الأمم المتحدة
تثق في الأمازيغ ولا تدعم حقوقهم
بقلم الدكتور /
فتحي بوزخار
حضرت يوم الجمعة الموافق 26 سبتمبر اجتماع مع وفد تحضيري للأمم
المتحدة يسعى للتحضير إلى أول لقاء بين الأشقاء المتحاربين أو بالأحرى
الفرقاء السياسيين وقد أبلغ جميع الحاضرين باختيارها لاستضافة الفرقاء..
ورحب الحضور بما فيهم من أعضاء ورئيس للمجلس المحلي يفرن وعضو المجلس
الأعلى لأمازيغ ليبيا.. ونشطاء من مؤسسات المجتمع المدني.. وعندما أعطيت
لي الكلمة.. سألت: لماذا يقتصر الاجتماع على المتخاصمين فقط.. فهناك بعض
الأمازيغ يقفون على الحياد ويريدون أن يشاركوا في الحوار.. فمازال موقفهم
غير مرضي سواء من المؤتمر الوطني العام.. أو مجلس النواب وحتى الهيئة
الدستورية... يتفق جميع الأمازيغ في الوقوف ضد عودة مخلفات القذافي تحت أي
شكل جديد سواء كان باسم الكرامة أم باسم القبائل الشريفة.. ولكت اجاهل
حقوقهم يقلقهم.
بعد الإجتماع بيفرن ولأسباب لم نعلمها كانت أوجلة المدينة
المقترحة لرعاية الحوار ثم عقد الاجتماع بمدينة غدامس.. وحتى اجتماع السيد
بانكيمون بطرابلس، بعد غدامس بحوالي أسبوعين، لأن الأمازيغ بمثلون 50% من
سكانها وحسب ما عن دراسة خلال حكم القذافي.. تنقلت الأمم المتحدة بين
المدن الناطقة بالأمازيغية لضمان طرف محل ثقة.. وهذا دليل على ثقتهم
بالأمازيغ إلا أنه لا يعني ذلك وقوف البعثة مع حقوق الأمازيغ.. والتجربة
الماضية اثبتت ذلك.
انحياز الأمازيغ لثوار ليبيا مع التردد في البداية!!
نقصد بالثوار كل من يرفض العودة لنظام القذافي والأمازيغ منهم..
فلقد أنتفض الأمازيغ مع بزوغ شمس 17 فبراير بعد أن فرض القذافي العروبة
عليهم، وسميت بها ميادينهم، ولم يتلكك أو يتردد اي أمازيغي حر في الانضمام
إلى صفوف الثوار لما عانوه من ظلم القذافي لهم وتحريم كل ما هو أمازيغي
عليهم ..فالأمازيغ على مختلف شرائحهم من المقاتلين إلى المجاهدين بأضعف
الإيمان ... مع ظهور الجبهة المضادة لـ 17 فبراير أتفق الجميع على وجود
مؤامرة ضد 17 فبراير ومع هذا أنقسم الأمازيغ بين محارب بالسلاح لأعداء 17
فبراير وبين أخر داعي للسلام وداعم بالكلمة فقط .. والسبب هو خيبة الأمل
التي مني بها الأمازيغ بعد إعلان التحرير في 24 أكتوبر 2011.. فجميع رؤساء
المؤسسات التشريعية والتنفيذية، بما في ذلك المفتي، المتناوبة بعد التحرير
اتهمت الأمازيغ بعدة اتهامات: أجندة خاريجية، فتنة، لا يوجد آمان بالمدن
الناطقة بالأمازيغية ولا استطيع زيارتها.. هم من يقطعون النفط ويسببون في
انقطاع الكهرباء، مخربون ..إلخ. ولم تكترث الهيئة التأسيسية لحقوقهم
المشروعة ولم تعبأ بمقاطعتهم للهيئة واستمرت قوانين القذافي الظالمة ومنها
منع الأسماء الأمازيغية.. صحيح أن القذافي قام بتشويه صورة الأمازيغية في
ليبيا وأعتبر من ينادي بها هو عميل للمخابرات الأمريكية والصهيونية.. بل
تجرأ وقال في خطاباته الأم التي تعلم أبنائها الأمازيغية هي ترضعهم السم!!!
نعم تركة النظام السابق ثقيلة ولكن أن يستمر الكره للأمازيغية بعد التحرير
واتهام الأمازيغ بالمؤامرة عندما يتكلمون عن حقهم في ترسيم لغتهم بمناطقهم
.. فهذا سبب وجيه لوقوف بعض الأمازيغ موقف المتفرج بالرغم من انحيازهم
التام لعملية فجر ليبيا.. إلا أن ما حصل مؤخراً من غدر بأهالي ككلة
الأمازيغ المدنيين لم بجعل للتردد أي مكان بين الأمازيغ والجميع مستنفر
ومدافع عن ككلة.. فلا يمكن لآهد نسيان مواقف شبابها في جبل نفوسه أبان
انتفاضة 17 فبراير!!
الدول المجاورة والخوف من الأمازيغية:
ليس من السهل قبول العالم الغربي لأي تحرك شعبي إن لم يستطع
ترويضه وتوجيهه لمصالحه.. وانتفاضة الشعب الليبي بالتأكيد فاجأت الغرب
فأرغمته، ونحترم من يرى أنها مخطط غربي أنجر وراءها الشعب الليبي، على خلق
علاقة معها من خلال التدخل العسكري الجوي.. أرادت حكومة الجارة مصر إعادة
استنساخ انقلاب السيسي في ليبيا رفضاُ للحقوق والتنوع والإختلاف وترسيخاً
للأحادية وثقافة القائد والزعيم الذي يقود القطيع.. مع الإبقاء على نفس
مبررات الإنقلاب.. دغدغة عواطف الناس بفزاعة الغول الإسلامي.. بعد أن نجحت
الاستخبارات العسكرية، لا نستغرب برعاية خارجية، في اغتيالاتها للضباط
الشرفاء بل حتى السياسيين والإعلاميين والحقوقيين وإلصاق التهمة للأسلامين،
بدون أي دليل إدانه!!!!!، بواسطة أبواق الإعلام المضلل كما حصل بالجزائر
بعد نجاح جبهة الانقاذ في الانتخابات..وتصوير الفدرالية بأنها تقسيم
لليبيا كما صورت مناداة الحقوق الأمازيغية بالإنفصالية.. ونحن لا نتفق مع
أسلمة السياسة ونظام الحكم إلا أن هذا لا يعطي مبرر للعودة إلى حكم
العسكر.. حكم العسكر معادي للتنوع والحقوق وهو أمتداد للطرح القومي الأحادي
الشوفاني والذي بالتأكيد يرفض الأمازيغية كما هو لحكم العسكر بالجزائر
الذي قمع الربيع الأمازيغي في الجزائر ولا يريد أيضاً للربيع الأمازيغي في
ليبيا أن تفتح أزهاره فبادر بدعوة أزلام نظام الدكتاتور القذافي للجلوس على
طاولة الحوار مع الليبين وبتنا نرى خروج شخوص النظام السابق كالسيد أحمد
قذاف الدم على الب بي سي.. بعض التابعيين لنظام العسكر في ليبيا يستخدم
اساليب استخباراتيةـ لا تختلف عن مصر والجزائر، لخلط أوراق اغتيالات ضباط
لتدعم مبررات القمع للربيع الشعبي والقصف بالطائرات للمدنيين.. صحيح
الإسلام السياسي عنده من الشوفانية ما قد يتوافق أحياناً مع حكم العسكر إلا
أن التمسك بنتائح الإنتخابات ولو كللت بفوز التيار الإسلامي ضمان
لاستمرارية الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة.. والشباب الليبي
الصاعد لا يمكن ضمه للقطيع أو تركيعه للحكم بأسم الله على الأرض.. ورب
العزة يؤكد على حرية المعتقد وأن الإنسان هو المستخلف على الأرض لبنائها
وأعمارها دون ربط المعتقد بذلك فالإيمان شأن رباني محله القلب ولا أحد يملك
أدوات قياسه.
في الغرب الليبي حاول "القادمون" بأسم القبائل الشريفة العروبية
الدخول في جبة الحكومة المؤقتة ولكن انكشافهم للثوار الشرفاء بما فيه
الإسلاميين حرك الشارع الليبي المعارض لنظام القذافي والتفوا حول فجر ليبيا
بعد أن عاشوا الإرهاب الممنهج في المنطقة الغربية، طرابلس وامتداداتها
وباطن الجبل، من خطف، وقتل، وسلب، ونهب، وتعذيب، وترويع. مع أن معظم الثوار
الشرفاء وقفوا ضد الثورة المضادة إلا أن المحركين السياسيين للحرب قد
انكشفوا في نهاية الحلقة بأنهم بقايا ليبيا الغد "أسلاماوين تائبين ولجان
ثورية لبست عباءة أبن القذافي سيف الإسلام".
ترأست مصر اللجنة السياسية والجزائر اللجنة الأمنية بعد أجتماع
دول الجوار لليبيا بالحمامات بتونس في 13/14 يوليو 2014 وألحق في 25
أغسطس باجتماع وزراء الخارجية بمصر. حكومتي العسكر على طرفي ليبيا يريدان
تمكين السيد المتقاعد اللواء خليفة حفتر وبالتأكيد بعد أن دعموا الاغتيالات
التي ارهبت الشرق إلى جانب ذلك هناك بالتأكيد من يدعم التطرف لتكتمل حلقة
الانقضاض على 17 فبراير وعودة العروبة والعسكر لتكتم أنفاس أحرار
الإنتفاضة، وستدفن معها أي فرصة أو حتى احتمالية حقيقية لعودة الحقوق
الأمازيغية ولو بالنضال السلمي.. وكأنك يابوزيد ما غزيت!!!
من يفتت الدول قابل للتفتيت:
فزاعة سعي الأمازيغ للإنفصال لم تثني عزم الأمازيغ وتأكيدهم على
استمرارية هذا المطلب في ظل حرص العالم والأمم المتحدة على تجاهل حقوق
الأمازيغ.. الإفتراء على الأمازيغ بالتقسيم لا يقبله عاقل فلم يدعي
الأمازيغ يوماُ بأن لهم ارض غير ليبيا ولم ينتموا ولو تاريخياُ لأي جغرافيا
خارج أرض تامزغا.. إلا أنه في المقابل من حق الأمازيغ أن ينفصلوا سياسياً،
وبرلمانياً، إذا لم يتم الإعتراف بحقوقهم اللغوية والثقافية مع الإبقاء
على الحدود الإدارية السياسية لليبيا كما هي.. الدول المنتصرة في الحرب
العالمية رسمت حدود الدول الوطنية إلا أن العولمة خلقت الفضاءات والاتحادات
وساهمة أيضاً في تفتيت المفتت وتجزئة المركب.. وأمام سواحل ليبيا نرى دول
بلغات وأعرق مختلفة تتحد وتشكل الإتحاد الأوروبي وفي المقابل دول وطنية
اتحادية تطالب بالإنفصال.. واسكتلندا تستفتي شعبها للإستقلال عن بريطانيا
العظمى التي هدمت الأمبراطورية العثمانية بخلق السلفية والبعث العروبي،
اسبانيا تؤجل استفتاء كاتالونيا عن الاستقلال.. إضافة إلى شبه جزيرة القرم
التي تدخل في حرب أهلية لتنفصل عن دولة أوكرانيا.. فالعالم الذي قسم
السودان ومالي بحجة غياب الحقوق سينقسم لنفس السبب ولن تكون أمريكا خارج
التقسيم.. المثل الليبي يقول: "يداير يالاقي"..
الحقوق الأمازيغية بين كماشتي العنصرية والتجاهل:
بريطانيا من أعمدة عصبة الأمم المنتصرة في الحرب العالمية الثانية
وهي التي أسست جامعة الدول العربية.. وحرصت بريطانيا وفرنسا "سايس بيكو"
على تخريط منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط لتصديق كذبة وبدعة العالم
العربي السلفي التي ابتدعوها لتحطيم الإمبراطورية العثمانية الصوفية إلى
تاريخ اليوم.. وما زلنا نرى كيف تسخر دول عروبية، نحترم الدول العربية
ونرفض تعريبها للدول غير العربية، لضرب الليبين بالطائرات بحجة محاربة
الإرهاب.. بل وتسعى دول عروبية دكتاتورية لتمكين عودة قبضة العسكر على زمام
الحكم في ليبيا لتضيع دماء شهداء 17 فبراير هباء لا سامح الله!!
بدأت تظاهرات الأمازيغ حالما وواكبها منغصات تلوح في الأفق لرفض
الحق الأمازيغ فبدءً من اتهام السيد مصطفى عبدالجليل بأن للأمازيغ أجندة
خارجية إلى تخطي السيد د. عبدالرحيم الكيب المدن الناطقة بالأمازيغيى على
جبل نفوسة عندما شكل حكومته فكانت التظاهرة أمام مقر رئاسة الوزراء بطريق
السك بطرابلس في 27 نوفمبر 2011 وتبعتها تظاهر أمام مقر بعثة الأمم
المتحدة بقرية النخيل بجنزور في 5 سبتمبر 2012 وتبعتها عدة اجتماعات مع
أعضاء من المؤتمر الوطني الأمازيغي ونشطاء أمازيغ من الساحل والجبل
والصحراء إلى أن اجتمع بلقاء السيد متري مع وفد من المجلس الأعلى لأمازيغ
ليبيا قي 18 أغسطس 2013 إلا أنها لم تأتي بأي جديد ففي كل مرة أعتبر موضوع
تضمين الحق الأمازيغي في الدستور الليبي شأن داخلي لا تستطيع الأمم المتحدة
التدخل فيه.. وكأن دستور 1951 الذي كان برعاية أدريان بلت لم تتدخل فيه
الأمم المتحدة!!!
تظاهرات ولقاءات الأمازيغ مع بعثة الأمم المتحدة بدأت مع السيد
واستمرت مع السيد طارق متري وقدمت فيه العديد من المذكرات الشارحة لحقوق
الأمازيغ حسب ما نصت علية إعلانات ومواثيق الأمم المتحدة من الإعلان
العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والساسية،
ومعاهدة التنوع الثقافي وانتهاء بالإعلان العالمي لحقوق الشعوب الأصلية..
تنتهي اللقاءات بوعود لرفع ما تم في اللقاءات للجهات المسؤولة فقط!!!
المهم رسالة الحقوق الأمازيغية وصلت للأمم المتحدة والتجربة أثبتت بما لا
يدعو للشك خارطة العالم العربي تستمر برعاية غربية والدول العسكرية، مصر
والجزائر، المجاورة تحمي الدكتاتورية وتعريب الأمازيغ.. كذلك أثبتت التجربة
أن من أنجع السبل لتمكين الحق الأمازيغي في الدستور الليبي النضال السلمي
أو كما يسميه المناضل مهاتما غاندي المقاومة غير عنيفة “الساتياغراها”
وذلك برفض المشاركة في أي مؤسسة تشريعية لا تساهم في تضمين الحق الأمازيغي
بالدستور الليبي..
الأمم المتحدة مؤسسة سياسية أم حقوقية؟
الحق الأمازيغ لا تنكره بعثة الأمم المتحدة في السر بينما تصرح
في العلن بإخضاعه للمناورات السياسية التي تنحاز فيها بالتمام والكمال إلى
الجامعة العربية الصادر قرار إنشائها من انجليز بريطانيا. لا ندري كيف تعلن
رسمياً الأمم المتحدة عن الحقوق اللصيقة للإنسان والشعوب الأصلية وتتردد
في ترجمة ذلك إلى عمل؟! بل نجد أن بعض المؤسسات التابعة لها تقوم بأعمال
رهيبة وعظيمة سواء كانت إغاثية أو حقوقية إلا أنه وفي المقابل تجد تلعثم
وإرتباك واضح تجاه الحقوق الأمازيغية المكفولة من الديانات السماوية،
وإعلانات وصكوك وعهود الأمم المتحدة نفسها!!! الظاهر أن الحكومة الخفية تصل
أيديها إلى أروقة الأمم المتحدة وصناعي قراراتها..
عن نفسي لم أشكك يوماً في قدرة الأمم المتحدة على لعب دوراُ
ايجابياً في تضمين حقوق الأمازيغ في ليبيا، وعلى أرض تامزغا، لكن للأسف
الدول المنتصرة في الحرب العالمية مازالت تتعاطى مع الموضوع وكأننا خرجنا
بالأمس من هذه الحرب الشرسة وربما مازالت شبح الإمبراطورية العثمانية
المسلمة ماثل أمام عينيها!!! الواضح أنه يغيب على من يمسكون بخيوط لعبة
الأمم المتحدة إقناع أنفسهم بتغير المعطيات على الأرض .. أو ربما مازالت
مصالحهم مرتبطة بالخليج العربي الذي لم يحن الوقت لإغضابه من أجل ترضية
الأمازيغ بتضمين حقوقهم!!! وقد نرى شواهد واضحة باجتماع الجزائر مع نهاية
الشهر لو كتب له الانعقاد!!! ويبقى انحياز الأمازيغ لليبيا لا يمنع من
المساهمة في التصدي للثورة المضادة برجوع مخلفات النظام السابق في شكل
عسكري أو قبائل شريفة أو حتى برداء إسلامي .. وهذا لا يتناقض مع وجود جسم
أمازيغي منتخب للنضال السلمي السياسي الذي قد يطول فلا يوجد ما يبشر
بالخير!!! تدر ليبيا تادرفت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق