قتل القذافي لتغطية ساركوزي
… ومجهولات أخرى
رأي القدس
Nov 18, 2016
كرّر
رجل أعمال فرنسي من أصل لبناني أمس اتهاماته للرئيس الفرنسي السابق نيكولا
ساركوزي بتسلّم أموال ليبية لتمويل حملته الانتخابية عام 2007 وذلك أمام
محققين فرنسيين، والأمر يتعلّق بخمسة ملايين يورو تسلّمها، حسب أقوال رجل
الأعمال، من رئيس جهاز الاستخبارات الليبية آنذاك عبد الله السنوسي،
وسلّمها لساركوزي نفسه ولمدير مكتبه كلود غيان.
معلوم أن حاكم ليبيا
السابق معمر القذافي قُتل في 20 تشرين الأول/أكتوبر بعد محاولة فراره من
مدينة سرت بعد غارة لقوّات يعتقد أنها فرنسية استهدفت قافلة للقذافي
وعناصره.
تم تداول 4 أو 5 روايات لكيفية مقتل القذافي مما دعا المفوضية
العليا لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ومنظمة العفو الدولية للتحقيق في
ملابسات الحادثة، إحدى هذه الروايات وردت في تقرير لمنظمة «هيومن رايتس
ووتش» أكد وجود أدلة على اعتقال القذافي جريحا من قبل ثوار مصراتة الذين
قتلوه، فيما ذكرت رواية أخرى نشرتها صحيفة «لا كوريري ديلا سيرا» الإيطالية
أن القذافي لقي مصرعه على يد «جاسوس أرسله الرئيس الفرنسي وقتها نيكولا
ساركوزي»، كما أن هناك رواية ثالثة نشرتها صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية
تؤكد أن أجهزة الاستخبارات الفرنسية لعبت دورا محوريا ومباشرا في مقتل
القذافي، وأن تحديد موقعه تم بعد اتصال بأحد أتباعه في سوريا وتقديم
المخابرات السورية رقم الهاتف إلى الاستخبارات الفرنسية مما ساعد في تحديد
موقع القذافي وقصفه.
ربط البعض مبكرا بين قتل القذافي مع قضية تلقي
الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي تمويلا من الزعيم الليبي، وحسب رئيس
المرصد الليبي لحقوق الإنسان ناصر الهواري فإن ساركوزي كان أول المبادرين
لقصف ليبيا يوم 19 آذار/مارس 2011، معتبراً أن الحماس الفرنسي في القضاء
على القذافي كان سببه رغبة التغطية على الملف السرّي الشائك لتمويل حملة
2007 الانتخابية.
في القصة كثير من الالتواءات الحادّة، منها ما ذكره
موقع «ميديا بارت» الفرنسي من حصول أمين المال السابق للقذافي المطلوب من
الإنتربول الدولي على تصريح إقامة في فرنسا ثم اختفائه، وكذلك ما ذكره موقع
«سي إن إن» عن ملابسات غريبة تخص الشاب الليبي الذي قتل القذافي ثم سماح
فرنسا بنقله إليها بعد تعرّضه لإطلاق نار «لتوفير العلاج».
لا تتوقف
التفافات القصة عند هذا الحدّ لأن فيها، مثل معادلات الدرجة الثالثة أو
الرابعة في الجبر، مجهولات كثيرة، ومن الممكن أن يكون أحد هذه المجهولات
الجديدة هو توقيت لقيام زياد تقي الدين، «رجل الأعمال اللبناني»، الآن وقبل
الانتخابات الفرنسية، بتحويل المسألة لقضية قانونية ضد شخص بعينه، هو
ساركوزي، وليس ضد المؤسسات الأمنية والسياسية التي كانت تدير اللعبة التي
كان ساركوزي أحد مدرائها (أو أحد تفاصيلها فحسب؟).
نسبيّاً، يشابه هذا
الأمر ما حصل مع المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأمريكية هيلاري كلينتون
حين قام مدير مكتب التحقيقات الاتحادية (اف بي آي) وقبل أسبوعين من توقيت
الانتخابات بفتح تحقيق جديد معها حول قضية استخدامها بريدا الكترونيا غير
رسمي وهو أمر ساهم، بالتأكيد، في هزيمتها ونجاح دونالد ترامب.
وإذا
عطفنا هذا على اتجاه الانتخابات الفرنسية المقبلة، والدلائل والتصريحات
العديدة حول إمكان فوز رئيسة حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف (وآخرها
تصريح يؤكد هذا الأمر من رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أمس)، فإن حل
المعادلة النهائي لن يكون القبض على المتهم بالفساد والرشوة (وهاتان أقلّ
تهمتين يمكن وصف ساركوزي بهما، لو أطلق القانون حكمه ضده)، بل هو فوز جديد
لليمين المتطرّف بكرسيّ آخر في مجلس الأمن وفي قلب أوروبا.