استكملوا القديم.. قبل أي جديد
استكملوا القديم.. قبل أي جديد
من
أخطر سلبياتنا: أن نبدأ العمل في مشروع، أو فكرة.. وينطلق الإعلام في
سيمفونية الطبل والزمر.. ترويجاً ودعاية للمشروع..ثم سريعاً، تعود ريمة إلي
عادتها القديمة.. وينام المشروع، أو يموت.. ويذهب كل ما أنفقناه أدراج
الرياح!!
ودون
أن «أعدد» عدد المشروعات من هذا النوع فالشعب يعرفها جيداً.. وكثيرا ما
تندر عليها وأطلق عليها اسم: مشروعات أبولمعة!! ولكننا دائماً ما نربط بين
المشروع.. وصاحب المشروع.. فاذا استمر المسئول في موقعه ربما ينجح في
إتمام مشروعه.. ولكن بمجرد أن يغادر موقعه يتوقف المشروع..ويموت بالسكتة
القلبية.. سواء كان مشروعاً عملاقاً صناعياً أو اقتصادياً أو حتي زراعياً..
أو كان مشروعاً خيرياً.. ونسينا أن المماليك رغم صراعاتهم كان إذا مات
صاحب المشروع سواء كان مسجداً أو بيمارستان أو قلعة.. انطلق رجاله ليكملوا
ما بدأه هذا السلطان أو المملوك..وربما كان مسجد السلطان حسن ـ وهو كما
يصفه خبراء العمارة ـ أفضل مسجد أقيم في مصر،من حيث عمارته.. فقد أتمة
رجاله، رغم أنه مات قبل ذلك، بل ولم يدفن فيه.. إلا نحن!!
<<
وهذا يجرنا إلي أكبر سلبياتنا الحاليةـ ومن سنوات ـ وهو عدم قدرتنا علي
استكمال ما بدأناه من مشروعات.. وفي كل الاتجاهات والطريف، اننا في نفس
الوقت، ننطلق في انشاء العديد من المشروعات الجديدة.. فهل يجيء ذلك بسبب
عدم قدرتنا علي استكمال ما بدأناه أم لأن كل واحد منا يريد أن يبني هرمه
الخاص به.. وليحمل اسمه من بعده.. والأكثر ألماً أننا نفعل ذلك رغم جفاف ما
تحت أيدينا من أموال.. ورغم أن هناك أولويات نراها أكثر فائدة..
<<
وأغلب الظن أننا نستغل الآلة الإعلامية الخطيرة، في إشغال الناس عن ضرورات
أكثر إلحاحاً.. أو إبعادهم عن التفكير فيها بعد أن اكتشف المسئول فشلها..
ولكنني
أعتقد أن غياب التخطيط هو السبب. إذ لا نملك ـ عملياً ـ خطة واضحة،
متكاملة الأهداف.. خطة نستطيع أن ننفذها علي مراحل سواء كانت خطة خمسية أو
ثلاثية.. تلتزم بها كل الحكومات سواء استمر من وضعها في موقعه.. أو تغير..
ويبدو أننا لا نملك تصوراً للتنمية الحقيقية.. فما يطرأ علي عقل الوزير، أو
حتي رئيس الوزراء، ينطلق ينفذه، ودون أن يعرض علي الناس. وبالتالي يموت
المشروع.. ولكن بعد أن يدفع الثمن، والثمن كاملاً.. ولكن عيبنا أن أحداً
لا يحاسب أي مسئول عما أخطأ.. والشعب نفسه هو الخاسر.. وما نراه هنا هو
استنزاف مستمر لكل ما تحت أيدينا من إمكانات.. وهي للأسف قليلة..
<<
ثم إننا لا نعترف بالأولويات.. وحسب الاحتياجات.. وهذه مع غياب التخطيط
أخطر ما نعيشه، ليس الآن فقط، ولكن منذ سنوات. فنحن نتكلم.. أكثر مما
نعلم.. ولكن أخطر آفاتنا أننا لا نملك محاسبة أي مسئول أخطأ.. وبذلك نفقد
أهم ما نملك دون استفادة حقيقية..
<<
وعلينا ـ قبل أي شيء ـ أن نستكمل ما بدأناه من مشروعات، قبل أن ننطلق في
انشاء مشروعات جديدة.. بشرط أن تتحرك البنوك لدعم المشروعات المتوقفة أو
المتعثرة.. حتي لا نواجه ثورة مئات الألوف من العمال الذين يتم الاستغناء
عنهم مع استمرار إغلاق آلاف المصانع بينما هناك مئات المليارات من الأموال
مخزنة في البنوك دون أي استثمار!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق