إلى .. سيادة رئيس حكومة الوفاق
غناوة العلم إتقول ...
(أما من سعد لنظّار ** وألا من رقادة ريحهن ).
المهندس / فتح الله سرقيوه
أربع
حكومات إنتقالية مُتعاقبة وأخرى بالمجلس الإنتقالى (محمود جبريل /
عبدالرحيم الكيب / على زيدان / الغويل / الثنى) أهدرت المليارات من أموال
الشعب الليبى ، فهل العيب فى الشعب أم فيهم؟؟ .. وها أنت تأتى سيادة رئيس
حكومة الوفاق مدعوماً ومُحاطاً بحماية دولية ... فإن كنت أهلاً لهذه
المسؤولية الجسيمة سيكون ذلك من حظ والوطن والشعب وإذا كنت غير ذلك تبقى من
رقادت ريح الشعب الليبى وتستمر الكارثة ... هذه ثقافتنا سيادة فائز السراج
ولزاماً عليك أن تعرف ثقافة شعبك وتقترب منه .
لا
شك أن الثقافة التاريخية هى المحرك للسياسى المخضرم الذى يسعى إلى تقدّم
الصفوف وقيادة أى شعب أو أمة كانت ، فلو أنه قرأ تاريخ شعبه وأمته قراءة
جيدة لا شك أن كثيراً من الأمور تنجلّى أمامه ويُمكنه الوصول بسهولة إلى
تحقيق آمال شعبه وإرضائه بإنصاف وعدالة دون إجحاف أو ظلم لأى فئة من الفئات
، صعب على السياسى والمسؤول أو الراعى لرعية أو من يتزعّم أو يقود أى شعب
من الشعوب حتى ولو على مستوى (شيخ قبيلة) ولو لفترة وجيزه ما لم يكن مُلماً
بعادات وتقاليد هذا الشعب المُتعارف عليها ويعرف معانيها وتفسيراتها ويفهم
الموروث الحضارى لجميع شرائح شعبه حتى ولو كانت هذه المفاهيم مُتخلفة بعض
الشئ ولكنه قدر الزعيم أو الرئيس أو الشيخ أو المسؤول لكى ينجح فى القيادة
وإلا تحوّل إلى دكتاتور يحكم بالحديد والنار والظلم ،، وليعلم أنه سيحدث
له ما حدث لغيره أو من كان يحكم قبله ونهايته تكون حتمية وبشعة أحياناً .
يقول
... المثل الشعبى فى برقه الليبية (وزّع اللحم وأعرف وجوه الرجاله) مثل
شائع فى ليبيا وخصوصاً لدى المجتمعات القبلية وللأسف إن إستخدام هذا المثل
الشعبى يصل أحياناً إلى حد التعالى والتطاول والإستخفاف والتقليل من قيمة
الغير إن بدأت المُفاضلة (العرقية) وليس الكفاءة والخبرة والتاريخ ، وهو
مثل شعبى من أهم الأمثلة الشعبيه الضاربة فى عمق تاريخنا الشعبى والموروث
الحضارى فى المنطقة الشرقيه (برقه) ولا يمكن أن نفصل بينه وبين ما يُعتقد
أنه صحيح أو غير ذلك من خلال الممارسات اليومية لهذه المجتمعات وعلاقاتها
مع بعضها فهذا المثل أردت أن أسترشد به فى مقالتى تنبيهاً لما يُثار من
مغالطات حول أساس عدم الموافقة على حكومة الوفاق أو الوفاق السياسى لأن عدم
الموافقة لا يندرج تحت إطار الوطنية والإنتماء الوطنية أو رفض هيمنة الغرب
وتدخله فى شؤون الوطن السياسية والإقتصادية والإجتماعية ، فأنا لا أعتقد
ذلك إطلاقاً وربما يوافقنى البعض وإنما من أجل كيفية توزيع المناصب
والمصالح والإتفاق عليها أولاً...
أقول
... إن الأمر عادى وطبيعى ويندرج تحت إطار المصالح الضيقة فقط جهوية
ومناطقية وقبلية وعشائرية وربما عرقية ، فهناك من يرفع صوته علناُ يُهدد
بالتجزئة والتقسيم للوصول إلى حقوق منطقته أو أهله وهذا ليس عيباً أن
يُطالب الإنسان بحقه ويُصر على أن يتضمنه الدستور ليطمئن على مستقبله
ومستقبل من حوله ، وربما ما دفعه لذلك هو الخوف من ما حدث له من تجارب
سابقة جعلت فئات تُهيمن على فئات ومناطق تُهيمن على مناطق ومدن على مدن حتى
أن شبه قرية فى فترة ماضية كانت تحظى بأكبر خطط التنمية وتحولت إلى مدينة
كبيرة على حساب مدن أخرى وهى بالأمس القريب كانت عبارة عن ممر للقوافل لا
حياة فيها ولا سُبل للعيش ، لأن أبنائها هم من يحكمون وهم أصحاب القرار
لأنهم فى سدة الحكم وبجوار مركز صدور القرارات .
مثل
تلك التصرفات الظالمة عجّلت بالإنتفاضة وغضب الليبيين المحرومين من إدارة
شؤونهم ومناطقهم وحصولهم على نصيبهم فى ثروات وطنهم ... ناهيك على أن هناك
عرقيات فى الوطن تود أن تحظى هى كذلك بحقوقها لأنها ترى فى نفسها أحق من
غيرها من العرقيات الأخرى حتى ولو كان نسبة تواجدها بالوطن لا تكاد تُذكر
... زد على ذلك ما خرج علينا بعد فبراير من أحزاب رؤوسها فى الخارج وذيولها
فى الداخل همهما الهيمنة على القرار الليبى والتحكم فى ثروات الليبيين ولو
بخيانة الوطن .
أضيف
... أن هناك فترة سابقة ساد فيها الظلم وعدم توزيع الثروات بالعدل وهيمّن
من لا يستحق أن يكون فى الصدارة نتيجة لعدم الفرز الصحيح حسب التاريخ
والجغرافية ، وما قدمته هذه المنطقة للوطن وكيف حظيىّ البعض من الذين
تخاذلوا فى فترة من الزمن وخانوا وطنهم وشعوبهم من الذين يُقال عنهم فى
المثل الشعبى (مع كل وارد عطشان) وللأسف قفزوا للصفوف الأولى بما يمتلكونه
من كاريزما التسلق وهم لا يستحقون أن يكونوا فى الصدارة ، هنا لا أعنى
أحداً بعينه فالتخاذل والخيانة لم يسلم منها أحد على مستوى الوطن وهى أمور
نسبية فالقيم والثوابت قليل ما يتمسك بها البعض فى الظروف الصعبة والقاهرة
وفترات الإستعباد والإستبداد ، ولكن تظل هذه الأمور نسبية وتخضع للمقارنة
التاريخية .
هذه
الثقافة من الصعب أن ننسلخ منها بسهولة لأنها كانت المرجعية السياسية فى
تولى المناصب فى النظام السابق وأنظمة أخرى ولم يخلو منها حتى النظام
الملكى فى توزيع المناصب أو أى نظام آخر يخضع فيه المجتمع للقيود القبلية
المتشددة ، تلك الأنظمة توزّع فيها المناصب والمهام بطريقة (الحصص) أو
القرعه ، فكل منطقة من مناطق ليبيا فى النظام السابق تعلم أن نصيبها سيكون
(أمانة كذا ، وزارة كذا ) حتى أن البعض إعتقد أن تلك المناصب موزعة
بطريقة مكانية وجهوية وقبلية ولا للأقليات نصيب فيها ولا للمدن المكروهة من
النظام فى تلك الفترة الزمنية حصة أو مكان ، وكل قبيلة كانت تعلم جيداً أن
قرعتها فى الحكومة العليا على مستوى طرابلس العاصمة أو حكومات المناطق
ثابته حتى أن البعض أصبح يُعلن بأن تلك (الأمانة) الوزارة قرعتنا ولا يجوز
لأحد أن يتعدى عليها وكل من يريد مصلحة من هذه الأمانة كما كانت تُسمى عليه
بالإتصال والإستجداء وتقديم الولاء والطاعة لتلك القبيلة والتقرب منها
لكى يُنهى مصلحته ، حقيقة لا يمكن لأحد أن يتجاهلها أو ينفيها أو يقول أنها
لم تحصل فى تلك الفترة .
هذه
الأمور لا نخجل منها فقد حدثت ولا زالت تحدث وستحدث حتى فى حكومة الوفاق
الجديدة ، ومن لا يملك القدرة على التعامل مع وضعنا الإجتماعى لا يمكنه
قيادة الوطن إلى برالأمن والأمان ..
هذا قليل من كثير فلو أراد السيد رئيس حكومة التوافق
أن يحظى بالموافقة سريعاً دون أى تأخير ، عليه أن يقرأ التاريخ جيداً وهو
متماثل فى ليبيا عامة وأن يتخذ من المثل الشعبى الذى ذكرته فى هذه المقالة
(وزّع اللحم وأعرف وجوه الرجاله) أو (وجوه التريس) مرجعية فى إختيار حكومته
، وأطلب منه ألا يتوقف كثيراً عند المؤهلات العليا التى تُعرض عليه يوماً
بالآلاف ..!! فقد ذكر وزيراً فى النظام السابق أن أكثر من 70 % من
الشهادات العليا فى ليبيا مزورة أو مشتراه من جامعات (غير قانونية) من
جامعات هشك بشك ..!! ، وإذا أردت يا سيادة رئيس الحكومة المُرتقب أو
المُعتمد دولياً أن تتمكن من تحقيق برنامجك السياسى والتنموى والتنفيذى
عليك أن تتواصل مع جميع شرائح الشعب الليبى فى الداخل وتتحدث معهم فى كل
مكان فى المدن والقرى والنواجع والواحات والوديان والسهول والصحارى وأن
تخلق بطانة تخاف الله تعالى تدلك على الخير وتنصحك برد المظالم وتحقيق
العدل فى التنمية وإنصاف المناطق والمدن التى لم تحظى بحقها منذ عشرات
السنين ... فما أجمل العدل الذى يُقدم للرعية على طبق من الكلمات الطبية
وبنوايا حسنة وحتى تتمكن من أن تبنى جسوراً من الثقة مع الشعب .. والله من
وراء القصد .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق