّ لها المبالغ إلا هذا الشهر مثل
مديرية أمن طرابلس وبنغازي، ولم تسلم الميزانيات الحقيقية للمديريات.
* هل تعتقد أن هذا التعطيل متعمد من الحكومة أو من أي طرف؟
- لا أظن من الحكومة.
* هل تقصد من المؤتمر الوطني المسؤول عن ميزانية الحكومة؟
- من بعض الأحزاب والتجمعات الموجودة في المؤتمر الوطني.
* من تحديدا تقصد؟
-
المواطن الليبي يعرف جيدا أن هناك بعض الأحزاب تريد إفشال الحكومة ولو على
حساب الليبيين، وأقول كمسؤول ومواطن إن هناك بعض الأحزاب تريد أن تفشل
الحكومة، بحيث يأتي مرشحها للحكومة ويكون بيده الحل، والشباب الثائر لا
يريد سوى أن يكون له عمل كريم يقتات منه له ولأسرته، ومن يريد الزواج
يتزوج، وحتى ملف شؤون المحاربين وملف الثوار يتعمد تأخيره، حتى يأتي مرشح
الحكومة ويضع حلولا له، حتى يكسب رصيدا مستقبليا، على الرغم من أن الحلول
كلها موجودة ومطروحة ولا تحتاج سوى التفعيل، وهذا رأيي شخصيا، لأن برنامج
زيدان مثلا تضمن عرض ميزانية استثنائية لم تُقرّر له إلا في الأول من أغسطس
(آب) عام 2013، والآن فقط تسيل تلك الميزانية.
* البعض يتحدث عن احتياج ليبيا إلى قوات حفظ سلام أجنبية، هل تعتقد أن هذا الكلام مقبول لدى رجال الأمن ولدى المواطن الليبي العادي؟
-
لا، هذه فكرة غير مقبولة إطلاقا، والليبيون سيقومون بإصلاح أمورهم فيما
بينهم، ونحن (الليبيين) مثل البيوت العربية القديمة، نوافذها تفتح للداخل
وليس للخارج، وعندما كان الأمر يعجز الليبيين، والعالم كله كان يعلم أن
الأمر يعجزهم، استدعينا قوات لحفظ المدنيين في 2011، لكن الآن الأمر بين
الليبيين، لا أظن أنه سيصل لاستدعاء أي قوات بعد تحرير ليبيا، إن شاء الله،
ومهما كانت المشكلات، فستحل خلال ساعتين أو ثلاث ساعات؛ سيأتي مجلس الشورى
وسيأتي الحكماء، وستأتي المجالس المحلية والعسكرية، وسيُحَل الإشكال.
* الحكومة أعلنت أن الوضع في طرابلس جيد وتحت السيطرة، وبعدها بدقائق جرى اختطاف مصطفى نوح نائب رئيس جهاز المخابرات، كيف ترى الأمر؟
-
هناك أشخاص يعملون على الملفات الأمنية ولا يجب ذلك، لأنه ليس من
اختصاصهم، والمجموعة التي اختطفت السيد مصطفى نوح لا تحرص على أمن ليبيا..
وهل هناك أعلى من نائب رئيس المخابرات للشؤون الأمنية؛ أعلى سلطة أمنية
مخابراتية في ليبيا؟ ومن الذي يريد أن يحقق معه، فإذا كان هذا الشخص أعلى
منه، يعني مثلا النائب العام أو من المؤتمر الوطني، فهو غير مختص، وهناك
جهات خفية تعمل للفتنة ولزعزعة الأمن والاستقرار في ليبيا، وتعمل على ملفات
في ليبيا ليست من صلاحيتها، وإذا كان عندهم ملفات فساد أو غيره كان يجدر
أن يقدموها للنائب العام الذي يحقق مع أي شخص كان، حتى رئيس الحكومة أو
رئيس المؤتمر، فلا يوجد في ليبيا فوضى عارمة، لكن هناك فوضى ممنهجة تُدار
بقدر وتنتهي بقدر، هذه المجموعة التي خطفت مصطفى نوح ما كان ينبغي لها خطفه
بهذا الشكل حتى لو كان لديهم ما يدينه، لأن طريقة خطفه تلك تسيء للدولة
الليبية إعلاميا ودوليا.
* من هذه المجموعة، وهل تُحسب على الثوار؟
- لا أستطيع أن أجزم بذلك، وهناك بعض الأشياء التي لا أستطيع الإفصاح عنها، لأنها لم تُؤكد حتى الآن.
* لكن قيل إنه خُطِف على خلفية فقط أنه من مدينة مصراتة.. هل هذا صحيح؟
- لا، غير صحيح بالمرّة.
* هل تبقى شيء آخر في الملف الأمني تريد أن تضيفه؟
-
إذا أردنا لليبيا أن تكون دولة فعلا، يجب علينا دعم الجيش والشرطة، ونفعل
كل المستحيل لإقامتهما، فإذا نجحنا كان بها، وإذا فشلنا نكون قمنا بالواجب
علينا، لأنه من دون الاثنين لا يمكن أن نبني دولة، وكثير من الثوار يفهمون
خطأ، ويقولون لي:
كيف تكون في حالة الاشتباك بين الثوار وتمكين الجيش والشرطة يخدم عودة
النظام السابق، أقول لهم إنه يجب علينا الالتزام باللوائح والقوانين، بحيث
نكون دماء جديدة للجيش والشرطة لحماية ليبيا بالمفهوم الذي اكتسبناه من
ثورة 17 فبراير، لكن هناك من يفهم فهما خاطئا، ومن يظن أننا نريد أن نسلب
الثوار قوتهم، لكن يجب أن يرجع السلاح للدولة، وعلى حامل السلاح أن يكون
معبرا عن الدولة، لأنه لا ينبغي أن يكون السلاح في جهة والدولة في الجهة
الأخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق